تلكيثارت : موعد لصلة الرحم الجماعي

لم ينته المصلون من صلاة العصر البارحة  بإحدى الزوايا بتلبرجت حتى تحولت ساحة كاناريا أقدم فندق بالحي إلى فضاء للحلقة والحكي تذكرنا بزمن الفرجة بأغلب ساحات المدن المغربية العتيقة…هي حلقات دائرية هنا وهناك… وانت تتوسط هذا الحجيج من زوار مهرجان تلكيثارت في نسخته الثانية.. تكتشف أن المهرجان نفسه تحوّل إلى موعد لصلة الرحم بين الأكاديريين أنفسهم بل وملتقى للاصدقاء تفرقت بهم السبل ومشاغل الحياة وتجمعهم ذكريات الطفولة والشباب منهم ماهو مرتبط بجغرافية هذا المكان الذي احتضن شغبهم ذات زمان… أو ما هو متعلق بذكريات القسم والمدرسة عموما…

يلفت انتباهك هذه القهقهات التى تصلك من إحدى الحلقات فتحاول أن تسرق السمع وتندمج وسط هؤلاء الأطفال الكبار ليفهم من خلال سرد للذكريات أنهم كانوا جماعة القسم يوما ما…وكيف أن فلان طالما كان مشاغبا وكيف أصبح اليوم هادئا.. بل من كان يتوقع أن يصير طبيبا….وكيف أن الآخر الذي يحضر إلى القسم بذلك القلم الذي يحدث صوتا إذا ما جلس عليه المدرس.. لقد أصبح مهندسا الان… يتقاطع الحكي بهذه الضحكات بين الحين والآخر والتسابق في أخد الكلمة للسرد والبوح… ترمق اسارير وجوههم فتلاحظ هذا الارتياح العام نحو الحنين إلى مرحلة بكل شغبها الجميل..

هي الذكريات لها ما يميزها دائما.. إذ لم يعودوا كما كانوا بالأمس القريب… كانت الحياة تعدهم لخوضها.. صنعوا حيوات خا صة.. بات لمعظمهم شركاء حياة.. وأطفال وقصص.. منها ما هو جميل.. ومنها ما يصنف ضمن الهموم التي ولابد أن تعترض حياة الأفراد على الأرض..

كان الوقت كافيا بل حميميا حد تذكر أصدقاء الدراسة الذين رحلوا عن الحياة..

تبتعد شيئا ما عن اللحظات /الذكريات لتعود بك أوتار آلة العود إلى الواقع وانت تلاحظ كيف استطاع هذا المهرجان أن يخلق هذا الاجتماع بين أبناء أكادير باختلاف اجيالهم وأماكن تواجدهم بالمدينة ونواحيها… لتجد أن الجواب يكمن في ارتباط هذه التظاهرة السنوية بالحي…و من أبناء الحي والمدينة… هي قوته وسحره وجماليته…لاغير

وأكادأجزم القول بأن من شاهد عناقا حار حد البكاء بين نساء جمعتهم الجورة والعشرة بحي تلبرجت في سبعينيات القرن الماضي.. ولم يلتقوا منذ تلك المدة الا على هامش المهرجان..

بالفعل أصبح موعدا لإعادة الاكاديريين إلى حييهم.. بل واصبح مهرجانهم الان.. وغدا.. باعتباره ملتقى لإعادة الحياة إلى تلبرجت… لكن في نفس الوقت أعادت الحياة للذكريات كنوع من الهروب من هذا الركض الدائم في الحياة…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد