تقرير الولايات المتحدة حول حقوق الإنسان بالمغرب في أبعاده العميقة

أحمد الدغرني

الرئيس باراك اوباما هو اول رئيس للولايات المتحدة من أصول أفريقية ،من كينيا،وهًو الذي جعل لكل زياراته لقارة عائلته معاني سياسية خاصة، فاختار كاول بلد أفريقي يزوره هو مصر، حيث ألقى خطابه المشهور حول الاسلام في جامعة القاهرة(4/6/2009) ثم بعد مصر زار غانا (يوليوز2009) حيث ألقي خطابه الثاني حول الديموقراطية في افريقيا،ثم زار دولة جنوب افريقيا (يوليوز2013) ثم زار اثيوبيا، وكينيا معا في يوليوز2015 وخصص اهم فقرة لخطابه في بلد اجداده كينيا للحديث عن حرمان المثليين من حريتهم الجنسية،وهو موضوع يعني كثيرا أقطار شمال افريقيا.

لم يزر اوباما المغرب حتي الان، وهو على مشارف نهاية ولايته الرئاسية الثانية التي ستنتهي في نونبر 2016 في حين ان الديبلوماسية المخزنية تبذل أقصي الجهود لتحظى بهذه الزيارة التي تكتسي رمزية خاصة للتعبير عن مستوى تطور الديموقراطية في البلد الذي يزوره اوباما،وجوهر موضوع الزيارة يدور حول نوعية الخطاب الذي يلقيه اوباما كعادته في البلدان التي يزورها، ومدى تحمل سلطات ذلك البلد لمجرد سماع ذلك الخطاب، وبالأحرى تطبيق ماسيردفيه من من مقترحات، وهو لا يمكن ان يتخلى كعادته عنخطابه، وقد كانت كل زيارة له بافريقيا تثير قضايا حساسة وانتقادات بالنسبة للحاكمين في ذلك البلد، مثل الحريات الدينية، وتزوير الانتخابات وحقوق المثليين والتشبث بكراسي الحكم مدى الحياة، والجمع بين الحكم والمال والارهاب والحركات المسلحة الانفصالية..

عرفت فترة حكم الحزب الديموقراطي الامريكي برئاسة اوباما لحظات مريرة مع المخزن المغربي، منذ نونبر 2008 عند بداية الولاية الاولى لهذا الرئيس، لم تغط هذه المرارة الدعاية السياسية المخزنية التي يروجها اصحاب النفوذ الديبلوماسي المغربي، ولا اللوبي اليهودي، ولا المجاملات اللفظية بوجود علاقات صداقة أمريكية، وغيرذلك، كان من نتاجها المشهور بعض فترات عدم وجود سفير للولايات المتحدة بالمغرب حيث انخفض المستوى احيانا الى مجرد قايم بأعمال، وكان اول سفير بالمغرب في هذه الفترة الرئاسية هو صمويل كابلان Samuel Kaplan رئيس الحملة الانتخابية لاوباما المكللة بالفوز بمقعد الرءىاسة وايضاً رئيس سابق للمؤتمر اليهودي العالمي World jewish congress بتواصله داخل المغرب مع الصحافة، والمجتمع المدني والمجتمع السياسي والحزبي، وانتشار قولته التاريخية المشهورة :من الصعب توقع مصير الأمور بالمغرب، وتقديمه لرسالة احتجاج ضد حملة طرد المخزن المسيحيين الأجانب من المغرب سنة2010…

لاشك ان قضية الصحراء، تبدو وكأنها هي النقطة الاساسية التي تغطي بها الديبلوماسية المخزنية امام الرأي العام خلافاتها مع الولايات المتحدة، ويبدو ان الجانب الامريكي يظهر سطحياان الخلاف يتمحور حول حقوق الانسان، سواء فيما يتعلق بموضوع توسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان في الصحراء، أوفيما يخص ممارسة حقوق الانسان بالمغرب ككل، لكن التقرير الذي صدر اخيراً. يضيف لأول مرة نقطة تتعلق بحقوق الأمازيغ، يتجاوز بعض الأمور الامازيغية التقليدية الى حقوق اخرى متطورة، تخيف دول الشرق الأوسط والخليج، وهي الجديد الذي اضافته الولايات المتحدة في التقرير الروتيني الذي كانت تصدره حول المغرب كل عام، وأدى الى اثارة الغضب الديبلوماسي للنخب السياسية المخزنية. وشركات الدعاية التي توظفها في الولايات المتحدة. وسيثير غضب القوميين العرب واتباعهم…

كانت الولايات المتحدة تغطي كل حربها الباردة مع الكتلة الشيوعية التي كانت تقودها روسيا والصين وحلفائها ضد الدول الغربية قبل سقوط الاتحاد السوفييتي أواخر سنة 1991 بالتركيز على خرق حقوق الانسان في تلك البلدان، فهل هي في حرب باردة مع المغرب؟ ولماذا؟

يبدو ان الموضوع تختبيء وراءه اسرار لايسعها هذا المقال، انكشف بعضها من خلال المصادر الإعلامية الالكترونية مثل ويكيليكس، ولكن مع ذلك يظهر تأثير انغماس المخزن في قضايا الحروب في الشرق الأوسط كحليف للسعودية ودوّل الخليج له تأثير يظهر من موقف اوباما من تلك الحروب التي يتبع حولها سياسة التخلي عن استعمال القوات العسكرية الامريكية وخاصة القوات البرية مثل المعارك التي تجري في اليمن وسوريا ولبنان، والتنافس الذي يجري داخل صفوف الحزب الديموقراطي الامريكي مع المرشحة للرئاسة هيلاري كلينتون التي اشتهرت بجولاتها الحميمية في المغرب.

صدر التقرير حول حقوق الانسان بالمغرب سنة 2016 في عهد السفير الامريكي دوايت بوش Dwight Bush الذي عين في هذه المهمة في صيف 2013الذي اشتهر كإطار في عالم المال والاقتصاد قبل تعيينه كسفير بالمغرب، مما يشير الى ان الأسباب الاقتصادية والمصالح المالية والتجارية قد تكون وراء التقرير امام المنافسة مع الصين وروسيا وإسبانيا وفرنسا بالمغرب، وحتى مع دول الشرق الأوسط التي تميل الى روسيا والصين لحمايتها من الثورات الداخلية بدلا من الولايات المتحدة التي لم تعد تسلك في عهد اوباما سياسة الحماية المفضوحة لبعض أنظمة الحكم التي مارسها الجمهوريون بقيادة الرئيس بوش الابن، قبل اوباما، والتي تصالحت مع ايران التي قطع المغرب علاقاته معها… وقد يكون السبب نابعا من توقعات مستقبل ليبيا والجزاير ومناطق تواجد الأمازيغ في شمال افريقيا والساحل ودوّل الهجرة في فرض التوازن السياسي مستقبلا على التيارات السياسية الاصولية الاسلامية التي تؤسس الخلافة الاسلامية انطلاقا من الشرق الأوسط، ومن التحالف بين العروبة والإسلام الثوري في الدول الشرق اوسطية، وفي المغرب منذ سنة 2011 تجربة نوع من حكمهم الذي بدا بسياسة الاعتدال الموقت.

كان لابد من عقلنة تناول موضوع تقرير الولايات المتحدة حول حقوق الانسان في المغرب بسبب أهميته وتفاهة الهجمة التي مارسها بعض الكتبة والاعلاميين ومحترفي الحزبية ضد الولايات المتحدة بمناسبة هذا التقرير الذي يحتاج الى دراسة معمقة، وليس فقط الى إصدار مواقف سطحية، ولماذا لا يفترض هوءلاء ان الشعب الامريكي يحب المغرب ويريد له خيرا في اتساع مجال الحقوق والحريات؟ ولهم ايضا ان يقرأوا التقرير في الجوانب التي تحدث فيها عن اوضاع مزرية لحقوق الانسان في دول اخرى؟ وان يفترضوا حسن نية هذه الدولة القوية التي قد تكون شعرت بان سياسة القمع للحريات وحقوق الانسان تعرقل بعض مصالحها مع المغرب وما عليه الا ان يسلك مزيدا من احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية للشعب المغربي

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد