الدولة المدنية حلم الليبيين

محمد شنيب

فيما يسمى في بلدان أو بالأحرى في أوطان الشمال أفريقي والشرق الأوسط وبالذات بعد ظهور التيارات التنويرية المختلفة والتي ظهرت في المنطقة مع القرن التاسع عشر،بداء يطفح إلى السطح الحاجة إلى وجود نظام دولة جديد ليستبدل ذلك النظام القديم واذي وجد وسيطر على المطقة قافيآ وسياسيآ وإجتماعيآ ألا وهو الخلافة العثمانية (بلاد المغرب الأقصى لم تكن تحت سيطرة الخلافة العثمانية). وبداء وظهور الحاجة إلى ضرورة النداء إلى مايسمى ” الدولة المدنية” وذلك في محاولة إخراج أوطان هذه المنطقة من التخلف ووضعها على سكة الإتجاه نحو التقدم ومجاراة ركب الحداثة واللحاق بهذا الركب ما أمكن (وذلك تمشيآ مع ما كان يحدث في أوروپا) وذلك بعد التخلص من أثار التراث والسلبية الجاتمة على الأرينا تلك البارزة في كل مظاهر الحياة المهيمن عليها طابع ونظام دولة الخلافة الإسلامي العثماني،ولفترة تاريخية طالت عدة قرون عديدة.

لم يتمكن هذا التيار التقدمي من  الإستمرار ليصبح واقعآ وذلك للمقاومة العنيفة التي التي أظهرها تيار الخلافة الإسلامي السلفي وزاد بعد ذلك مجيئ الإستعمار الأوروپي الحديث وبالذات الإستعمار الفرنسي  في الجزائر متبوعآ  بتو نس ثم مجيئ الإستعمار الإيطالي لليبيا.

دعا هذا الأمر إلى إنخراط الوطنيين وقياداتهم في الإنشغال بالأمر الذي كان أكثر إهمية آنذاك أي مقاومة الإستعمار الأوروپي ومحاولة طرده بشتى الطرق الممكنة لديهم للحصول على حريتهم الوطنية.

توقف النداء ب “الدولة المدنية” ولم يلقى النداء بها الإهتمام الكبير  وتولت الشعوب مرحلة التحرير الوطني لتخليص الأوطان من الإستعمار الأجنبي المباشر.

تمخضت مرحلة التحرير الوطني عن نظام مدفوعآ بالحماس  ووُلد ما يسمى “الدولة الوطنية” والتي فرضتها بالدرجة الأولى  الظروف التاريخية المصاحبة لمرحلة التحرير الوطني ، وما ورثته أيضآ من الدول الإستعمارية ، بالإضافة إلى قلة الخبرة السياسية لدى القيادات الوطنية الأمر الذي دفعها إلى محاولة  تقليد الدولة التي كانت مستعمرة للوطن؛وزاد الأمر سؤآ الظروف الإقتصادية الصعبة في مواجهة الشركات الإحتكارية الكبرى والتي كانت وراء خلق المصاعب للمحافظة على مصالحها الإقتصادية  ولا شك كان الهذا الأثر السلبي في إبعاد التيار الوطني من الإهتمام ب “الدولة المدنية” المنشودة؛ وبداء صراع جديد بين القوى الوطنية وذلك حسب إنتمآتها السياسية وشعبية هذه التيارات .

إنتعش في منطقة الشرق الأوسط التيار القومجي العروبي متجاهلآ بناء الأوطان على أساس الديمقراطية العلمانية ، والحداثة،ويلاحظ أن دساتير هذه الأوطان لم تكن مبنية على التعددية وإحترام خصوصية كل وطن وإعتبار خصوصيته الجغرافية والتاريخية ولم يعترف بمكوناتها المركبة لمجتمعاتها،كما يلاحظ أن التيار القومجي العروبي كان دائمآ مهادنآ للواعز الديني وبدلآ من إعتبار الدين دو طابع شخصي ولا يرتبط بالوطن ،كان هذا التيار القومجي لا يمانع تحديد “دين الدولة ” وعلى إعتبار أنهم يحترمون ديانة التي كانوا يسمونها ديانة المجتمع  وبهذا نحوا منها الصفة الشخصية، وهذا ما ساعد في بقاء التيار الإسلاماوي بتأثيراتها السلبية على المجتمع…تمدد هذا التيار القومجي العروبي في إتجاه المغرب الكبير الشمال أفريقي (الذي يرجع معظم سكانه إلى الأمازيغ والأفارقة قبل مجيىء العرب من الجزيرة العربية بدعوى نشر الدين الإسلامي.

لاشك إن إستقبال السكان الأصليين لم يكن  إستقبال لوافد وغازي أجنبي إستقبالآ حارآ بل إعتبروهم غزوات أجانب (فالتاريخ يحكي عن حروب إستمرت ما يقارب السبعين سنة بين كَر وفر وسقط فيها الكثير من الضحايا من الطرفين .ويذكرنا التاريخ بالقائد العسكري الأمازيغي “أكسيل” المعروف عند العرب “كسيلة” والملكة الأمازيغية “كهينة ديهيا” ودورهم المشهود لهم في مقاومة الوافدين من الجزيرة العربية.فالغزاة والوافدين لا يتم إستقبالهم إلا بالمقاومة في السابق والحاضر في الطبيعة البشرية.

بعد إنتصار الوافدين أصبح سكان المنطقة مسلمين وخاصة أنهم كانوا مسيحيين يتبعون امذهب “الدوناتي” الذي كان له إختلافات مع الكنيسة في روما في كثير من المعتقدات المسيحية… وبعد بدء الخلافات في المشرق والفرق الإسلامية وظهور مذاهب جديدة لديهم تبنى الأمازيغ المذهب الشيعي ولفترة قصيرة وبعده المذهب الأباضي وظهرت بعض الدول الإسلامية في شمال أفريقيا ذات الطابع الخلافي والعائلي.

وبعد إنتهاء الوجود الإسلامي في الأندلس وطردهم من قبل الأندلسيين؛سيطرت أسپانيا على طرابلس الغرب في ليبيا ثم بعد ذلك قام الأسپان بتسليمها إلى فرسان القديس يوحنا المالطيين “طرابلس الغرب ” إلى الخلافة العثمانية التي مكثت ما يزيد عن أربع قرون وجاء بعدهم الإستعمار الطليانيواذي إستمر ما يزيد على ثلاثين عام.

جائت الإدارة البريطانية في عام 1943″.تحصلت ليبيا على الإستقلال وكانت أول دولة شمال أفريقية تستقل بنظام ملكي فيدرالي متكون من ثلاث ولايات (طرابلس الغرب،فزان، وبرقة)؛ في سپتمبر 19669 جاء نظام إنقلابي عسكري بقيادة الملازم أول (نصب نفسه كعقيد) وكان هذا نظامآ عسكري متخلف وبدوي وقبلي وغارق في الديكتاتورية الفردية العائلية والقبلية العروبية.

كما ذكرت سابقآ من التاريخ الإسلامي قامت عدة دول أمازيغية وعربية من أهمها:

الدولة الرستمية ومؤسسها “عبد الحمن بن رستم” وهو إيران الأصل وكان أبضي المذهب وإتخد من مدينة “تيهرت” الجزائرية مقرآ لدولته الأمازيغية الأباضية.

دولة المرابطين الأمازيغية  وكان مؤسسها ذو أصول من المغرب والأصل وموريطانيا ويسمى “يوسف بن تاشفين” (1)ويروى عنه أنه لم يكن يجيد الحديث باللغة العربية .

دولة الموحدين وقامت بقيادة أمازيغية وإستخدمت تونس كمقر لها وكان حكمها بين الغرب الليبي والشرق الجزائري.

دولة الأغالبة وأسسها عربي يسمى “إبراهيم بن الأغلب” وكانت دولة عروبية وإتخدت من تونس مقرآ لها وحاولت طمس الهوية الأمازيغية. وجا بعدها الخلافة الفاطمية التي بدأت في تونس وإنتقلت بعده للقاهرة في مصر

هاجرت قبيلتان من الجزيرة العربية إل مصر وذلك بعد حدوث فترة جفاف ألمت بالجزيرة العربية إستمرت لعدة سنوات .قابلت هاتان القبيلتان في الإستقرار والإندماج في مصر؛ قررت الدولة الفاطمية (التي كانت تعاني من المشاكل الخاصة بها بالتخلص من هاتين القبيلتين  والمشاكل التي أتوا بها من الجزيرة العربية) إرسالهم إلى دول المغرب الكبير للتخلص منهم ومحاولة حل المشاكل المشاكل الداخلية والمتراكمة في مصر.

كانت هاتان القبيلتان ذو نزعة همجية وعدوانية عنيفة كما ورد عن المؤرخ والإجتماعي “عبدالرحمن بن خلدون” حيث كان يقول في وصف هاتي القبيلتين (أينما حل العرب حل الخراب) و( إذا عربت خربت وإذا خربت لن تعمر) (2) ; وكان لبقاء هاتين القبيلتين ووجدهما في المغرب الكبير الأثر الكبير في تغيير التركيبة الإثنية والإكولوجية الإجتماعية ،سيتم التعرض لهذا الشأن في مقال مستقبلي.

بعد حصول ليبيا على الإستقلال في نهاية عام 1950 تمكنت القيادة السياسية  في ذلك  وبالتعاون مع  الملك  ومع المخابرات البريطانية من إلغاء كل الأحزاب السياسية وفرض القبلية في الإنتخابات وطرد زعيم حزب المؤتمر الوطني خارج البلاد.راجع مقالي في نوڤمبر الماضي بعنوان  “ليبيا الماضي والحاضر” المنشور في (azulpress.ma) الإلكترونية.

يتضح من هذا السرد أن ليبيا كالكثير من الأوطان التي عانت من الإستعمار الحديث لم تتعرف ولم تتبنى دولة بالمفهوم الحداثي العلماني بعد أن تحصلت على إستقلالها الوطني وبذا لم تتعرف على عل طريق وتطبيق الديمقراطية حيث تولت على حكمها ديكتاتوريات حتمت عليها إتباع طريق الأحادية السياسية والفكرية ،ذلك الطريق الذي جعلها تنزلق في متاهات الفكر الإسلاموي والقومجي العروبي وهكذا تنكرت لمكوناتها  وثقافتها وذاكرتها التاريخية.

فبعد معانات ليبيا في أيام المملكة السنوسية من الفقر السياسي والثقافي  وكذلك الفقر الإقتصادي (3) قامت المخابرات الأجنبية لمساعدة مجموعة من صغار العسكر من الإيستيلاء على الحكم ؛ وتولى عندنا في  ليبيا نظام عسكري فردي عائلي وقبلي علاوة على إرتباطاته وضحالة إنتمآته السياسية المختلفة وعلاقاته مع المخابرات الأجنبية التي كانت تشرف عل تسييره في الإتجاه الإسلاموي والقومجي العروبي ثم بعد ذلك في إدعائه بقيادة أفريقيا وتسمية نفسه “ملك ملوك أفريقيا” وبعثرة ثروات ليبيا النفطية لتحقيق مصالحه الشخصية..

وكانت فترة الديكتاتورية القذافية من أسواء فترات الظلام التي عاشتها ليبيا ،حيث حُكِمت فيها البلاد بنظام بني على الأحادية و”عظمة الشخص “والعائلة والقبيلة وإحتقر فيها المواطن الليبي إلى أذنا المستويات وأعتقد القذافي أنه “صنع” نظام حكومي جديد مسميآ إياه “النظام الجماهيري” ومتصورآ أنه بهذا تجاوز حتى مرحل الجمهوريات التاريخي وتجاوز ما وصلت إليه عقول الفكر الإنساني وفي الواقع لم يقم إلا بخلق وتعميق الفوضى على كل المستويات ،؛ فكثر الفساد وأصبح المجتمع مرتشيآ في جميع معاملاته اليومية في الدوائر المختلفة وإزدادت البطالة وأصبح ليس ميسورآ الحصول على عمل في البلاد حتى علىخريجين وذوي مستويات تعليميا عالية وكان هذا في بلاد لا يزيد تعدادها على ستة ملايين وبلد تعد من أكثر البلاد دخلا في العالم، وللأسف إزداد تداول المخدرات والذعاره بكل الطرق..

بدأت إنتفاضة فبراير 2011 وتأمل الليبيين حدوث نوع من التغيير إلى الأحسن ولكن ما حدث هو العكس تمامآ وكان هذا نتيجة للتدخلات التالية:

1- تدخلات الدول الكبرى في تحديد مسار إنتفاضة الليبيين،

2- تحالف الإسلام السياسي مع بعض الدول وبالذات دولة تركيا العثمانية الإتجاه،ودويلة قطر الغنية والمنتجة للغاز الطبيعي والبعيدة نسبيآ عن جنوب أوروپا.

3- تحالف القومجيون العرب بمساندة ذوي العقلية العسكرية والمتمثلة في العقيد المتقاعد “حفتر” مع السعودية الوهابية ودويلة الإمارات الغنيتان بالنفط  واللتان بعيدتان نسبيآ عن جنوب أوروپا وكذلك مع العسكريين في مصر .

4- التدخل كلا من فرنسا وروسيا  والراغبتان في الحصول على موقع إستراتيجي في ليبيا الدولة التي بها أطول شط على البحر المتوسط.

وكان لهذه التدخلات والتحالفات السيئ البالغ في  خلق الوضع التي وصلت لها ليبيا اليوم.

وفي هذا الظلام الدامس والفوضى العارمة التي تعيشها ليبيا وجد الليبيون أنفسهم في إرتباك لايمكنـهم من تحديد أي إتجاه ينون السير فيه ، فهم عاشوا منذ الإستقلال أنظمة منعت النظام الديمقراطي الحزبي ،حيث كان النظام الملكي نظام قبلي إسلاماوي النزعة السنوسية ولحقه نظام عسكري فردي وعائلي قبلي مانعآ. للديمقراطية والحداثة والحزبية.

وهكذاعاش الليبيون ماقبل فبراير2011 أي ما يقارب الستين عام (ما بين 1951 حتى 2011(وهم في واقع سياسي وثقافي في قبو من الظلام مليئ بأجواء من التخلف السياسي والثقافي بالرغم من بعض المحاولات الرافضة والتي كانت تصبوا لنقل ليبيا من هذه الغمة الظالمة والدفع بها نحو الحياة الحضارية والحداثية ؛وكان نصيب من قام بهذه المحاولات إما السجن ولفترا ت مبالغ في طول مددها أو الموت والقتل؛ وبهذا لم ينموا ولم يتولد التفكير بالإتجاه نحو “الدولة المدنية” الحداثية والمبنية على العلمانية  بل كان حتى التفكير ففي هذا الإتجاه بعيدآ عن الواقع الليبي ولم تتح له الفرصة لينموا في هذه الأجواء الخانقة.

وما أن إن إنطلقت إنتفاضة تونس في ديسمبر 2010 ولحقتها إنتفاضة مصر في يناير 2011 حتى إنفجرت إنتفاضة ليبيا في فبراير 2011,وكما ذكرت سابقآ أن كل هذه الإنتفاضات لم يكن لها أي بعد فكري وبالذات الإنتفاضة في ليبيا  والتي كان هذفها هو تنحية نظام القذافي المفرط في الديكتاتورية والتخلف؛ وبالرغم من حماس الجانب العاطفي الذي إصطحب هذه الإنتفاضة ولازمها،منذ بدايتها إلا أن عدم وجود خط سياسي وفكري مصاحب يحدد إتجاهها ،أعطى هذا الفرصة لعملاء التيار الإسلام السياسي والقومجي العروبي إمكانية القفز على هذه الإنتفاضة  وتسيير مسارها حيث بلغت التفاهة والحقارة في كلمة رئيس لمجلس الإنتقالي في نوڤمبر عام 2011 أثناء خطابه لإعلان إنتصار الإنتفاضة بعد قتل القذافي بأنه “يحق الآن لليبيين الزواج بأربع نساء”…!!! ولكأنه هذا هو كل ما كان فيه شباب الإنتفاضة التي دامت ما يزيد على ثمانية أشهر وعلى الرغم من تقديم ألاف المناضلين تضحيات في سبيل تحرير ليبيا وليس الحصول على أربع زوجات كما وعد رئيس المجلس الإنتقالي .هذا الرجل هو والمجلس الإنتقالي كانا قائمين بقيادة إنتفاضة فبراير،هذا الرجل الذي قام بالدعاية الإسلامية الساذجة.

ساهمت كل من تركيا ودويلة قطر من جهة في تأييدهما ودعمهما المادي بالمال والسلاح للإسلام السياسي،كما ساهمت كلآ من السعودية الوهابية ودويلة الإمارات ومصر “العقيد السيسي” ،من جهة أخرى،  بتأييد ودعم ماديآ وعسكريآ  القومجيون العرب والعقيد المتقاعد “حفتر” الذي نصبه ما يسمى الپرلمان برئاسة ” عقيلة صالح” ب رتبة “مشير” “قائدآ عامآ والقائد للقوات العربية المسلحة” وكلا الرجلين “حفتر وعقيلة صالح” يمثلان التيار العسكري والقومجي العروبي والراغب في السيطرة على ليبيا.

دخلت البلاد في دوامة الإنقسامات وحروب سياسية  وبالتحديد بين الشرق والغرب الليبي منذ عام 20014 ,إبتدأت هذه الحرب بحجة محاربة الإرهاب الإسلامي في مدينة ” بنغازي”ولتلحقها في مدينة “درنة”  وكلاهما في  الشرق الليبي، وبقيادة “ألميليشيات العروبية” بقيادة “حفتر” و”عقيلة صالح”. وبعد التدمير والرعب الذي ألحقته هذه الميليشيات وإزدياد الدعم العسكري السعودي الوهابي والإماراتي  والمصري والفرنسي،قررت هذه الميليشيات غزو الغرب الليبي وبالتحديد العاصمة “طرابلس”. وقام العقيد “حفتر بالتحالف مع روسيا لإحضار قوات من شركة “ڤاغنر” الروسية لمساعدته في غزوته على “العاصمة طرابلس”.

إزداد تحالف الإسلام السياسي في الغرب الليبي مع تركيا العثمانية ودويلة قطر ..

بدأت حدة الصراع بين الإخوان المسلمين والإسلاميين من جهة والعسكريين العروبيين من جهة أخرى، الإمر الي أدى إلى سقوط  الكثير من الشباب المغرر بهم من الطرفين ،وكانت قيادتهما تطمحان إلى الوصول إلى سدة الحكم وترسيخ عمالتها مع الجهات الأجنبية ولخدمة المصالح الأجنبية ودن الإلتفات إلى مصلحة الوطن ليبيا، وَمِمَّا زاد سؤآ رجوع زبانة القذافي إلى المشهد الليبي لليلعبوا دورآ وقحآ تحت إسم الديمقراطية ، حيث يدعون أنهم لهم الحق كليبيين المشاركة في بناء الوطن  وعلى إعتبار أنهم ليبيين كغيرهم من الليبيين؛ ليس هذا فقط بل وصلت جرأتهم الوقحة إلى ترشيح إبن القذافي المسمى “سيف الإسلام” ،المحكوم عليه بالإعدام من المحكمة الليبية والمطلوب دوليآ من محكمة الجنايات الدولية ،وقد قام بعض المرتشين الإنتهازين الليبيين بتهريبه من السجن جراء حفنة من المال الليبي الذي سرقه أثناء حكم والده وأسرته أثناء حكمهم البغيض..وقد سهل له الترشح للإنتخابات ما يسمى الپرلمان حين سن قوانين تسمح له بهذا كما سمحت  هذه القوانين للعقيد المتقاعد ” حفتر”الذي مازالت يداه تقطر بدماء المناضلين الأبرياء، ومازال أطفال  طرابلس يتذكرون رعب غزوته الفاشية ل “طرابلس” ..

بهذا يتضح بكل وضوح أن ليبيا في حاجة ماسة وحقيقية للإخبار السياسي الذي يتطلب مشاركة الليبيين في إنتخاب ديمقراطي للمثليهم  في پرلمان يبنى عل قاعدة دستورية ودستور يمثل كل الليبيين ويعبر عنهم توافقيآ على وطن يضم كل مكوناتهم الثقافية الليبية وذلك كخطوة أولى نحو الوصول إلى “الدولة المدنية”..

الدولة المدنية هي الدولة التي تتبنى الديمقراطية العلمانية ونحج الحداثة في قوانينها المنبثقة من الدستور العلماني والذي يسمى  “العقد الإجتماعي”.هذا الدستور الذي الذي يفصل الدين والميول القومجية العروبية عن سياسات الدولة المدنية.

لا الإسلاميين ولا القومجيين ولا العسكريين الذين لم يتفهموا ولم يتشربوا ما تحتاجه منطقة الشمال الأفريقي  والشرق الأوسط وبالذات ليبيا .

ما على ليبيا الآن القيام به لتلحق بركب الحداثة والحياة العصرية هو الإتجاه ننحو دولة الديمقراطية العلمانية والحداثية “الدولة المدنية” التي يتم فيها فصل الدين عن الدولة ولا يتم فيها فصل الدين عن المجتمع..

فمن يسمون أنفسهم يساريون ويعتقدون أنهم ماركسيون ،وما أبعدهم عن اليسارية وفهم ما هي الماركسية ،نجد أنهم مازالوا سجناء الفكر القومجي العروبي سواء كان قوميآ عربيآ من جماعة “ساطع الحصري”  ومن بعده القوميين العرب الناصريين أو البعثيين ،كلهم بقوا سجناء أفكارهم القومجية التي تصب في نهاية الأمر في الفاشية والشوفينيية الضيقة والمتبعة للأنظمة العسكرية تلك التي ظهرت وإستشرت بالذات في الشرق الأوسط وكذلك الشمال الأفريقي (ليبيا والجزائر) ؛ فهم في فكرهم “”التقدمي”” ينكرون حقوق المكونات الثقافية ولا يعترفون إلا بالعروبية؛يمنعونها من ممارسة ثقافتهم منطلقين من منطق الأحادية العروبية والإسلامية

*طرابلس ،شهر مارس 2022


(1) يوسف بن تاشفين هو أمازيغي وهو مؤسس دولة المرابطين  وكان شخصية قوية ومعروف بغيرته عن دين الإسلام وقد قام بمساعدة أمراء في التغلب على أمراء الفرنجة وضم الأندلس إلى دولته.

(2) راجع كتاب تاريخ ومقدمة “إبن خلدون”.

(3) عانت ليبيا في بداية حكم الإستقلال من فقر وقلة موارد إقتصادية،غير أن الأمر تغير بعد إكتشاف النفط حيث أصبحت ليبيا من الدول المصدرة للنفط ولديها أكبر إحتياطي في أفريقيا ولها أطول شاطئ على البحر المتوسط مقابل جنوب أوروپا؛هذا ما جعل المخابرات الأجنبية تتفق على تغيير نظام الحكم الليبي بمجموعة عسكرية أكثر طوعآ وتمشيآ مع التيار القومجي العروبي

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد