تأتي هذه الخطوة بينما سارعت أحزاب سياسية مغربية إلى ضمّ أعضاء من أبناء الحركة الأمازيغية في المملكة، سعيا منها لضمان تموقعها في الخريطة السياسية القادمة، فيما يسعى آخرون إلى تأسيس حزب أمازيغي بنفس جديد.نداء من أجل الأمازيغيةمع اقتراب نزال الانتخابات العامة في المغرب، أصدر الفاعل الأمازيغي المغربي، أحمد أرحموش، نداء بعنوان “أربعون التزاما موضوع نداء للنخب السياسية وكل مكونات النسيج الحزبي المغربي لتحيين رؤاها ومخططاتها وبرامجها لفائدة الأمازيغية بمناسبة الاستحقاقات الانتخابية”.

الفاعل الأمازيغي، عضو جبهة العمل السياسي الأمازيغي التي شكلها مؤخرا مجموعة من الفاعلين الأمازيغ للدفاع عن الأمازيغية من داخل بعض الأحزاب، تساءل في ندائه الذي توصّل به موقع “سكاي نيوز عربية”، حول “مكانة الأمازيغية بكل مقوماتها برؤى وبرامج النسيج الحزبي المغربي”، وحول “مدى استعداده السياسي والإيديولوجي للتفاعل مع تقرر بالوثيقة الدستورية من كون الأمازيغية ملك لكل المغاربة”.

وسجل عضو جبهة العمل السياسي الأمازيغي “تراجع مكانة الأمازيغية باعتبارها في صلب الهوية المغربية، وتدني موقعها بالسياسات العمومية وبالأجندة السياسية لأغلب الأحزاب بالرغم من دسترتها”، مشددا على “ضعف حصيلة ما تحقق للأمازيغية منذ ترسيمها سنة 2011”.

أمام ذلك، حث النداء على أن “تضمن الأحزاب السياسية المغربية استعمال اللغة الأمازيغية نطقا وكتابة في كل الوسائط التواصلية التي ستوظفها في حملتها الانتخابية”، مع “تقوية موقعها في الإعلام السمعي والبصري والمكتوب سواء العمومي أو الخاص”.

أما على مستوى المواقف والبرامج ذات الصلة، فقد دعا نداء الفاعل الأمازيغي، الأحزاب إلى “الالتزام بالعمل على تبويء الأمازيغية ولغتها المكانة اللائقة بها في الوثيقة الدستورية، لترفع عنها التراتبية التي يوحي بها منطوق الفصل الخامس من الدستور الحالي، مع رفع القيود التنظيمية الملازمة لاعتمادها في مجمل مجالات الحياة العامة”.

الأمازيغية ملف للتنافس الانتخابي

قبل موعد الاستحقاقات المهمة التي سيشهدها المغرب في الأشهر القليلة المقبلة، لم تكن الأمازيغية مسألة مركزية لدى الأحزاب السياسية المغربية، إذا استثنينا حزبا أو اثنين فقط.

لذلك يعدّ نداء الفاعل الأمازيغي “ترجمة عملية لاستراتيجية استغلال الفرص السياسية المتاحة أمام الفاعلين المدنيين أو الحقوقيين، ويسعى لتوليد وخلق فرصة سياسية جديدة أمام الأحزاب السياسية لاستغلال القضية الأمازيغية كورقة انتخابية”، يقول أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد المنعم لزعر.

وتابع المتحدث نفسه، في تصريحه لـ”موقع سكاي نيوز عربية”، أن “ملف الأمازيغية يتوفر على كل عناصر جذب الاهتمام، وبالتالي فإن قيمته التواصلية والسياسية يمكنها أن تحرك هذا الملف نحو المركز”.

وأبرز أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري أن هناك “قابلية السياق الانتخابي وحاجة الأحزاب السياسية للتعاطي بإيجابية مع مثل هذه المبادرات، لأن الأحزاب السياسية خلال الفترة التي تسبق الانتخابات تكون تواقة للعثور على الملفات القادرة على تأمين اتصال انتخابي فعال ومثمر مع الناخبين خلال الحملة الانتخابية”.

كما يرى لزعر أن “الزمنية الراهنة، تعد زمنية تركيز على استقطاب المرشحين للانتخابات المقبلة”، موضحا أنها “تفتح وتخلق نوافذ فرص أمام مختلف الفاعلين خاصة منهم المدنيين للترافع حول القضايا التي تحظى باهتمامهم سواء تعلق الأمر بملف الأمازيغية أو ملف المعطلين أو ملف المتعاقدين أو ملف المعتقلين”.

مشروع أمازيغي بنفس جديد

قضايا عديدة في المغرب مثل الأمازيغية تحولت إلى ملفات مركزية على مستوى الفضاء السياسي، مما جعلها تضحى بشكل أساسي موضوع تنافس بين مختلف الأحزاب السياسية خصوصا بعد دستور 2011.

في هذا الجو السياسي، كان التمهيد لدى مجموعة من الفاعلين الأمازيغ بضرورة الانخراط في حركية العمل السياسي الحزبي للترافع حول الأمازيغية.

لكن البعض الآخر من الفاعلين الأمازيغ، رفضوا هذا التوجه البراغماتي “لأن الانخراط في الأحزاب الموجودة قد يكون حلا أخيرا، لأنه لن يعطي نتائج إيجابية جدا للقضية الأمازيغية”، يؤكد الإعلامي الأمازيغي والناطق الرسمي باسم مشروع “حزب التجمع من أجل التغيير”، عمر إسرى.

ويُقدّم المؤسسون للمشروع الحزبي الجديد، على أنه “مشروع سياسي شبابي نموذجي، ويملك تصورا يعتبر الأكثر تقدما على الإطلاق لإدماج الأمازيغية في كل مناحي الحياة”.

ويعتقد الإعلامي الأمازيغي، في حديثه لـ”موقع سكاي نيوز عربية، “أن “الحركة الأمازيغية في حاجة إلى الانخراط في مشروع سياسي بنفس جديد وبسلوك وممارسة سياسيين مختلفين عما هو موجود حاليا في الساحة”.

وأشار الإعلامي الأمازيغية ومنسق مشروع “حزب التجمع من أجل التغيير” إلى أن “تحوّل خطاب الحركة الأمازيغية من الفعل الاحتجاجي التّرافعي والثقافي والسياسي غير المباشر إلى الفعل السياسي المباشر في المغرب، هو حتمية تاريخية خصوصا بعد تجاوز المطالب للسقف الثقافي واستنفاده، وبعد التأكد من محدودية مقاربة المقاطعة والمقعد الشاغر”.

وقد طُرحت فعلا على أرض الواقع مشاريع لتأسيس أحزاب أمازيغية منذ عام 2005، لكنها اصطدمت بعرقلة السلطة التي تحجّجت بالدستور الذي يمنع تأسيس أحزاب سياسية ترتكز على أساس ديني أو عرقي أو لغوي أو جهوي.