اكادير : انعقاد المناظرة الجهوية حول التنمية المستدامة

كريم بوزاليم

انعقد اليوم الثلاثاء بمقر ولاية جهة سوس ماسة المحطة من المناظرات الجهوية حول التنمية المستدامة، المنظمة تحت شعار “رهانات وتحديات الاستدامة بالمجالات الترابية”.

وتهدف هذه المناظرات الجهوية، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى مقاربة موضوعات التنمية المستدامة التي توجد في قلب اهتمامات كل جهة والسهر على ضمان التقائيتها مع توجهات الاستراتيجية الوطنية الجديدة.

وأبرزت السيدة بنعلي الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه هذه المبادرة الهامة لكونها ستمكن كل مواطن ومواطنة من المساهمة في إعداد السياسات العمومية والمشاركة الفعالة في بناء مستقبل مشترك، مذكرة بانخراط المغرب في تنزيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة منذ مدة حيث تم اتخاذ عدة إجراءات لتجويد إطار عيش المواطنين والحفاظ على البيئة وتعزيز أسس اقتصاد مسؤول وأكثر استدامة، لكن ورغم الجهود المبذولة، تضيف الوزيرة، فإننا ملزمون أن نسير أبعد في هذا المجال وبسرعة أكبر من أجل تحقيق الأهداف المتوخاة.

كما نوهت بالجهود المبذولة على المستوى الجهوي والتي مكنت من تعبئة كل الطاقات من أجل إشراك الجميع في مناقشة رهانات التنمية المستدامة على المستوى الجهوي لأخذها بعين الاعتبار في النسخة المحينة للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة التي يتم إعدادها، مشيرة إلى أن الهدف من ذلك هو تعزيز التنمية الجهوية وجعلها أكثر استدامة.

وأعربت عن أملها في أن تشكل أشغال هذه المناظرة الجهوية فرصة لتحليل الواقع والوقوف على الرهانات الأساسية ذات الأولوية بالجهة واقتراح الحلول القادرة على جعل التنمية الجهوية تنمية شاملة ومتوازنة ومستدامة، معتبرة أن تنظيم

هذه المناظرة فرصة لتمكين الجميع من إبداء الرأي حول رهانات التنمية الجهوية.
و المستدامة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية من خلال الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة. كما أضافت أن الدافع وراء إعادة صياغة هذه الاستراتيجية هو ملاءمتها مع توجهات النموذج التنموي الجديد، والامتثال للالتزامات الدولية، بما في ذلك أجندة التنمية المستدامة 2030. كما يهدف هذا الورش إلى صياغة استراتيجية وطنية طموحة للتنمية المستدامة، متكيفة مع الواقع المحلي وتلبي احتياجات وتطلعات المواطنين.

وسترافق هذه المناظرات حسب الوزيرة عملية استشارية واسعة النطاق من خلال منصة رقمية “Noussahimo.gov.ma” مفتوحة لجميع المواطنين لإبداء آرائهم حول مواضيع مختلفة تتعلق بالاستراتيجية الوطنية المستقبلية للتنمية المستدامة.

ستساهم نتائج هذه المشاورات في تجويد محاور تدخل الاستراتيجية المستقبلية للتنمية المستدامة 2035. وفي نهاية هذا المسلسل التشاوري،

داعية إلى انخراط فعلي ومساهمة قيمة في أشغال هذه المناظرات الجهوية من أجل تحديد التدابير التي يتعين اتخاذها لتعزيز التنمية الجهوية القادرة على تكريس العدالة الاجتماعية وتشجيع التنمية البشرية وتقليص النهوض الفوارق الاجتماعية والترابية.

وفي كلمة له بالمناسبة، أكد السيد أحمد حجي والي جهة سوس ماسة عامل عمالة أكادير إداوتنان، على أن هذا اللِّقاء الجهوي البالِغ الأهمية، والذي يَنْدَرِجُ في سِيَّاقِ تَنْظيمِ سِلْسِلَة المناظرات الجهوية للتنمية المستدامة، بمختلف جهات المملكة، من طرف وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، لِتعبئة وإشراك المتدخلين والفاعلين المعنيين، على الصعيد الترابي، في إعداد الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، في نسختها الجديدة، تنفيذا للمقاربة التي تنتهجها، والقائمة على التشاور والتنسيق في مُواجهة التَّحَدِّيَّات المتنامية في هذا المجال.

وذلك لإعمال الذكاء الجماعي في تحديد الأولويات حسب الخصوصيات والمميزات الجهوية ، من خلال للتفاعل والالتقائية لضمان تحيين التوجهات ودمجها في إطار الإستراتيجية الوطنية، بما في ذلك مدى التنسيق المطلوب بين القطاعات على المستويين الوطني والجهوي، و سبل تجاوز الإكراهات التي تحول دون تجسيد التكامل في هذه الإستراتيجية، مما سيمكن تحديد القضايا والتحديات المتعلقة بالحفاظ على الأوساط الطبيعية والحد من مضاعفات التغيرات المناخية، وجمع وتحيين البيانات والمؤشرات المرتبطة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، في إطار سياسة استباقية لضمان صياغتها وتنزيلها في مختلف السياسات العمومية والاستراتيجيات والمخططات القطاعية والترابية، في تناغم مع التزامات المغرب الدولية،

واعتبر والي سوس ماسة، على أن هذا اللقاء يأتي هذا اللقاء اليوم في ظَرْفِيَةٍ استثنائية تطبعُها الجهود المبذولة ببلادنا على كُل المستويات لمواجهة تداعيات ظاهرة التغير المناخي وندرة المياه ومُضاعفات الأوْضاع الاقتصادية الحالِية على المواطنين، والعمل على ضمان السيادة الطاقِية والغذائية والصحية الوطنية والولوج للخدمات الأساسية ومكافحة الفقر وتعزيز التماسك الاجتماعي والنهوض بالبعد الثقافي، وتقليص الفوارق السوسيو مجالية و الاستثمار في الرأسمال البشري وتجويد الحكامة وإرساء الاقتصادين الأخضر والأزرق والتوسع اللجوء إلى الطاقات المتجددة، في ظِل أزمة الموارد والمواد الأولوية المسجلة على الصعيد العالمي الناجِمة عن الصراعات الدولية وتَعْقيدات الوضع العالمي غير المسبوقة.

وشدد المسؤول الترابي على أن هذه التحديات والرهانات تستدعي تكثيف الجهود على المستويين الوطني والترابي لإرساء رؤية شاملة لمواصلة الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. في سياق ترسيخ الجهوية المتقدمة وما يواكبها من لا تمركز إداري، وتنزيل النموذج التنموي الجديد لبلادنا، والعمل الجاري لتدْعِيم جاذبية المجال التُّرابي وتطوير بنياته التحتية للرفع من تنافُسيته وقُدرته على اسْتقطاب الاستثمار المُنتج بِوَصْفِهِ مُحَرِّكًا للتنمية السوسيو اقتصادية، والمُساهمة الفعالة في دَعْمها بالمشاريع المُهيكلة، تنزيلا للرؤية الملكية السامية الرامية إلى جعل حماية البيئة واستدامة الموارد في صلب السياسات العمومية.

وبخصوص جهة سوس ماسة، أكد والي سوس ماسة على أن الجهة تتوفر على مؤهـلات اقتصاديـة وطبيعية وبشرية في غاية الغنى والتنوع، وترتكـز علــى ثرواتهــا وإمكانياتهـا في مجالات الفلاحـة والسياحة والصيـد البحـري والسـياحة والمعادن، فضلا عن موروثها الثقافي الغني ومهارات ساكنتها المتوارثة في التدبير العقلاني لمواردها الطبيعية، وطاقات شبابها المبدع وإشعاعها الحضاري العريق، وهي تشهد حاليا مرحلةً مفصلية في مسار تَحَوُّلِها إلى قُطبٍ اقتصادِي كبير على الصَّعيد الوطني ذي بِنية تحتية من مستوى دولي لتجسيد مكانتها الوطنية وموقعها الاستراتيجي كحلقة وصلٍ بين شمال المملكة وجنوبها وكوجهة سياحية عريقة ، ،بفضل العناية المولوية السامية التي يحيطها بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

وسعيا منها لتنمية اقتصادها و حماية غنى وتنوع مواردها وتأمين استدامتها كمصدر للتنمية ، تتوفر على نظام معلوماتي يتضمن جميع المعطيات المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة و على مخطط جهوي لمحاربة الاحترار و الحد من آثار التغيرات المناخية، بما فيها آليات التأقلم والتخفيف من الغازات الدفيئة ، وكذا على مركز لطمر النفايات وتثمينها الاقتصادي ، فضلا عن محطات لتصفية المياه العادمة لإعادة استخدامها في سقي المناطق الخضراء، و محطة لتحلية مياه البحر بأشتوكة أيت باها لتوفير الماء الشروب والسقي الزراعي، للحفاظ على الموارد المائية.

وهي منخرطة في تبني النموذج الجديد للتنمية من خلال تعزيز التوازن بين الأبعاد السوسيو اقتصادية وتشجيع الأنشطة الإنتاجية وتحفيز الاستثمار وبين الحرص على احترام البيئة والتدبير المستدام للموارد الطبيعية ، بموازاة العمل الدؤوب على تحسين إطار عيش المواطنين. وضمان العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي.

واعتبر السيد أحمدحجي، على أن لقاء اليوم يعتبر فرصة ثمينة للتفاعل للتنسيق والالتقائية بين المتدخلين والفاعلين الترابيين، لإغناء توجهات الاستراتيجية الوطنية بهذا الخصوص، والأخذ بعين الاعتبار للمستجدات والتحديات والرهانات التي فرضت نفسها خلال السنوات الثلاث الأخيرة تحديدا، سواء على المستوى الصحي أو المائي أو الغذائي أو الطاقي.

ومن هذا المنطلق، دعا والي سوس ماسة، أهاب بالجميع “بِمُختلف مسؤولياتِكُم وتخصصاتِكُم وخِبراتِكم وأفكارِكُم وتجاربِكُم، العمل، في تضافُرٍ وتعاوُن وتَنْسيقٍ على بَلْوَرة مُقْترحات عَمَلِيَّة لتحديد الأولويات، و المساهمة بالتالي الفعالة في إثْراء توجهات الإستراتيجية الوطنية الجاري إعدادها .

وفي كلمته لرئيس جهة سوس ماسة فقد اكد بأن الجهة عملت على تنزيل مشاريع برنامج التنمية المندمجة عبر العقد البرنامج بين الدولة والجهة والذي يضم حوالي 120 مشروعا موزعة على 14 محورا، منها محاور تهم الموارد الطبيعية (منشآت مائية والحماية من الفيضانات، تطهير سائل، ماء صالح للشرب، محافظة على الغطاء النباتي، محاربة التصحر ، سياحة قروية وجبلية، فلاحة وتربية المواشي)، كما أن الجهة، يضيف كريم اشنكلي هي منخرطة في تنفيذ برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.

وأبرز أن هناك تحديات تستوجب العمل المشترك والبين قطاعي ومنها قضايا ندرة المياه والتصحر وتراجع الغطاء النباتي بالإضافة إلى تثمين المؤهلات الطبيعية بالجهة والتدبير المستدام للموارد البحرية والمعدنية، مضيفا أن هذه المناظرة الجهوية هي مناسبة لصياغة مقترحات وتوصيات بشأن هذه القضايا.

وتجدر الإشارة إلى أن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة قد تم اعتمادها في 27 يونيو 2017 من قبل مجلس الوزراء تحت رئاسة جلالة الملك محمد السادس نصره الله. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تسريع تحول المغرب نحو اقتصاد أخضر وشامل بحلول عام 2030 وتقديم استجابة واضحة لالتزامات المغرب الدولية في مجال التنمية المستدامة. وبعد مرور أربع سنوات على اعتمادها وتنفيذها، أوصت اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة خلال اجتماعها في يونيو 2021 برئاسة رئيس الحكومة بتقييمها وإعادة صياغتها للتكيف مع المتطلبات الجديدة للتنمية المستدامة سواء على المستوى الوطني أو الدولي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد