مع بدء عام دراسي جديد ، يتجدد الحوار دوماً حول تطوير نظم التعليم في كل دول العالم ، والطرق الحديثة لإكساب التلاميذ المهارات التي يحتاجونها من أجل مستقبل أفضل . و في هذا السياق نستعرض ست تجارب تعليمية غير تقليدية ، كان الموقع الإلكتروني لأكاديمية ” أكسفورد رويال ” البريطانية المتخصصة في إعداد الطلاب للتعليم قبل الجامعي ، قد أبرزها لتوضيح الجهود المبذولة عالمياً ، لتغيير الأنماط التعليمية السائدة في بيئات مختلفة .
و التجارب الست هي :
1- نموذج فنلندا ، تعتبر فنلندا أقوى دولة في العالم في مجال التعليم ، إذ يحقق الطلاب الفنلنديون أعلى الدرجات في مجالات العلوم و الرياضة والقراءة . و بخلاف أغلب الدول التي يلتحق أطفالها بالمدارس في سن 4 أو 5 سنوات ، فإنّ الأطفال الفنلنديين لا يذهبون للمدرسة قبل بلوغهم 7 سنوات . بالإضافة إلى ذلك ، لا يتلقى الطلاب الفنلنديون أي اختبارات أو واجبات في أول 6 سنوات من التعليم ، حيث لا يعتمد نظام التعليم هناك على التقييم والاختبارات ، و هذا أكبر ما يميزه عن أنظمة التعليم في البلدان الأخرى ، حيث تؤكد الدولة باستمرار بأنها تسعى ألا يكون هدف الطلاب هو اجتياز الاختبارات فقط ؛ بل الأهم هو أن يكون هدفهم هو الاستفادة من دروسهم والتعلم منها . و تمتلك فنلندا أصغر فجوة بين الطلاب من حيث المستوى التعليمي على مستوى العالم ؛ حيث تؤمن الدولة بمبدأ المساواة في التعليم ، و لا يتم عزل الطلاب وفقاً لمستواهم التعليمي ، مما يسمح للطلاب الأضعف في المستوى التعليمي بالتعلم من الطلاب الأكثر تفوقا ً.
2- تجربة كل من المملكة المتحدة وكندا ، تتبنى مجموعة من المدارس في لندن و كندا أسلوباً غير تقليدي لتطوير التعليم ، يعتمد على تأجيل موعد بدء الحصص لمدة ساعة على الأقل ، اعتقاداً منهم بأنّ حصول الطلاب على قسط كبير من النوم يجعلهم أكثر يقظة و استيعاباً لدروسهم . و تم تنفيذ هذا الأسلوب للمرة الأولى في عام 2009 ؛ حيث قامت مدرسة في مقاطعة ” كِنت ” البريطانية بتأجيل موعد بدء الحصص إلى الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً، و كانت النتيجة- وفقاً لما قاله مدير المدرسة – أن كانت ” دقة مواعيد الحضور قد تحسّنت بشكلٍ كبير، كما تحسّن استيعاب الطلاب ودرجاتهم بالاختبارات بشكلٍ لافت ” .
3- تجربة التنين الصيني ، يعتبر الطلاب الصينيون من أكثر الطلاب تفوقاً في علم الرياضيات ، حيث تركز الدولة على تعليم الطلاب حل المسائل الرياضية والحسابية بشكلٍ تحليلي غير مألوف ، كما تشجعهم على التفكير بإمعان في المنطق وراء المشكلات و طرق حلها . و ينبغي أن يشارك جميع الطلاب في الفصل في حل المسائل الرياضية أمام زملائهم دون خجل . و يدرس الطلبة الصينيون مادة الرياضيات سنوات أكثر من غيرهم من الطلاب الآخرين في بقية دول العالم ، كما أنهم يدرسون الرياضيات إلزامياً حتى بلوغ سن 17 أو 18 عاماً ، وهم يقضون عادة نحو 15 ساعة أسبوعياً في حصص الرياضيات وأداء الواجبات المدرسية الرياضية .
4 – هولندا و نموذج ” التعليم من أجل عصر جديد ” ، تبنت هولندا نموذجاً تعليمياً جديداً على مستوى 11 مدرسة ابتدائية ، يعرف باسم ” التعليم من أجل عصر جديد ” ، و هذا النموذج يعتمد بشكل كبير على استخدام أجهزة ” الآيباد ” في التعليم، بدلاً من الكتب، و تعرف هذه المدارس باسم ” مدارس ستيف جوبز ” . و بوسع الآباء متابعة مدى تقدم أبنائهم دراسياً عن طريق بعض البرامج الإلكترونية التي تمكنهم من ذلك ، كما أنّ هذه المدارس توفر المحتوى التعليمي رقمياً بالكامل ، وهو متاح للطالب ليعمل عليه أينما كان . و يسمح هذا النظام لأولياء الأمور بمراقبة ما يفعله أبناؤهم بواسطة تطبيق على هواتفهم الذكية ، كما يسمح لهم باختيار الأوقات التي يريدون تخصيصها لتعليم الأبناء ، سواء على مدار الـ 24 ساعة يومياً أو طوال العام . و يذهب التلاميذ إلى مدرستهم ، ويجلسون داخل فصول دراسية لتحسين مهاراتهم المختلفة والتفاعل مع الزملاء ، ولكن بمرونة كبيرة في المنهج الدراسي .
5 – مدارس الاستوديو ، في المملكة المتحدة تم تطوير نوع جديد من المدارس بالمملكة المتحدة ، يسمى ” مدارس الاستوديو ” . و هذا النوع من المدارس تقوم الحكومة بتمويله ، إلا أن نهجها في التعليم يختلف تماماً عن نهج المدارس الحكومية التقليدية . و تركز هذه المدارس على تطوير القدرة الإبداعية للطلاب ، وتعليمهم مختلف المهارات الحياتية ، وذلك عن طريق قيام الطلاب بعدد من المشروعات العملية . و تهدف هذه المدارس إلى تخريج طلاب أكثر جاهزية للعمل بشكل أفضل بعد التخرج .
6 – كلية “بيرفوت ، ” كلية “بيرفوت ” الهندية هي منظمة مكرّسة لتوفير التعليم لفقراء الريف في البلدان الأقل نمواً في العالم . و تلتزم كلية ” بيرفوت ” بتعليم الفقراء ، بالإضافة إلى توفير المياه النظيفة لهم ، وتدريبهم على صنع الألواح الشمسية وتزويد قراهم بالكهرباء . و تقيم المنظمة الفصول الدراسية في المساء ؛ نظراً لأنّ كثيراً من الأطفال يعملون في الصباح بهذه المناطق الفقيرة . و هذه التجربة قد لا تتناسب مع أنظمة التعليم في الدول المتقدمة ، فهي مخصصة بشكل أكبر للفقراء و المعدمين كوسيلة لمحو أميتهم ، وتطوير قدراتهم من خلال التعليم العملي .
منقول عن ” الشرق الأوسط ” .
التعليقات مغلقة.