العم سام وبنكيران وثورة البندير والكمّون

rinas-bouhamdi

ريناس بوحمدي//

لي صديق تيسر له الحال بشكل غريب –  تلوك الألسن أنه اقتلع أضلع شريف دفين ضريح ما في غفلة من  أحفاد الشيخ الشريف –  رشح نفسه إلى عضوية مجلس النواب باسم حزب لا يتداول إلا في المواسم الانتخابية، هو نفسه (أي الصديق ) لا يتذكر غير اسم أمينه العام. وقد زارني أمس لتقديم المشورة له في طريقة تقديم نفسه للجمهور، سائلاً: « برأيك ما هي أفضل العبارات التي يمكن أن تتضمّنها دعايتي الانتخابية ؟ » أجبته بعد تفكير: بداية أنت تعلم بأنني  من متجاهلي هذا الاستحقاق، لأنه لن يقدم شيئا مفيدا للشعب المغربي؛ فهو كسابقاته من المجالس، نسخة كربونية عما قبله، بل أسوأ هذه المرة لاعتبارات ليست خافية على أحد.. ولا تنسى أن ماما أمريكا عبر رئيستها الممكنة بتجربتها وحنكتها قد رأت أن بنكيران وحوارييه هو الأفضل لنا بالرغم من كل الكوارث التي سببها للشعب المغربي ، ثم من ذا يستطيع أن يقول لا لأمريكا أو يقف في وجه إرادتها؟ فرد علي منفعلا : لكن أمس الأحد  خرج الشعب عن بكرة أبيه يطالب برحيل بنكيران…. قاطعته نعم طالب أيضا بطرده من الصحراء، كما شكر زروال الذي اشترى له الأضحية وندد بأخونة الدولة للمجتمع  أي أن تسرق الدولة المجتمع حسب تصريح أحد المشاركين في المسيرة التي فقدت والديها في حادثة سير جنية . سكت هنيهة ثم أردف قائلا: أنا لا يهمني كل هذا ولا حتى الشعب نفسه، بالنسبة إلي هذه صفقة كلفتني التزكية مائة ألف درهم، ومستعد أن أستثمر ثلاثة أضعاف هذا المبلغ لكي أفوز بالمقعد، ما أريده منك أن تعلمني كيف أقدم نفسي للناخبين,      

طيب، طالما أنك تريد أن تجرب حظك، بالرغم من أنني لست متفائلاً بتحقيق طموحك إلا إذا دعمتك إحدى الجهات النافذة، فإنني أنصحك من خلال خبرتي بألا تستخدم صيغة فعل الأمر (صوتوا) في حض المقترعين على انتخابك سألني وقد ارتسمت على وجهه قسمات الحيرة: «وماذا أستخدم إذن؟ لقد اعتدنا على استخدام هذا الفعل منذ عقود!»

أجبته: هاها هاي، هنا كلها لا أريدها ( ترجمة حرفية من الأمازيغية (cct ur tt righ)  ) .. يا صديقي، المواطن لم يعد يستحمل هذه الصيغة إلا أذا صدرت من الجهات المعلومة،  إذ تستفزه. فهي تذكّره بالقمع والاستبداد. لذلك يجب عليك اجتراح عبارات وشعارات تلفت الانتباه إلى تميزها وتفردها برومانسيتها.. يمكنك القول مثلاً:

«الزين ديالي ماتنساني نهار 7 كتوبر»

«الحبيبة ما غا تخسري والو إلى تفكرتيني نهار الجمعة »

«الواليد (ة) بغيت ليك حجة ف مقام سيدنا النبي إلى تفكرتيني نهار الجمعة »

«شحال غا نفرحكوم إلى فرحتوني نهار الجمعة نهار كبير عند سيدي ربي »

«الله يجعل صوتكم علي فهاد النهار الكبير عند سيدي ربي مغفرة الذنوب وأسباب فيض الرزق » وهكذا..

وإياك ثم إياك استخدام العبارات والشعارات التقليدية المبتذلة، فالمواطن بات يأنف منها.. كما إنه يفضل عدم ارتداء اللباس الرسمي في الصور التي سوف تطبعها على الملصقات، ويستحسن أن تتعمّد اللباس الشعبي مع الإصرار على أن يكون عمر لحيتك ثلاثة إلى خمسة أيام .. لتبدو وكأنك من عامة الشعب وتقيا وورعا مع المواظبة على أداء الصلاة في مسجد يرتاده المتقاعدون الذين سيجعلونك موضوع نقاشاتهم، وتتقرب إلى الإمام، ومحاولة إثارة انتباه المصلين من خلال ومي المفاتيح أرضا محييا بالجهر،  والانسحاب فور انتهاء الصلاة ، وتنتهز صلاة الجمعة ما قبل الاقتراع لعد الانتهاء من الطقوس وتسلم مبلغا من المال يكون حجمه ملحوظا ليعلن من على المنبر على أنك عثرت عليه بمراحيض المسجد مثلا ، هكذا ستكون موضع إعجاب المصلين ومصدر ثقتهم، ومثالا عن الأمانة والنزاهة طيلة الأسبوع ما قبل الاقتراع ، وتختارا ناطقا متخصصا في التواصل، يشيع بين الناس أنك فاعل خير معروف لا يحب الظهور ، مع اختلاق قصص تتحدث على مشاريع إحسانية وخدمات قدمتها لمعوزين ….الخ          

في تجمعاتك الخطابية  لا تصرخ  ولا تنتقد  منافسيك  بتاتا ، فبعد البسملة والحوقلة  والصلاة على النبي  والاستشهاد بآية ” وقل اعملوا …الخ ” معاتبا بلطف الناس الذين اصطفوك للترشيح مع وصفهم بميزات من قبيل الشرفاء ، الغيورين وغير ذلك من الصفات مع ذكر أسماء شخصية فضفاضة  كالحاج عبد الله ، مولاي سعيد، الأستاذ مراد، الدكتور رياض، المهندس فريد …الخ، مع تذكير الحاضرين على أنك ترددت كثيرا على قبول اقتراحهم لأن المسؤولية تكليف ، وأن مشاريعك ستتضرر ولكن لما تدخل المخزن ليثنيني عن الترشيح ،بل ليهددني في مشاريعي، أخذت قراري هذا ولو على جثتي، ليس فقط  مشاريعي فلتدهب أموال كل الدنيا إلى الجحيم في سبيل الحق وإنصاف المقهور ومسح دمعة حزن أرملة وغير ذلك من الجمل المدغدغة لمشاعير المسحوقين. ولا تنسى أن تبث بين الجمهور المصفقين والحياحين ، وعند كل فقرة فقرة ردد أحد الشعارات التالية والتي يجب كتابتها على اللافتات والملصقات :

«سأبقى يقضا ولن أغفو مهما داعبتني أنامل النعاس في أية جلسة من جلسات مجلس النواب »

«لن أستعمل أبداً هاتفي النقال مهما كان  أية جلسة من جلسات مجلس النواب »

«لن أخاف أبداً من أحد غير الله سبحانه وتعالى ، ولن أرفع يدي بالموافقة حتى لو كنت صاحب الاقتراح»

«سوف أفضح كل التوجيهات التي تأتيني من (فوق) للتصويت على القوانين، بعد صلاة الاستخارة»

«في حال عدم درايتي بمناقشة التشريعات التي تحيلها الحكومة إلى مجلس النواب، أعدكم بأنني لن أهرف بما لا أعرف، بل سأقوم بمهمتي على حد نيتي»

«نعم للجري وراء الفساد للقبض عليه وتحويله إلى سماد كما تتحول المطاريح إلى مساجد، ونزع بذرة الفساد من قلوب المفسدين بالرقية الشرعية .»

«سيارتي هذه سوف أضعها في حال فوزي، كخدمة نقل مجاني ما بين أحياء الدائرة لنقل المرضى والمعوزين»

«الغرفة التي ستخصّص لي في الفندق بالرباط ، سوف أعيرها لكل من له حاجة بالرباط ، ولكل داعية  يحتاج إلى من تساعده على القذف بأشيائها»

«لا لعناق المحبين في الحدائق العامة ، وشواطئ المملكة » وهكذا..

صحيح أن خطابك هذا وحده لن يقودك إلى النجاح، لكنك سوف تربح اهتمام الكثير من الناس الذين يتوقون إلى الخطابات الجديدة الصادمة إيجابياً، والتي لم يسبق أن تطرق إليها غيرك من المرشحين، لأن  الزرقالاف لها وقع سحري على الضعفاء ، فإذا ما أقرنتها به نم قرير العين لقد ضمنت تقاعدا مريحا دون أن يفرض عليك أحد الاشتغال فوق الستين من عمرك لكي تعوض ما نهبوه الذين سبقوك إلى تلك القبة الشريفة. .

ابتسم صديقي المرشح لتهكمي وأثنى عليه، وشكرني على مده بمفاتيح البرلمان، إلا أنه سرعان ما عكرت مزاجه، فبدا لي كالبائسٍ المفلسٍ لتوه في الكازينو، حينما ذكرته أن ثورة الكمّون التي تنبأ بها الأمير الأحمر بدأت تلوح في الأفق، بالخصوص أن المخزن في سرعته القصوى للفظ بنكيران وحزبه الذي استشرف هذا المستقبل البئيس، وهدد بالنزول إلى الشارع بعد أن ضمن دعم ماما أمريكا التي ستأذن لجماعة الفوهرر عبذ السلام ياسين لاحتلال ساحة الحاجة الحمداوية بشعار البندير على وزن شعار رابعة     وسألني بنبرة لا تنتظر جواباً كما لو كان يسأل نفسه: «إذا هذا المجلس لن يعمر أكثر من سنة ما دام أن تاريخ ثورة البندير والكمّون ؟ إذا أخلف الله علي المائة ألف درهم التي اشتريت بها التزكية، لأني بالفعل غير مدعوم من أية جهة. وبالتالي فإن فرصتي بالفوز تقترب من الصفر ما لم تكن بانتظاري معجزة. لذلك لن أزعج نفسي وأتكبد تكاليف باهظة من أجل حفنة من الأشهر.. فلننتظر إذن انتخابات نهاية ثورة البندير بالكمّون,!».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد