أخنوش بين التنظيم السياسي العصري وحزب الأعيان

أزول بريس - الحسن باكريم

رأي المحرر : أخنوش بين التنظيم السياسي العصري وحزب الأعيان

 تحرير السياسة المغربية  لا يعني شيئا آخر سوى تحرير الأحزاب من قبضة الأعيان. لكن، في الواقع التحكم في السياسة يعني العكس.

حسن طارق

أزول بريس – الحسن باكريم  // يقود عزيز  أخنوش  مند مدة  ثورة  تنظيمية  سياسية لعصرنة وتحديث  حزب التجمع الوطني للأحرار ، بمعايير دولية  شبيهة بالأحزاب  البريطانية والأمريكية، فهل سينجح في هذه المهمة التاريخية التي سيكون لها ما بعدها؟ أم أن الأعيان ، الذين لازال العديد منهم يتحكمون في دواليب الحزب، سيتصدون لمحاولاته وارجاع الحزب  لسنوات مضت ؟

عندما اطلق المسلسل الديمقراطي في المغرب سنة 1976، مباشرة بعد نجح المسيرة الخضراء لاسترجاع الصحراء المغربة، النجاح الذي شجع على العودة للمؤسسات المنتخبة، فكان لابد من عمل للدولة، تجلى في تنظيم انتخابات سنتي 1976 و1977 ، المحلية والتشريعية،  كما عملت الدولة، عبر ما يسمى أنداك أم الوزارات، على تشجيع  النخب والأعيان للانخراط في المسلسل الديمقراطي، بل امتد  هذا التشجيع إلى تأسيس أحزاب سياسية، سميت أنداك بالأحزاب الادارية وأحزب “كوكوت مينوت”، كما أطلقت عليها الاحزاب الوطنية الديمقراطية، التي كانت تعارض المسلسل الديمقراطي من داخله بمشاركتها في الانتخابات، ولكن بنقد حاد لتدخل وزارة الداخلية والتحكم في نتائج الانتخابات وتزويرها حتى، لفائدة الأعيان،  لتشجيعهم  ودعمهم في  تحمل مسؤولية المجالس المنتخبة.

وفي هذا الصدد قال الكاتب المغربي حسن طارق ( سفير المغرب حاليا في تونس) في مقال له نشر في موقع العربي الجديد: أنظر العربي الجديد ” كان الرهان على الأعيان المحليين امتدادا لاعتبار العالم القروي خزانا انتخابيا للدولة، حيث ضعف التنافسية وقلة التسييس، ويسر التحكم في مخرجات العملية الانتخابي.”

وأضاف في نفس المقال: ” (الأحزاب الادارية) لم تكن سوى شبكات للأعيان المحليين. كان للعين المحلي داخل المجال القروي وضع خاص، سابق عن زمن الالتزام الانتخابي، في التراتبية الاجتماعية، بوصفه صاحب رأسمال اجتماعي وعائلي واقتصادي، وقناة للتعبئة والوساطة بين الإدارة والناس داخل مجال نفوذه القبلي والعائلي.”

حزب التجمع الوطني للأحرار  كان، أنداك، ضمن هذه الأحزاب المحسوبة على الادارة والأعيان، حيث انبثق من المستقلين، الذين فازوا بانتخابات (1976-1977)، وفي خضم الاعداد للانتخابات سنتي (1983-1984 ) تأسس الحزب من طرف المرحوم احمد عصمان. وعرف الحزب تطورات كبيرة ولكنه ظل حزبا للأعيان، إلى أن  حل عزيز أخنوش على قيادته، فبادر، بالتفاتة  ومساندة من عدد من المناضلين، إلى  محاولة تحديثه تنظيميا وهيكلته عبر عدد من المنظمات الموازية، محاولا الانفتاح على المجتمع  واستقطاب نخب جديدة من المقاولات والجامعة والإدارة ومن صفوف النساء والشباب والطلبة.

فبدأ الحزب قويا بتنظيماته ومؤتمراته، وبرامجه إلى أن حل موعد الانتخابات الجارية اليوم (من 6 غشت إلى 8 شتنبر 2021) الموعد الذي سيعرف تضارب الحزب العصري وحزب الأعيان، وبروز الصراع بين النخب الجديدة التي استقطبها الحزب والتي تطمح ليكون لها دورا في التنظيم الحزبي الجديد  وفي المؤسسات المنتخبة التي ستنبثق من الاستحقاقات الجارية.

وبسبب هذا التضارب بين القديم والجديد يعيش الحزب قلقا تنظيميا ، بعد عودة الأعيان إلى واجهة الحدث السياسي الانتخابي، ومحاولاتهم فرض طريقة تدبيرهم للانتخابات بأساليب قديمة وعتيقة، لا تمت بشيء إلى المنهجية الجديدة التي سلكها الحزب مند ترأسه من طرف  أخنوش.

لكن الرغبة الملحة في الحصول على أكبر عدد من الأصوات ومواجهة المنافسين من الأحزاب الأخرى، التي يعتمد الكثير منهم على الأعيان، لاستمالة أصوات الناخبين،  يربك حسابات وطموحات أخنوش ومن معه في تطوير التجمع  وجعله حزبا عصريا يعتمد على التنظيمات والمؤسسات الحزبية، وبناء على برامج يتم بنائها بشكل تشاركي ( 100 يوم 100 مدينة- مسار الثقة) واعتمادا على دراسات واحصائيات تنجز من طرف مكاتب الدراسات ومؤسسات للتواصل والإعلام.

فهل سينجح أخنوش في هذه المهمة التاريخية التي سيكون لها ما بعدها؟ أم أن الأعيان ، الذين لازال العديد منهم يتحكمون في دواليب الحزب، سيتصدون لمحاولاته وارجاع الحزب  لسنوات مضت ؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد