ضاع الوطن بين “خدام الدولة” ودولة الأشخاص في وطن الدولة

wakimوكيم الزياني//

نعم هم خدام الدولة، لكن لو تسائلنا عن أين دولة هم يتحدثون؟ ولأي دولة هم خادمون؟ هل هم خدام دولة الوطن؟ أكيد الجواب سيكون بالنفي، لأن دولة الوطن تكون فيها المؤسسات تحوي الموظفين العموميين ولا تحوي على “الخدام” أو “الخادمين”، فهناك فرق بين “الخدام” و”الموظفون”، فالخادم ينتصر لدولة الأشخاص التي تسير بالتحكم والأوامر، أما الموظف فهو الذي ينتصر لروح دولة الوطن والقانون والمؤسسات والذي يتفانى في خدمة للصالح العام والشعب.
فالخدام ينتصرون لوطن الدولة لا لدولة الوطن، الوطن الذي لا يعدوا أن يكون ماركة مسجلة بأسماءهم، يتصرفون في كل خيراته، ويستفدون من كل ثرواته، ويفعلون به وفيه ما يشاؤون دون حسيب ولا رقيب. 
الخدام هم دائم فوق القانون، بحكم علاقاتهم “بالسلطة العليا” وما دامت هذه الأخيرة راضية عنهم ويقدون لها خدمات تحافظ على مصالحها السياسية والإقتصادية، لذلك فالإمتيازات والريع الذي يستفدون منه بطرق شرعية وغير شرعية يدخل في نطاق التكريم على خدماتهم التي تتمثل في حماية دولة الأشخاص. 
فخدام الدولة لا يوجد شيء في قاموسهم يسمى المواطن أو المواطنة وحقوقها، بل المواطنين حسبهم ينقسمون إلى صنفين، صنف يمثله مواطنين من الدرجة الثانية “ولاد الشعب” وصنف يمثله مواطنين من الدرجة الأولى “أصحاب الحال” الذين لهم نفوذ تتجاوز قانون البسطاء أولاد الشعب، حيث يستطعوا ان يقفزوا على القانون دون حسيب ولا رقيب.
كيف تصنع الدولة خداما أوفياء لها، أوفياء لحماية دولة الأشخاص؟ هناك طريقتين: الأولى حيث يعمل الخادم جاهدا ليصل لمثل هذه “المرتبة الإجتماعية” من أجل كعكة السلطة وريعها السياسي وتمتع بالحصانة السياسية والقانونية. والذي لا تقبل به الدولة إلا عندما يكون في نظرها خادما مطيعا حاميا لأعتابها الشريفة، والثانية حيث الدولة هي التي تنادي على خدامها، حين تتوفر فيهم شروط تقديم الخدمات لها وحماية مصالحها، وبالتالي إشراكهم في السلطة وتمتيعهم بكل الإمتيازات بناء على طبيعة الخدمة التي يؤدونها. 
الريع في كلتا الحالتين هو الذي يخلق “خدام الدولة”، وتمتيع “خدام الدولة” وإغراقهم في الريع الإقتصادي خارج القانون وعلى حساب تفقير وتجويع الشعب هو تكريم وتشريف حسبها على الخدمة التي يقدمونها نصرة لدولة الأشخاص ووطن الدولة.
عند المخزن هناك “خدام” خادمين للدولة، وفي مقابل هناك أولاد الشعب البؤساء خادمين للوطن، الوطن الذي لم يستفيدوا منه إلى ذلك الرقم الذي يحملونه في بطائقهم الوطنية. فكم من أبناء الشعب خدموا الوطن دون أي مقابل مادي، لأنهم قاموا بتلك الخدمة إيمانا منهم بوطنيتهم دون أن ينتظروا منها مقابل، فالوطنية ليست عندهم محط مزايدات ومساومات. 
إذ فممارسة التمييز وشرعنته من قبل المخزن في سياساته ومؤسساته بين المواطنين على حساب إنتماءاتهم وخدماتهم ومستواهم وقراباتهم ونسبهم، ممارسة لا يمكن أن تنهج إلا في دولة الأشخاص، والتي تنتصر للأشخاص، أما المساواة بين المواطنين في دولتهم وفي عيونها وأمام القانون والسلطة والعدل… لا تكون إلا في دولة المواطنة التي يعلوا فيها القانون على الجميع بما فيهم الحاكمين والمحكومين. 
إكتشفنا في سياسة المخزن، بأن هناك أشخاص يخدمون دولة المخزن يتمتعون بكل الإمتيازات والشعب الذي يخدم الوطن يتم تجويعه وتفقير وسلب من كل حقوقه.
بين المخزن وخدام دولته ضاع الوطن وثروته، وضاع الشعب في البؤس والفقر والحرمان. 


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading