عرفت قاعة المعارض بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بمدينة اكادير تنظيم المهرجان الدولي ”ألوان سوس ” في نسخته الثانية . هدا المهرجان الذي دأبت جمعية اتحاد الفنانين التشكيلين بالمغرب على تنظيمه كل سنة . الجمعية يترأسها الفنان التشكيلي عبد الرزاق الساخي، هدا الأخير الذي استطاع رفقة مجموعة من أصدقائه التشكيليين من الإشعاع لهذه الجمعية حيت استطاعوا عبر سنوات قليلة من العمل الجاد في خلق أزيد من 40 فرعا لهذه الجمعية عبر ربوع المملكة المغربية .
في لقائنا مع الفنان الساخي يشير إلى أن الجمعية جاءت لتساهم في التنمية الفنية التشكيلية بصفة عامة بالمملكة المغربية والنهوض بالإبداع و ب بأوضاع الشباب وخلق مساحات للإبداع والتربية على الفن لمحاربة مجموعة من السلوكيات الشاذة التي ظهرت مؤخرا في صفوف الشباب .
يضيف الفنان الساخي أن هدا المعرض التشكيلي حضر فيه ثلة من المبدعين و المبدعات المحليين والوطنيين و أجانب لتقاسم التجارب والمهارات و لاحتكاك المحليين بالمحترفين الأجانب . ومن بين أهداف هده الدورة كذالك هو تثمين الأعمال التشكيلية التي شاركت في هذه الدورة الثالثة التي جاءت كتتويج لعمل دام سنة كاملة من الاستعداد والتنافس الداخلي بين الفروع من اجل خلق هدا المعرض الفني الذي يصدح بالألوان والإشكال والرسائل والدي يرتقي بمدينة ” اكادير” إلى مصاف المدن التي تسعى إلى استقطاب جمهور وتوكينه على الذوق الجمالي .
كل هدا أمام واقع المدينة التي تفتقر إلى قاعات العرض. خاصة قاعات تستجيب لحاجيات الفن التشكيلي . فاكادير شانها كان باقي مدن الجنوب و الجنوب الشرقي تستحق قاعات كبيرة للعروض سواء تعلق الأمر بالتشكيل أو المسرح أو غيره من الأنماط الفنية . فالسؤال المطروح هل تستطيع مدينة أكادير تأطيرو استقبال مسرحية عالمية باستعمال القاعات الموجودة حاليا والتي تفتقر لتجهيزات مشرفة ؟؟
مدينة اكادير تستحق أكثر من هدا الأمر الواقع فالمقاربة الفنية لابد أن تستثمر في النهوض بالمدينة إذ انه لا يجب أن ينظر أو يلخص السائح الوطني مدينة اكادير في بحرها وشواطئها . فالمدينة لها تاريخها و رموزها الثقافية في كل المجالات اد لابد أن ترتقي بالفن تشكيلا، أدبا .شعرا، زخرفة وعمرانا … هذا كله لكي تتصالح مع ذاتها .
لقد عرف هدا المعرض التشكيلي حضور عدة فنانين مرموقين وفي هدا المقال سنكتفي بالحديث عن تجربتين اتارتا انتباهنا منذ النظرة الأولى .تجربة الفنان التشكيلي ”مبارك اوكجوا ” الفنان الشاب القادم من بويكرى ,طالب بالتكوين المهني شعبة الانفوغرافيا وهو عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين المغاربة واليكم أحدى لوحاته المميزة.
وهده إحدى لوحاته التي تجمع بين الرمزية والنحت واستثمار الإطارات كتقنية لخندقة الأمل والرغبة في الحياة . فبالنضر إلى اللوحة فهي تعبر عن عدة وضعيات لشباب كلهم طموح ورغبة في الارتقاء و الانعتاق وتحسين وضعيتهم .فمنهم من وصل إلى أعلى الرتب والمناصب ومنهم من تعرض للإحباط والانكسار ومنهم من لا يزال يكرر محاولة اللحاق بالأعالي. فاللوحة أمامنا في مركزها نستشف شابا داخل إطار ربما يوحي الإطار إلى دوامة الإحباط والانكسار الناتج عن التيه و عدم تسطير أي هدف في الحياة. في حين نلاحظ شابا في أعلى اللوحة يسارا يجالس الكتاب وكأنه يردد البيت الشعري القائل ” وخير جليس في الزمان كتاب ” اد انه بالكتاب نرتقي نلاحظ الإطار الذي يقرأ فيه هذا الشاب مفتوح وكأنه يقول بالقراءة نرتقي و نتحرر. بينما نجد شباب آخرين في ذات اللوحة يسعون إلى الالتحاق والصعود إلى الشاب الذي يقرأ لأنه النموذج وأن الحل هو التربية عبر الكتاب والقراءة . وفي أسفل اللوحة نجد فتاة “الباليه” الراقصة في إطار مفتوح نسبيا والرقص احد الفنون التي تحرر الجسد .فإطاره المفتوح يوحي بضرورة تحرير المرأة التي تشكل روح المجتمع فالرقص كان منذ بداياته الأولى طقسا تعبديا تم تحول عبر توالي السنوات إلى اعتباره فنا من الفنون السبعة التي لا تزال كالعيون المائية النابضة بالحياة .تحاول رغم الجهل تنوير العقول وكسر الأغلال والخرافة والقيود.
الفنان الشاب ” مبارك اوكجوا ” علمنا أن الحياة هي تربية على حب الكتاب للنهل من تجارب الآخرين من اجل العطاء، لذ أبدع عملا يخاطب العقل ولاشيء غير العقل .ينطلق من لوحة تعكس الواقع لينتقده ويقدم بدائل وحلولا منتصرا للتربية على القراءة وحب الكتاب، سلمت انامك ايها الفنان فواصل إذن فريشتك معلمة لنا وملهمة لأجيالنا .
و التجربة الثانية التي استوقفتنا هي تجربة الفتوغرافي ”محمد ارجدال ” طالب في التكوين المهني شعبة الانفوغرافيا فنان تشكيلي من مدينة ايت عميرة هذا الشاب الطموح الذي عرض صورتيه الفوتوغرافيتين تبينان طفلين ولد يضحك وفتاة تبدوا حزينة . اشتغل الفنان على تيمة البراءة في زمن الرداءة ، في زمن اللامبالاة ، فهو يحن إلى ضحكة وابتسامة طفل بل إلى نضرات الأطفال التي قد تغرقك في بحر الأحلام والأمان كيف لا و للأطفال عيون وملامح تنبض بالحياة وحب العطاء والحركة والتشبث بالحياة .
الطفل هو الفنان الذي يعلمنا الحب بدون شروط .براءته تجعلنا في وضعية الخجل من أنفسنا أحيانا ومن ذواتنا المملوءة بفضلات التفكير السلبي تجاه الآخرين تفكير يقتل فينا يوما بعد يوم حب الإنسان والحياة.
محمد أرجدال و ”مبارك اوكجوا ”أبدعتما وأحسنتما هنيئا لكما ولجميع أصدقائكم في المعرض الذي شرفتم به مدينة اكادير، المدينة الزرقاء التي تنتصر للتسامح والحياة ، وفي الأخيريمكن ان نقول إن تشجيع هكذا مبادرات يساهم في تنمية المدينة فنيا ويعطي بريقا ورونقا وجمالا لاكادير . فل يحيى الفن وليحيى الفنانون فبكم نسموا وتسموا أرواحنا .
*بقلم الفنان عمر ايت سعيد / باحث في ماستر الدراسات الأمازيغية ”ابن زهر”
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.