البيضاء: مدينة ترثي أبناءها ودراسة ترصد الثقل الجاثم على صدرها

//ياك لاباس – منقول //
الدار البيضاء وهي الحبلى بالمشاكل في حاجة إلى مزيد من الدموع لترثي أبناءها المطمورين تحت الأنقاض، ولأن المصائب لا تأتي عادت انهيارات المنازل لتحتل وارد اهتمامات المسؤولين في مدينة البشر والحجر.

في مدينة تعتبر قطبا اقتصاديا للملكة وتتطلع نحو تعود انهيارات المنازل لتلعب دور عصا تعرقل دوران عجلة التقدم وهي التي تطورت ابتداء من المدينة القديمة، مع تشييد أول حوض لميناء المدينة في 1920، فيما يعتبر العالم الحضري هنري بروست مهندسا لمخططات التوسعات الأولى للمدينة في السنوات الممتدة بين 1917 و1920.

مدينة المستقبل.. تتآكل يوما بعد آخر

لم تعد المدينة القديمة المسرح الوحيد للانهيارات في الدار البيضاء، بل هي شجرة فقط تختفي وراءها أكمة مشاكل جمة.

ووفق دراسة أنجزت من طرف لجن مختصة، بدار الخدمات في العاصمة الاقتصادية، تتوفر لدى “منارة” فإن عدد الدور الآيلة للسقوط في تراب مدينة الدار البيضاء يبلغ حوالي 2870 بناية، وأكبر نسبة توجد في عمالات مقاطعات الفداء -مرس السلطان ب1874 بناية، بنسبة 65 في المائة، و905 في عمالات مقاطعات الدار البيضاء –أنفا، بنسبة 32 في المائة، فيما تصل عدد البنايات المهددة بالسقوط في عمالات مقاطعات عين السبع -الحي المحمدي إلى91 بناية.

نفس الدراسة، تفيد بأن عدد الأسر القاطنة في الدور الآيلة للسقوط، يبلغ حوالي 72 ألف أسرة، منها 90 في المائة تقطن في عمالات مقاطعات الدار البيضاء -آنفا والفداء -مرس السلطان وعين السبع -الحي المحمدي.

على أن الإحصائيات حول البنايات الآيلة للسقوط، على مستوى عمالة مقاطعات الفداء درب السلطان، تشير إلى أن قرارات الدور الآيلة للسقوط المصادَق عليها في مقاطعة مرس السلطان تصل إلى 551 بناية، فيما يصل عدد البنايات التي هي في حاجة إلى الترميم والتقوية إلى 636 بناية، أما عدد البنايات التي تحتاج إلى إجراء خبرة فيصل إلى 224 بناية. وعلى صعيد مقاطعة الفداء، فإن الدور الآيلة للسقوط، والتي صدرت في حقها قرارات، يصل عددها إلى 593، فيما توجد حوالي 828 بناية في مقاطعة الفداء في حاجة إلى الترميم أو التقوية.

وفي تراب عمالة مقاطعات مرس السلطان -الفداء توجد 10 أحياء تُصنَّف ضمن الأحياء المتلاشية وتضم هذه الأحياء، التي توجد 7 منها في مقاطعة مرس السلطان و3 في مقاطعة الفداء، 38 ألف أسرة، أي ما يناهز 50 في المائة من السكان
أما على صعيد عمالة مقاطعات الدار البيضاء –آنفا، فإن قرارات الدور الآيلة للسقوط والمصادَق عليها تخص 492 بناية، منها 480 في مقاطعة سيدي بليوط و3 في آنفا و9 في المعاريف، فيما سجلت اللجنة أن البنايات التي هي في حاجة إلى الترميم أو التقوية، تناهز 100 في سيدي بليوط و16 في آنفا و35 في المعاريف… وتهم البنايات الآيلة للسقوط على صعيد عمالة مقاطعات عين السبع -الحي المحمدي إلى 13 بناية في مقاطعة الصخور السوداء و12 في عين السبع و66 في الحي المحمدي.

وبشأن تنفيذ القرارات الخاصة بهدم الدور الآيلة للسقوط، فتتعدد حسب من يتحملون مسؤولية هذا الملف، بين رفض صاحب الملك أو رفض السكان (المكترين) أو عدم توفر الإمكانيات المالية والتقنية اللازمة لتنفيذ تلك العمليات، مما يُبقى الخطر قائما باستمرار، حيث يُسجَّل ارتفاع في الكثافة السكانية في تلك المناطق، والتي تتراوح ما بين 200 و2000 نسمة في كل هكتار.

السكن غير اللائق.. شوكة في القدم

ليست الدور الآيلة للسقوط، وحدها ما تدمي الدار البيضاء كشفت الدراسة المنجزة، تحت إشراف دار الخدمات، أن حوالي 200 ألف عائلة في مدينة الدار البيضاء تقطن في سكن غير لائق، ويتكون هذا السكن من أحياء الصفيح التي تأوي نحو 48 ألف أسرة، بنسبة 24 في المائة، فيما يناهز عدد الأسر القاطنة في سكن غير قانوني 80 ألف أسرة.

ومن بين الملاحظات التي سجلتها اللجنة أثناء إعدادها للتقرير، حول إشكالية المنازل المهدَّدة بالسقوط، وجود كثافة سكانية كبيرة تصل في بعض الأحيان إلى 2000 نسمة في كل هكتار، حيث يتم استعمال منزل مخصص لأسرة أو أسرتين من طرف أكثر من 5 أسر، كما أن عمر البنايات يتجاوز في جل الحالات 50 سنة، إضافة إلى مشكل الوعاء العقاري “بقع أرضية جد صغيرة، حق الزينة، ملك خاص أو ملك جماعي.”

وأرجعت الدراسة، أسباب ارتفاع وتيرة الانهيارات إلى تآكل دعامات تلك البنايات وتسرب المياه العادمة ومياه الشرب والمياه الشتوية داخل الجدران وتأثير العوامل المناخية وضعف مواد البناء المستعمَلة سابقا، إضافة إلى تغييرات عشوائية، دون مراعاة ضوابط البناء وانعدام تصاميم الخرسانة المسلَّحة والصيانة.

ودعا معدو التقرير، لضمان أمن السكان، إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منها إجراء خبرة من طرف المختبر العمومي للتجارب والدراسات وإفراغ المنازل التي تشكل خطرا على السكان، وتخصيص ميزانية خاصة لهدم البنايات الآيلة للسقوط وبلورة برنامج عام لتجديد وتأهيل النسيج العمراني للأحياء. ومن الإجراءات الاستعجالية التي أوصى التقرير باتخاذها، ضرورة تفعيل مخطط تنظيم الإنقاذ، في حالة الكوارث، وبرمجة إعانات للأسر وإيجاد مواقع مجهَّزة مؤقتة لاستقبال المنكوبين. ومن بين التدابير التي يجب اتخاذها، على المدى القريب، ضرورة خلق فصل في الميزانية خاص بمواجهة البنايات المنهارة وعقد صفقة -إطار مع مكاتب مختصة لإجراء خبرات على الدور الآيلة للسقوط، إضافة إلى اقتناء مواد وآليات…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد