بوبكر انغير : الحركة الديموقراطية والحقوقية بالمغرب حققت مكتسبات مهمة في ما يتعلق بحقوق المراة ولكن هذه المكتسبات قابلة للتراجع
حوار مع جريدة المنعطف *
——————————–
ـ حصلت النساء في الانتخابات الجماعية ليوم 4 شتنبر الجاري على 6673 مقعدا أي ما يعادل تقريبا ضعف العدد المسجل خلال الاقتراع الجماعي لسنة 2009 برأيكم هل يمكن اعتبار هذا مؤشرا إيجابيا نحو تمثيلية حقيقة للمرأة في التسيير؟
للاسف الشديد لا يزال تهميش المرأة قائما وتواجدها في معظم المجالس الجماعية شكليا ورقما حسابيا فقط رغم المجهودات الكبيرة التي بذلها المشرع المغربي من اجل ضمان تمثيلية للنساء في المجالس الجماعية والجهوية، الا اننا نلاحظ ان المرأة لم تحصل على مراكز متقدمة في معظم الجماعات الترابية جهويا ومحليا ، فالمرأة المغربية امامها اشواط طويلة من النضال من اجل اقرار المساواة الفعلية والمناصفة في دوائر القرار السياسي محليا وجهويا ووطنيا كما هو منصوص عليه دستوريا ،لكن على كل حال ما لا يدرك كله لا يترك جله ، عدديا وحسابيا عدد النساء تطور وتزايد ويبقى التواجد النوعي في صنع القرار المحلي بالنسبة للنساء مغيبا من طرف جميع الاحزاب المشاركة في العملية الانتخابية معارضة واغلبية ، اسلاميين وعلمانيين وليبراليين .
ـ هل ستنجح المرأة المنتخبة اليوم في المساهمة بفعالية في بلورة سياسة جماعية مبنية على المساواة بين الرجال و النساء في كافة مجالات العمل الجماعي؟
المراة المنتخبة اليوم مطالبة بتقوية تواجدها بقوة في المشهد السياسي محليا وجهويا ووطنيا لكن هذا الامر يتطلب اولا تغيير القوانين الانتخابية لتضمن المناصفة الفعلية في اتخاذ القرار وفي تبؤ المناصب في الجماعات الترابية محليا وجهويا ، لكن يعول كثيرا على الارادة الملكية و على المجتمع المدني الديموقراطي والحركات النسائية من اجل ضمان توسيع مجال حقوق المرأة في المشاركة السياسية الفعلية . المرأة المنتخبة اليوم عليها مسؤولية اقتراح سياسات عمومية مبنية على النوع الاجتماعي وادماج القضايا النسائية ضمن قضايا التنمية محليا وجهويا. ان المراة المنتخبة ستلعب دورا مهما في عملية تغيير وتطوير العقليات السياسية وستشكل مشتلا لصناعة نخب نسائية سياسية جديدة تعمل على تكسير حاجز السيطرة الذكورية على القرار السياسي المغربي.
ـ هل في نظركم الآن الشروط الضرورية متوفرة لتحقيق المناصفة؟
الشروط الموضوعية متوفرة لتحقيق المناصفة ولتفعيل النص الدستوري في هذا الجانب ولكن الارادة السياسية من قبل الحكومة ومن قبل الاحزاب السياسية تبقى غائبة ومعطلة بفعل هيمنة المقاربة العددية لاختيار المرشحات على حساب منطق المناصفة وتحقيق حقوق المرأة الفعلية ، الاحزاب السياسية المغربية تعاملت مع المرأة بانتهازية سياسية مقيتة وتحايلت على النص القانوني وحرفت روح المشرع المغربي واشركت المرأة بطريقة فلكلورية في التسيير السياسي في الجماعات المحلية والجهات . لذلك فلا امرأة واحدة انتخبت رئيسة لجهة من جهات المغرب الاثني عشر ولا امرأة واحدة تحملت مسؤولية رئاسة مجلس اقليمي هل هذا هو روح الدستور المغربي الجديد ؟ ان تنزيل هيئة المناصفة وتعديل القوانين الانتخابية بشكل يشرك المراة بشكل حقيقي وملزم ورش ضروري يجب فتحه وكل الشروط الموضوعية متوفرة تبقى فقط الارادة الذاتية لمختلف الفاعليين السياسيين ، نتمنى ان نرى المرأة المغربية كرئيسة لمجلس المستشارين المقبل كعربون وفاء للمرأة المغربية.
ـ هل الموارد البشرية النسائية مؤهلة للاستفادة من المناصفة وخصوصا في مراكز اتخاذ القرار؟
بكل تاكيد المغرب يزخر بطاقات نسائية مؤهلة ومكونة وابانت عن علو كعبها في مجالات كثيرة كلما اتيحت لها الفرصة ، كل الدعاوى والاباطيل التي يتم ترويجها على ان المرأة المغربية غير مؤهلة اليوم لتسيير شؤون المواطنين دعاوى باطلة والغرض منها ابقاء السيطرة الذكورية على مفاصل المجتمع وكبح التطور الطبيعي للمجتمع المغربي ، فكما ان هناك من يدعي بان مجتمعاتنا لا تصلح لها الممارسة الديموقراطية او غير مؤهلة لانبات الديموقراطية ، فهناك كذلك من يشكك في قدرات المرأة في التسيير والقرارالسياسي محليا وجهويا ووطنيا . لكن الحقيقة هي ان المراة المغربية قامت بتجارب كبيرة في تسيير المدن الكبرى كمراكش كما ابانت عن حنكتها وفعاليتها في تسيير عدد من اللجان البرلمانية كما اصبحت مردودية الوزارات التي تشرف عليها النساء اكثر من وزارات الرجال ، لكن المراة المغربية للاسف الشديد تم تغييبها قصدا مع الاستفادة من اصواتها الانتخابية خصوصا في البوادي واعتبارها خزان انتخابي سلبي ، وحان الوقت لتحرير المراة من قيود التخلف السياسي وتطوير اوضاعها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا والقطع مع كل الافكار الرجعية التي جعلت المراة مختصرة في الجسد او ادعاء انها ناقصة عقل ودين وهذا ما ترفضه الفطرة ويفنذه العلم ويبرهن على عكسه الممارسة العملية.
ـ ماهي آفاق المرأة المغربية في ظل الحكومة الحالية التي هي أشد محافظة في تاريخ المغرب؟
اوضاع المراة المغربية في ظل حكومة العدالة والتنمية استمرار لاوضاعها السابقة وان كانت القوانين الانتخابية والقوانين الاخرى التي اقرتها الحكومة الجديدة ادخلت رتوشات على حقوقها الا ان الغالب على الحياة السياسية المغربية هو النفس الذكوري الاقصائي واستغلال المرأة لتاثيت المشهد السياسي و من اجل الحصول على المساعدات الدولية في اطار المشروطية السياسية التي تقيمها الدول المانحة للحصول على القروض والتسهيلات أي حقوق النساء مقابل امكانية الاقتراض او الحصول على هبات ومنح. الحكومة الحالية لم تفعل الدستور بشكل امين في ما يتعلق بالمناصفة كما ان الحكومة الحالية لم تطبق المناصفة في اسناد الحقائب الوزارية لذلك باختصار شديد الحكومة الحالية تميل الى ابقاء دار لقمان على حالها وعدم فتح ورش الحقوق المشروعة للمرأة المغربية تماشيا مع قناعات ناخبيها من الاسلاميين والمحافظين.
ـ هل ثمة احتمالات من وقوع تراجعات فيما يخص نضالات الحركة النسائية الديمقراطية؟
المكتسبات الديموقراطية كالاشجار المثمرة تحتاج دائما الى من يسقيها ويعتني بها ويحافظ عليها ، واي اهمال لها معناه الذبول والضياع والنكوص ، الحركة الديموقراطية والحقوقية بالمغرب حققت مكتسبات مهمة في ما يتعلق بحقوق المراة ولكن هذه المكتسبات قابلة للتراجع في اية لحظة اذا لم يتم تفعيلها وتكريسها قانونا وتبيئتها في البنية الذهنية والمجتمعية المغربية وان تصبح ممارسة يومية يتعود عليها الشعب المغربي . الحركة النسائية المغربية تراجعت مؤخرا لظروف ذاتية وموضوعية كثيرة ومعقدة ولا مجال الان للتفصيل فيها ، لذلك فحقوق المراة يجب ان لا تتأثر بالحالة الصحية للحركات النسائية وللحركة الحداثية عموما والا فالحقوق والمكتسبات المحققة بفضل تضحيات اجيال واجيال ستضيع وسنعود الى نقطة الصفر أي الى العهود السابقة.
حقوق النساء لا يجب ان تكون شعارا تكتيكيا تحمله الاحزاب متى شاءت وتتخلى عنه متى تشاء بل يجب ان تكون ايمان مجتمعي حقيقي في اطار السعي الى تحديث البنى الفكرية للمغاربة للانخراط في عالم الغد الذي لا مكان فيه للاصوليات وللتطرف الفكري والجنسي واللغوي. الحداثة قدرنا جميعا كما قال الدكتور المغربي محمد سبيلا عندما قال في كتابه مدارات الحداثة ” فنحن جميعا راكبون في قطار الحداثة بما في ذلك أولئك الذين يعارضونها او يرفضونها او يأكلون النعمة ويسبون الملة كما يقال”
ـ كيف تقيمون المكتسبات التي حققها المغرب بخصوص قضية المرأة إلى حدود الآن؟
في بلدنا المغرب التغيير الديموقراطي في اتجاه اقرار حقوق الانسان عموما وحقوق المرأة كموضوع يهمنا هنا يكون بتضافر ثلاث عناصر اساسية :
- الارادة الملكية في تغيير الامور نحو الافضل وهذه الارادة حاسمة بفعل الدور الدستوري والمؤسساتي الذي يمثله جلالة الملك محمد السادس والكل مجمع دوليا ومحليا على ان الملك محمد السادس ملك حداثي متنورو مساند لحقوق المراة وهذا امر ساهم في تشجيع المطالبين بحقوق المرأة
.2- العنصر الثاني المجتمع المغربي أي الرأي العام تحديدا الذي يستطيع فرض ما يريده من حقوق عبر الضغط والترافع في الشارع مباشرة او عبر المؤسسات السياسية والمدنية التي تمثله وتاثير ذلك على المؤسسات الدستورية الاخرى ويمكن ان نقول بكل ثقة بان الشعب المغربي لم يعبأ بالشكل المطلوب للدفاع عن حقوق المرأة بل العكس من ذلك المجتمع المغربي ما يزال متشبع بثقافة محافظة منغلقة وافكار مسبقة عن النساء لها جذور تاريخية وثقافية متراكمة في العقل المغربي الباطني. لذلك فمجهود كبير ينتظر الحداثيين بالمغرب لتغيير ثقافة الاقصاء والتهميش التي تعتبر المرأة غير مؤهلة لتسيير الشؤون العمومية
. 3-العنصر الثالث هو العامل الدولي أي ان المؤسسات الدولية الرسمية والغير حكومية تمارس ضغوطا كبيرا من اجل ادماج مقاربة النوع في السياسات العمومية وتشجع الحكومات عبر أساليب الترهيب والترغيب في اشراك المرأة في الحياة العامة. هذه العناصر الثلاث تضافرت مغربيا فأعطتنا مدونة نسائية متقدمة ودستور جديد متميز وهذه مكتسبات مهمة وخطوات جبارة نحو المساواة والمناصفة ولكن الممارسة العملية ماتزال تكبح حقوق النساء في المغرب وتعطل النصوص القائمة .
ـ هل تبدون تخوفا من احتمال حصول تراجعات في مكتسبات الحركة النسائية بالمغرب ؟
بالطبع الحذر دائما مطلوب والنضال المستمر هو السبيل لحفاظ الحركة النسائية على المكتسبات ، لا ننسى باننا في ظل حكومة يغلب عليها طابع المحافظة وفي محيط اقليمي ودولي يعج بالتطرف الاسلامي وبانتشار الحركات الارهابية التي تغطي جرائمها بالدين كل هذه العوامل تشكل ناقوس الخطر بالنسبة لمستقبل حقوق الانسان ببلادنا وحقوق المراة اساسا ، باعتبار ان الحركات الاصولية المتطرفة تعتبر المرأة شيطانا يجب اخراسه او متعة لا غير فحكايات الناجيات من جحيم الحركات الداعشية تخبرنا بدرجة همجية وظلامية المتطرفين الاسلاميين. الحركة النسائية بالمغرب مطالبة بالانغراس في المجتمع والاعتناء اساسا بتمدرس الفتاة القروية والالتفات الى اوضاع النساء القرويات والنساء العاملات لان هن الاكثر تضررا في المجتمع المغربي ، كما ان ورشا حقيقيا ينتظر الحركة النسائية يتعلق باصلاح القضاء والقضاء على الرشوة والفساد اللذان ينخران جسم القضاء المغربي لان هذا الفساد يضر بالمرأة وبحقوق المطلقات والمعنفات والمراة بصفة عامة.
ـ هل التمثيلية النسائية التي كانت عندنا كانت مجرد موضة لتطبيق مقاربة النوع؟
لا اقل ولا اكثر ، فالنضال النسائي ونضال الحركة الديموقراطية والحقوقية بالمغرب تم افراغه تماما من محتواه عبر قوانين انتخابية التفافية وغير ديموقراطية تعطي باليمين ما تاخذه باليسار ، لا امرأة في رئاسة الجهات والاقاليم ولا في رئاسة العموديات فاين اشراك المرأة ؟. القانون الانتخابي المغربي يجب ان يتغير بطريقة يجمع بين العدد والنوع في المغرب. كفى استهتارا بالمرأة وتلاعبا بحقوقها واستغلال مشاركتها إعلاميا فقط دون ان يعكس القول الواقع ودون ان تعكس القوانين الحقائق على الارض.
– في نظركم هل الحركة النسائية اليوم مطالبة بتغيير أسلوبها و استراتيجية عملها النضالي؟
الحركة النسائية اليوم حركة نخبوية منعزلة تماما عن المجتمع و عن النساء اللواتي من المفروض ان تمثلهن ، فالمرأة في البوادي وفي هوامش المدن الكبيرة تعيش ظروفا اقرب منها الى القرون الوسطى، اضطهاد و عنف واهدار للحقوق ، الحركة النسائية كما قلت سلفا مطالبة بتغيير إستراتيجيتها النخبوية و العمل على اختراق المدن والقرى وتغيير خطابها الثقافي المتعالي الى خطاب بسيط مفهوم ومتدرج حتى لا يعارضها عموم المجتمع المغربي الذي الف المحافظة والاقصاء وتطبع معهما. الحركة النسائية اليوم عليها تغيير استراتيجياتها الترافعية والاهتمام بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة كذلك وعدم الاقتصار على الحقوق الفردية رغم اهميتها.
ـ كيف تنظرون إلى الأدوار الحقيقية التي يجب على القوى الحداثية والحركة النسائية الاضطلاع بها تجاه قضايا المرأة المغربية اليوم أكثر من أي وقت مضى؟
القوى الحداثية اليوم عليها اولا توحيد صفوفها ونبذ كل الانشقاقات والمزايدات الفارغة التي طغت على الحداثيين في المغرب طيلة تاريخهم ويجب عليها ان تنغرس اكثر في نضال القرب كما هو نموذج القوى الاسلامية بالمغرب عبر جمعيات الاحياء والنضال في البوادي وفي كل الامكنة المهمشة بعيدا عن الصالونات المكيفة بالرباط وبفنادق الدارالبيضاء ، الحركة الديموقراطية الحداثية بالمغرب لا بد ان تقوم بمراجعات نظرية وتنظيمية لتفسح المجال للاختلاف في صفوفها وعدم احتقار عامة الشعب تحت ذريعة تملكها للحقيقة او للثقافة العالمة، ان الحركة النسائية بالمغرب كانت دائما تؤدي ضريبة انشقاقات اليسار وتشتت قواه وخيانات أعضائه لحقوق الانسان مقابل مناصب المسؤولية . لذلك عليها الخروج من الشرنقة الايديولوجية الضيقة والانفتاح على كل التيارات المجتمعية الاخرى لتكون قضية المرأة قضية الجميع وليست قضية فصيل واحد في المجتمع.
ـ إلى متى ستبقى شروط العمل السياسي بالنسبة للمرأة حبيسة الرهانات والاجندات والكوطات ؟…
الى ان يقتنع المجتمع المغربي على ان مشاركة المراة في تسيير وادارة الشؤون العمومية حق طبيعي وليس امتياز او منحة من الرجل الى المرأة .الى حين ان يقر المشرع المغربي الزامية المناصفة والمساواة في تقلد المناصب العمومية وفي لوائح الترشيحات للانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية.
الى ان تستطيع المراة المغربية والحركة النسائية ان تعبئ من حولها جميع القوى الحداثية والديموقراطية المؤثرة في صنع القرار السياسي والقانوني المغربي . الى ان يشترط الغرب الراسمالي المناصفة مقابل الرضا الدولي عن الحكومة المغربية لان احيانا كثيرة يعتبر الضغط الخارجي اكثر فاعلية من جميع النضالات الوطنية. انذاك يمكن ان نقول بان عهد الكوطا والاجندات الحزبية المؤقتة سينتهي.
ـ في نظركم ما هي الواجهة الأنسب في الوقت الحالي التي يتوجب على الحركة النسائية خوض النضال فيها؟
خير جواب على هذا السؤال هو ما اورده الدكتور المغربي عبدالله العروي في كتاب صغير تحت عنوان عوائق التحديث في اخر صفحة ” ما آخذته على الحركات النسوية ، هي انها ذهبت مباشرة الى الرأس .في حين ان المهم ليس هو تغيير عقلية شخص بعينه ، او حتى عشرة اشخاص او عشرين منهم، من الذين يسيرون الشأن العمومي.بل تغيير وعي ملايين الناس .والعمل الاساسي هو تغيير الوعي الجماعي بهذه المشكلة ، أي عمليا التأثير على المجتمع برمته عن طريق الاحزاب والجمعيات والبرلمان”
الواجهة الانسب اذا وانسجاما مع ما دعى اليه الدكتور العروي هي العمل على نشر المقاربة الحقوقية في صفوف المجتمع واعتماد سياسة القرب واعمال اليات المجتمع المدني والسياسي والترافع على كل الواجهات الثقافية والتعليمية والسياسية والجمعوية والاعلامية ، كل الواجهات مطلوبة لتحقيق نقلة نوعية في الوعي الحقوقي والسياسي المغربي بشراكة مع المؤسسات الدستورية وخاصة المؤسسة الملكية التي هي بكل تاكيد تسعى الى تحديث الوعي المجتمعي وتطويره والدليل هو الخطابات الملكية الكثيرة والمتنوعة حول حقوق المراة وحول المشروع الديموقراطي الحداثي.
ـ ماذا عن المرأة الأمازيغية في الصحراء وإكراهات إنصافها؟
المراة الامازيغية بطبيعة الحال تعاني ما تعانيه المراة المغربية وزيادة أي ان اضطهادها جنسي وطبقي ولسني كذلك ولم يتم الى حدود الساعة أي تغيير في وضعيتها رغم كل الخطابات الحكومية المتكررة التي نسمعها عن الاهتمام بالمراة القروية عموما والمراة الامازيغية خصوصا فالاوضاع الصحية للمراة القروية وعدد الوفيات اثناء الوضع والظروف الصحية التي تجتازها المراة في البرد والصقيع في المناطق النائية بايميضر وانفكو وجبال الريف وغيرها من المناطق الوعرة ، يبين لنا بجلاء ان عملا كبيرا ينتظر بلادنا لاسيما ان العالم القروي تم تهميشه لمدد طويلة بفعل الصراعات السياسية التي كانت منحصرة في المدن والتي استفادت نخبها منها وحصلت على بعض الامتيازات اما العالم القروي فكان ضحية من ضحايا السياسات الماضية ، الدولة المغربية اعترفت اخيرا بهذا العجز الاجتماعي الفادح في العالم القروي والذي اغلبه امازيغي ونأمل ان تساهم المبادرات التنموية المقبلة التي جاء بها ملك البلاد في خطاب العرش لسنة 2015 في انصاف المراة الامازيغية . من ناحية اخرى لا يجب ان ننسى نسب الهدر المدرسي الكبيرة التي تعاني منها الفتاة الامازيغية بفعل المشاكل اللغوية تارة وعدم اتقانها للغة العربية لغة التعليم حاليا او بفعل بعد المدارس عن المداشر والقرى. لذلك يبقى تدريس اللغة الامازيغية معطلا بفعل غياب ارادة حقيقة لدى الحكومة المغربية في ادماج فعلي للامازيغية في التعليم المغربي هذا الاقصاء اللغوي ادى بالمراة الامازيغية الى هجرانها فصول المدارس وابقائها عرضة لكل الانتهاكات وعنوان للضياع.
ـ ألا تعتقدون أن موجات الإسلام السياسي التي باتت تجتاح بلداننا بفعل انعدام الديمقراطية ستؤثر على أوضاع المرأة وعلى حقوقها في العالم والمغرب أيضا؟
بالفعل العالم اليوم قرية صغيرة وما يحدث كونيا ينعكس محليا بفعل تطور ادوات الاتصال الاجتماعي ووسائط التواصل الاجتماعي ، في محيطنا الاقليمي تهديدات خطيرة تتعلق بتنامي الحركات الارهابية المتطرفة التي تستغل الدين وتلعب على العواطف وتقوي النزعات العدائية ، فقد فرز الربيع الديموقراطي والذي اصبح خريفا في بعض البلدان انهيار بعض الدول وحروبا داخلية طاحنة وانتشار رهيبا للسلاح وفراغا عسكريا على الحدود كل هذه المعطيات ادت الى انتشار الجماعات الارهابية المنفلتة عن عقالها والتي استثمرت غياب الدولة بليبيا مثلا او تساهلها في الجزائر لنشر الارهاب المتنقل ، امام هذا المشهد الكارثي اقليميا كانت الفئات الهشة وفق ادبيات حقوق الانسان وهي المراة والطفل من الفئات الاكثر تضررا في هذه النزاعات قتلا وتنكيلا وترحيلا ، وادت المراة الفاتورة الانسانية الغالية في هذه النزاعات لذلك تراجعت حقوق المراة في بلدان كانت بالامس نموذجا لتحرر النساء كتونس .بلدنا المغرب والحمد لله استطاع ان يحتفظ بتماسكه ووحدته واستقراره وهذا معطى مهم ساهمت فيه كل القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبقي الحراك الاجتماعي سلميا وحضاريا مما جعل حقوق الانسان عموما والمراة خصوصا لم تتضرر كثيرا وان كانت الحركة الاسلامية هي المستفيدة من الحراك المغربي . التقاليد الديموقراطية التي راكمها المغاربة وحكمة ملك البلاد ساهمت في الحفاظ على مكتسبات المراة المغربية وان كانت بعض محاولات الاساءة الى النساء والتضييق على حقوقهن وتطبيق ما يسمونه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ظواهر قائمة في المجتمع المغربي لكنها تبقى حالات معزولة .
—————-
انغير بوبكر
المنسق الوطني للعصبة الامازيغية لحقوق الانسان
المشرف العام على مركز الجنوب للتنمية والحوار والمواطنة
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.