المغرب الكبير
بقلم محمد شنيب،- طرابلس،أغسطس 2012
يعتقد الكثير من سكان المغرب الكبير أن فكرته هي فكرة سياسية أملتها ظروف سياسية معينة.
هذا إعتقاد خاطىء وسببه هو الظروف التاريخية التي مر بها مغربنا الكبير من بعد مجيء الغزات العرب من الجزيرة العربية منذ ألف وأزبعمأة عام خلت.
فالمغرب الكبير هو تعريف جرافي لمنطقة شمال أفريفيا وتمتد من الحدود الغربية لمصر بما في ذلك واحة سيوا وحتى ضفاف المحيط الأطلسي لتضم وبشكل عيني وواضح ليبيا اليوم وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا. هذه الأرض كانت تسمى أيام الإغريق بالأراضي الليبية وكما كان يعرفها المؤرخ الإغريقي”هيرودوت” في كتاباته التاريخية.
وظهرت على عهده الأرض حضارات وثقافات أثرت الحضارة الإنسانية سواء كان ذلك أيام الإغريق أو بعده الرومان.ففي أيام الإغريق كانت هناك جامعات مثل سك التي ظهرت في مدينة قورينا (ليبيا اليوم) وكان من أساتذتها الفيلسوف(أنكيريس القوريني القوريني Anniceris de Cyrene الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد وقد عاصر الفيلسوف الإغريقي أفلاطون) وكذلك Theodore de Cyrene ثيودور القوريني الذي عاش بين القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد وكانت تربطه علاقة قوية بالفيلسوف أفلاطون والدي كان يقوم بزيارته في قورينا لتبادل الحوار الفلسفي معه والتباحث معه في الكثير من الأراء الفلسفية التي كان يطرحها في تلك الأزمنة(1).
وكان القديس”أغوسطينو”الدائع السيط واذي ولد في قرية(تاكاست أو سوق أهراس)القريبة من مدينة عنابة بالجزائر ؛ وكانت أًمه هي القيمة مونيكا. وكان نابغآ ومتتبعآ الفكر العقلاني الذي تبناه بعه بعدة قرون كما جاء في كتابات”ميرسن”صديق”ديكارت”عند إطلاعه على كتاب المدينة الإلاهية Lib.11 De civitate Dei ; تم ترشيحه إلى كنيسة ميلانو حين تولى منصب أسقف.
لا ننسى إمبراطور روما إبن مدينة لبدة الليبية”Leptis Magna الإمبراطور سيپتيموس يڤاروس” الذي قاد غزو روما علي بريطانيا والذي مات في مدينة يورك في شمال إنغلترا.ولا ننسى إهتماماته الأدبية التي كان مشهورآ وشغوفآ بها.
ما أود الإشاره إليه هنا هو أن المغرب الكبير كان داءما حقيقة جغرافية وذات تاريخ عريق على طول الشمال الأفريقي غير أن العروبيون القادة الذين يسمون نفسهم زعماء وحكام”الدول” العربية أسموه المغرب العربي وبإصرار وتعنت وبالذات من شخص القذافي المشبوه في مؤتمر وجدة الدي أصر على تسميته المغرب العربي.(غير أن دولة المغرب بعد سنوات غيرت هذه التسمية وسمته مشكورة بإسمه الصحيح أي المغرب الكبير.)
وهذه التسمية هي الصحيحة لوقوع هذه المنطقة جغرافيآ في الشمال الأفريقي وسكانها هم أمازيغ حتى وإن فرض الغزات العرب عليهم التحدث باللغة العربية أو بالأحري تسميتها اللغة القرشية كما سماها الدكتور طه حسين في كتابه(الجزء الأول) من تاريخ الأدب الجاهلي والذي أثبت فيه أن اللغة العربية لم تكن بمكان بل كانت لغات لكل قبيلة لغتها ولم يتفاهم العرب فيما بينهم حتى جاء القرآن بلغة قريش والتي بعدها أصبحت اللغة الفصحى لتلاوة القرآن وسميت اللغة العربية الفصحى.
اليوم نلاحظ أن الكثير من سكان المنطقة بل حتى بعض زعماءها السياسين يتجرأون فثارة يستقطعون جزء من المغرب الكبير ويحددون الإنتماء الهوياتي له والذي هو بالأساس الأمازيغ سكانه الأصليين فيستقطعون أحيانآ ليبيا كما يفعل بعض العروبيون وأحيانآ أخرى موريطانيا وأحيانآ الجزء الشرقي من ليبيا وهكذا يزيدون في تجهيل سكان المنطقة. وأحيآ يربطونه بالفرنكوفونية وكأن الفرنكوفونية هي هوية المغرب الكبير وليست هوية وإرتباط بالإستعمار الفرنسي والناتجة لإستعمار فرنسا لدول منه وينسون أصول وثقافة المغرب الكبير الأمازيغية قبل أن يأتي الغزات العرب والإستعمار الفرنسي الحديث والذي معه جاء كذلك الإستعمار الأسپاني والإيطالي….!!
أتركوا المغرب الكبير لجغرافيته ولتاريخه وثقافته وكفاكم هزلا بمنطقة شمال أفريقيا بضفافها البحر متوسطية والتي تقابل وتحد الجنوب الأوروپي.ودعوا شعوب وأوطان الشمال الأفريقي تنهج طريقها دول وأوطان تعيش داخل مغربها الكبير في مجتمع حداثي وديمقراطي علماني يسير في طريق التحدي للمستقبل الآتي.
بقلم محمد شنيب،- طرابلس،أغسطس 2012
هامش :
(1) كتاب الدكتور عبد السلام بن ميس “مظاهر الفكر العقلاني في الثقافة الأمازيغية القديمة”
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.