الشعر العربي في سوس، التأصيل والتعليل : تفاعل مع محاضرة للدكتور اليزيد الراضي

 البشير التهالي: الدكتور اليزيد الراضي خبر مكامن الشعر العربي السوسي مكابدة ومدارسة عنوان المحاضرة الافتتاحية التي ألقاها أستاذنا وأستاذ الأجيال الدكتور اليزيد الراضي، والتي افتُتحت بها أعمال الدورة التكوينية الحادية عشرة التي أقامها مختبر الأنساق اللغوية والثقافية، والتي فاحت بعبير الوفاء لفقيدة وحدة التواصل وتحليل الخطاب، المشمولة بعفو الله الدكتورة آمنة الراضي رحمها الله؛ وللعلم […]

 البشير التهالي: الدكتور اليزيد الراضي خبر مكامن الشعر العربي السوسي مكابدة ومدارسة

عنوان المحاضرة الافتتاحية التي ألقاها أستاذنا وأستاذ الأجيال الدكتور اليزيد الراضي، والتي افتُتحت بها أعمال الدورة التكوينية الحادية عشرة التي أقامها مختبر الأنساق اللغوية والثقافية، والتي فاحت بعبير الوفاء لفقيدة وحدة التواصل وتحليل الخطاب، المشمولة بعفو الله الدكتورة آمنة الراضي رحمها الله؛

وللعلم فالراحلة خريجة كلية الآداب في أسلاكها الثلاثة: الإجازة والدراسات العليا المعمقة والدكتوراه، وهي إحدى النوابغ المجدات علما وخلقا ممن كنَّ يصطلح عليهن في وحدة الدكتوراه ب “الفوارس”. وكانت معروفة منذ مناقشة أطروحتها المتفردة التي أدارتها حول “النقد الأدبي عند العلامة المختار السوسي”، بمسار علمي حافل حتى قضى الله أمرا كان مفعولا. وهي إلى ذلك كانت عضوا متعاونا مع مختبر الأنساق اللغوية والثقافية، فضلا عن تعاونها في التدريس مع شعبة اللغة العربية في بعض المواسم الجامعية.

وقد كانت الدورة بحق بما ترمز إليه من نبل ووفاء وعرفان، أنموذجا متميزا في التواصل الإنساني، ومتانة العلاقات التربوية التي احتضنتها رحم العلم، ومن حيث صلابة التكوين ومتانة التأطير. وذلك بفضل ما بذله نخبة من الباحثين من جهد طيب مشكور، تحت رعاية مشهودة محمودة من مؤطريهم في مختبر الأنساق اللغوية والثقافية إعدادا وإنجازا، أسفرت عن تواصل علمي قدم فيه الباحثون عروضا عن رسائلهم، وتلقوا إثرها ما يلزم من النصح والتوجيه.

وكانت المحاضرة الافتتاحية مفيدة للغاية في بابها وموضوعها وطريقة عرضها، ورقي بيانها، وعمق طرحها، وسعة أفق دوائرها العلمية؛ وقد ألقاها على مسامع جمهور غزير نوعي، أستاذ باحث خريث، خبر مكامن الشعر العربي السوسي مكابدة ومدارسة، واستوعب خصائص تميزه الإبداعي، وأصول شاعريته مقالا ومقاما بالنظر إلى ما يتميز به النظم السوسي الأصيل الذي تنصهر في بوتقته العربية الفصيحة الأصيلة، والأمازيغية الصافية الأثيلة، إنشادا وترنما؛ شقيقتين لا ضرتان.

وأثيرت في المحاضرة البديعة الممتعة في شطرها الأخير مجموعة من قضايا الشعر العربي السوسي التي ربما بدت للبعض غريبة، فبسطتها المحاضرة على محك التدقيق والتمحيص، رادة ما التصق، أو يمكن أن يلتصق بأذهان البعض بصددها من الأوهام والأحكام الصارمة.

وقد حملت المحاضرة في حناياها شحنة من الرسائل التربوية، فاتحة بعمق طرحها منافذ علمية للباحثين جديرة أن يدار عليها البحث وتطرق أبوابها.

ومن تلك المنافذ ما ورد في سياق الحديث عن “شخصية علمية سوسية مغمورة هي الفقيه الأديب مولاي عبد الرحمن البوزكارني، أحد شيوخ العلامة الوزير محمد المختار السوسي”؛ حيث “ذكر أستاذنا حفظه الله أن البوزكارني أقبل على حفظ العاصمية في القضاء والأحكام للنفس الشعري الذي يسري في هذا النظم رغم أنه تعليمي يجف ماء الشعر في بطاح أصوله وقواعده الفقهية التفصيلية!

وهذا المنفذ العلمي اللامع، إذا ما رُزق باحثا مجدّاً، سيكون جديرا بفتح أفق رحب أمام البحث الرصين لكشف معالم ما يمكن الاصطلاح عليه: “شعرية النظم التعليمي”، اعتمادا على متن منظومة “العاصمية” فتُدرس “لشعريتها” لا “لتعليميتها”، وستكون الدراسة النصية بهذه الصفة فرصة لتصحيح أوهام طالما انتقصت من شأن النظم التعليمي، واستصغرت بسببه بحر “الرجز” الذي تنظم فيه أغلب المنظومات التعليمية، حتى عُدَّ “حمار الشعراء” احتقارا واستصغارا.

محمد همام : مرافعة فكرية: لماذا أبدع الأمازيغيون بسوس في الشعر العربي؟

على هامش محاضرة العالم الأديب ليزيد الراضي.

احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير محاضرة افتتاحية للدورة التكوينية الحادية عشرة للطلبة الباحثين في سلك الدكتوراه، من تنظيم مختبر الأنساق اللغوية والثقافية بشعبة اللغة العربية وآدابها. ألقى المحاضرة الأستاذ الدكتور ليزيد الراضي. كانت المحاضرة أقرب إلى مرافعة فكرية تجيب عن أسئلة ظاهرة ومصرح بها في المحاضرة، وأخرى مخبأة في مابين سطورها وكلماتها، وفي الأفق الاستدلالي والاستشكالي الذي تحركت في ظله المحاضرة، وهي أسئلة ذات راهنية في السياق الثقافي المغربي اليوم، يساهم في تداولها والإجابة عنها فاعلون ثقافيون، وسياسيون، وأيديولوجيون، وكذلك أكاديميون. أسئلة متعلقة بعلاقة الأمازيغ باللغة العربية.
تميزت المحاضرة بطبيعة الموضوع، وبطبيعة المحاضر، وبطبيعة المقاربة. فالموضوع هو عنوان المحاضرة: ( الشعر العربي في سوس:تأصيل وتعليل). وفيه استثمار لمصطلح التأصيل،(وهو بيان أدلة المشروعية، من خلال بيان الأصول التي يرجع إليها الشعر العربي في سوس، والمنابع التي استقى منها السوسيون شعرهم العربي)، عبر نقله وترحيله، من الدراسات الفقهية(الشرعية) إلى الدراسات الأدبية.
وهو مدخل منهجي يظهر إلمام الأستاذ الراضي بمعطى إبستمولوجي وهو انتقال المفاهيم والمصطلحات أو هجرتها من حقل علمي إلى آخر. كما أن التأصيل نفسه استند إلى ترحيل مصطلح آخر من حقل علم أصول الفقه إلى حقل الدراسة الأدبية، وتاريخ الأدب، وهو مصطلح:( التعليل). فالمحاضرة أطروحة تقوم على تأصيل معلل.
وأما المحاضر فهو ليزيد الراضي، يحمل على رأسه أكثر من قبعة، فهو الأستاذ الجامعي السابق بشعبة اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، وهو رئيس المجلس العلمي الجهوي لسوس، وهو التلميذ الوفي لأستاذه المرحوم عباس الجراري، ولمنهجه في دراسة الأدب المغربي، عبر التركيز على المنتج الإبداعي والثقافي الجهوي، في إطار جهوية ثقافية متقدمة، تشكل رافعة لجهوية إدارية متقدمة.
والأستاذ الراضي في مستوى آخر هو واحد من علماء المغرب وسوس تحديدا المعاصرين، ممن يعيدون ذكرى المختار السوسي من حيث المساهمة في بناء مكون جوهري في جذر الثقافة المغربية مما أنتجه الأمازيغ بسوس. ولايمكن فهم الأطروحة الفكرية للأستاذ الراضي من دون الإشارة إلى مساره العلمي. فهو خريج المدارس العتيقة، والتعليم الأصيل، وكلية الحقوق، وكلية الآداب. درس في طاطا، وفي معهد محمد الخامس لتارودانت. وتميز بمنزعه الموسوعي، فقد درس اللغة، والتفسير، والأصول… وحقق أشعار فقهاء وعلماء وأدباء سوسيين كثر.
وأنجز رسالة جامعية ضخمة في جمع وتحقيق ودراسة شعر داود الرسموكي، وأطروحة حول: شعر الجشتيميين، تحت إشراف عباس الجراري. والتحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير أستاذا جامعيا 1986. تشرفت أن درست على يديه الأدب المغربي منذ أكثر من ثلاثين سنة مضت. والملفت في شخصيته في القسم أو المدرج أنك تجد نفسك أمام أستاذ مجلبب يغلب عليه الحياء وينطق العربية بلكنة مغربية وبايقاع صوتي أمازيغي.
ولكنه متكلم فصيح لايخطئ. وصاحب قدرة كبيرة على الكلام ارتجالا، كلام منظم يسلمك بعضه إلى البعض من دون حبسة أو اضطراب. حرصت أن أذكر هذه المعطيات لأصل إلى أن أطروحته تنطبق عليه هو نفسه قبل غيره، فهو الأمازيغي ذو الفصاحتين، فصاحة أمازيغية وفصاحة عربية.
فأطروحة المحاضرة رافقت الأستاذ ليزيد الراضي في مساره العلمي، وكانت جزءا أصيلا من نشاطه الثقافي، بل كانت أطروحته للدبلوم والدكتوراه. أطروحة تنتصر للنبوغ المغربي، وللإبداع المغربي، وللإبداع السوسي تحديدا، باللغة العربية أو باللغة الأمازيغية.
تقدم الأستاذ الراضي ليلقي محاضرته في استحياء وتواضع إلى حدود الخجل عرف به في الجامعة وفي حلقات التدريس التي ينشط فيها، تعليما وتربية ووعظا، وجد أمامه جمعا من الأساتذة يتقدمهم عميد الكلية، ومن طلبة الدكتوراه، ومن الباحثين المهتمين بالدراسات الأدبية والثقافية بسوس. وبعد شرحه لمفهوم التأصيل البارز في عنوان المحاضرة، طرح السؤال المركزي لمرافعته، وهو: ماهي الأسباب المفسرة لتفوق السوسيون، وأغلبهم أمازيغ، في الشعر العربي؟
أجاب الأستاذ الراضي عن هذا السؤال من خلال تحديد المنابع التي استقى منها السوسيون شعرهم العربي، وهي أسباب تفسيرية، بنظره، لظاهرة التألق السوسي في الشعر العربي. المنبع الأول لهذا الشعر، بنظر الأستاذ الراضي، هو ملكة الشعر التي وهبها الله للإنسان السوسي، وخاصة العلماء والفقهاء، وقد احتك المحاضر بالعشرات منهم، وهو بالمناسبة، خبير بأحوال سوس ورجالاتها وعلمائها وبجغرافيتها الثقافية والأدبية، وكل الفاعلين فيها، يدرك هذا من جالس المحاضر، أو استمع له، أو صاحبه، أو درس عنده.
فالفقيه السوسي شاعر بالفطرة والموهبة، يتألق ويبدع ماتعهد موهبته بالصقل والتهذيب، ويتحول، بتعبير الأستاذ الراضي، من شاعر بالقوة إلى شاعر بالفعل. لذلك ذكر مدارس علمية عتيقة أخرجت العشرات إلى حدود المائة من الأدباء، شعراء ومترسلين، مثل المدرسة الإلغية. وخلفوا قصائد تعد أبياتها بعشرات الآلاف.
الشعراء أصحاب مايزيد على عشرة آلاف بيت كثر. وفي المقابل وجد فئة أخرى من أصحاب الموهبة المجهضة سلبتهم معارف أخرى مثل: الفقه، والنحو والصرف، فخسروا مواهبهم. وأما المنبع الثاني فهو الأصول العربية لكثير من شعراء سوس، ينتمون إلى العنصر العربي الذي انتشر في سوس، من أحفاد الخلفاء الراشدين،أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وجعفر بن أبي طالب كما في قبائل إلالن (هيلالة)، وتمكروت، وقبائل سيدي وساي أيضا جعفرية النسب.
وقد استند الأستاذ الراضي في هذا المعطى إلى ماورد في كتب التراجم بسوس عن أصول الشعراء وعن أنسابهم، إذ تجد فيها: بكري، وعمري، وعثماني، وعلوي، وجعفري. كما استند إلى ماذكره المختار السوسي في كتابه: (إليغ قديما وحديثا) عن الانتشار العربي في سوس، كما ذكر في كتابه المعسول أثر الأصل العربي على تألق الشعراء، عند حديثه عن أحد الشعراء اليزيديين من طلبة الطاهر الإفراني.
وتوجد قبيلة بين تافراوت وتمكيلجت تدعى (إذا ويزيد)، أي اليزيديين أبناء يزيد، نسبة إلى يزيد بن معاوية. ولاينفي الأستاذ الراضي أن الأحفاد قد تمزغوا وتغيرت عربيتهم إلى (الشلحة)، أي الأمازيغية السوسية، ولكن الأصول، بنظره، وإن تغيرت اللغة، تعمل عملها، فالعرق دساس، كما ورد في الحديث النبوي. المنبع الثالث هو متانة التكوين اللغوي والأدبي لفقهاء سوس وشعرائها، بما يجسد غنى البرامج التكوينية الدراسية بالمدارس العتيقة بسوس، بما يوفر للمتمدرس الاحتكاك بذخيرة لغوية وأدبية، حفظا ومدارسة وتداولا، يمثلها القرآن الكريم وعيون الشعر العربي، وتعززه برامج منتظمة في الفقه والنحو والقاموس ومختلف العلوم.
كما ذكر الأستاذ الراضي ضمن منابع الشعر العربي في سوس البيئة الاجتماعية المكتنزة بالايقاعات والأهازيج والألحان والكلام الموزون المملوء بالحكم والهموم الذاتية والتوجيهات الدينية مما تحفظه الأمهات ومما يردده الرجال في مواسم الزرع والجني والحصاد والدرس والتدرية والتخزين، وفي غيرها من الممارسات التربوية والتعليمية والاجتماعية.
كان الأستاذ الراضي يتكلم من موقع الباحث الأكاديمي الذي قضى وقتا طويلا في البحث في المخطوطات، جمعا وتحقيقا ومدارسة ، والتنقل بين المكتبات، وفي الحديث إلى الشعراء والأدباء… في سوس. فهو عمل أقرب إلى مهمات المؤرخ، والأنثروبولوجي، والسوسيولوجي، فهل تكون هذه الأطروحة/المرافعة مقدمة لتدشين حوار علمي وبحثي بين المهتمين بالثقافة والإبداع المغربيين بسوس، والبحث في مايتعلق بالترابط الكبير بين المكونين العربي والأمازيعي، وفي التأسيس لمنهج دراسة الإبداع المغربي بسوس على قاعدة البحث في الوثائق وفي النظر الحقائق في الموضوعية على الأرض، خارج منطق التحريش والادعاء.

الحسين بويعقوبي : عن نبوغ السوسيين في الشعر العربي : أي علاقة بين الأصول والإبداع الشعري؟

لم أتمكن من نيل شرف الحضور لمحاضرة الأستاذ اليزيد الراضي في موضوع “الشعر العربي في سوس”، لكن تتبعت أطوارها عن بعد، لأنها منقولة مباشرة على شبكات التواصل الاجتماعي.
لقد أحاط الأستاذ اليزيد الراضي بالموضوع من جميع جوانبه، وأظهر معرفة كبيرة بسوس وممارساته الشعرية، وليس ذلك بغريب على إبن المنطقة وأحد علمائها الأجلاء ومن عارفيها المميزين، وهو نفسه أنموذج حي للسوسيين النابغين في اللغة العربية، إلى جانب لغته الأمازيغية.
لكن في المقابل يبدو لي أن أحد تفسيراته لنبوغ السوسيين في الشعر العربي يجب أن تؤخذ بكثير من الحذر، ويتعلق الأمر بتفسير ذلك بالأصول العربية لأغلب هؤلاء الشعراء وإن تمزغت (أو تشلحت) لغتهم، حسب تعبيره، بعد قرون من العيش في الوسط السوسي. ومبرر وجوب هذا الحذر ما يلي :
-أن إشكال ربط أصول المغاربة بالشرق إشكال أيديولوجي، أكثر منه علمي، يحضر فيه السياسي أكثر من شيء آخر، نتج عنه منذ قرون ادعاء عدد من العائلات الأمازيغية النسب الشريف، وتنافست للحصول على الأشجار المتبثة لذلك، ولو وجدت في أعالي جبال الأطالس، أو تخوم جبال الريف، لأسباب مرتبطة بمآرب سياسية لا يسع المجال لذكرها. وهذا ما ناقشه العديد من الباحثين وضمنهم ذ.محمد شفيق وآخرون، وبينوا السياق التاريخي لهذه الظاهرة وخلفياتها.
-لا يكفي أن تكون الأصول عربية لتكون نابغا في الشعر العربي، وإلا لكان كل عرب الشرق شعراء بسبب أصولهم، ولكان أحفاذ المهاجرين العرب الموزعين في كل بقاع العالم، منذ أكثر من قرن على الأقل، فطاحل في الشعر العربي.
-لقد عرف عن بعض الأمازيغ قديمهم وحديثهم التمكن من لغات الآخر، وأبدعوا فيها ببراعة وهو ما يمثله : الروائي ذو الأصول الأمازيغية أفولاي (أبوليوس) كاتب أول رواية في العالم باللاتينية، ومحمد خير الدين الذي أبهر الفرنسيين بنبوغه في لغة فولتير وسار على نهجه إبن منطقته محمد فريد زلحوظ، والشيء نفسه بالنسبة لمحمد المختار السوسي وغيره كثير في اللغة العربية، دون أن يفسر ذلك بأصولهم اللاتينية أو الفرنسية أو العربية.
ولذلك أعتقد أن من أسباب نبوغ السوسيين في الشعر العربي هو أولا عيشهم في بيئة تنبض شعرا بالأمازيغية، واكتسب عدد كبير منهم ملكة الشعر، خاصة المرتجل. وحين تمتلك هذه الملكة، وهي قوية لدى الشعراء الأمازيغيين، يكفي التمكن من لغة أخرى لتصبح فيها شاعرا. وهو ما حدث مع اللغة العربية، منذ أن تعلمها السوسيون، خاصة النخبة الفقهية، وأبدعوا في طرق تعليمها نحوا وصرفا، لدرجة أن استعانوا بالأمازيغية في ذلك، ومنها قولهم للتمييز بين القرن (بفتح القاف) والقرن (بكسرها) “القرن بالفتح تاسوت أو إسكي، والقرن بالكسر يان إكان أنكو نكي”.
وحين يضاف لتعلم اللغة العربية عبر المدارس العتيقة المنتشرة بكثرة في سوس ثم حب النخبة الفقهية من السوسيين لهذه اللغة، وحرصهم على حفظ القرآن وتحفيظه وحفظ الشعر العربي أيضا، في وسط شفوي ينبض شعرا أمازيغيا، يصبح النبوغ في الشعر بالعربية تحصيل حاصل.
لقد كانت محاضرة ذ.الراضي غنية وقيمة وتفتح مجالا بحثيا رحبا يحتاج لمزيد من البحث والتدريس خاصة دراسة البنيات العميقة للذهنية المنتجة للشعر في سوس، سواء بالعربية أو بالأمازيغية.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد