التدين المغربي في الادب الحكائي الامازيغي..حكاية ” الفقير الباحث عن الله “.

أزول بريس – الحسن زهور //
يحمل الادب الحكائي الامازيغي في جانب منه ملامح من الفكر الامازيغي، يعبر من خلاله الامازيغ عن نظرتهم الى مختلف نواحي الحياة.
لنأخذ مثلا منظورهم الى الدين و المتجسد في اشكال تدينهم، فالاساسي في الدين من خلال ما نراه في علاقاتهم الاجتماعية هو ما يحمله الدين من قيم متطابقة مع ثقافتهم و قيمهم، يجسده المثل المشهور ” لا اله الا الله كا مو تعاوادن ميدن”، اي ان “الكلمة” هي الانسان( في البدء كانت الكلمة…) ، اذا تلفظ بها الانسان يلزمه تطبيقها و بها يقاس شرفه، و لا داعي لتأكيدها مرة أخرى لأنه اذا لم يلتزم بها هوت به الى المذلة و احتقار الغير له.
في الادب الأمازيغي تختص بعض الحكايات بالجانب القيمي و الديني حاملة نظرة الامازيغ الدينية المبنية على القيم الإنسانية و ليس على الطقوس.
حكاية ” الفقير الذي خرج باحثا عن الله “, و الحكاية مشهورة في سوس، دونتها في كتابي ” ؤميين د ؤميين ن آيت ندي” أصدرته رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية بشراكة مع وزارة الثقافة سنة 2016.
تتحدث الحكاية عن فقير عزم على الخروج باحثا عن الله ليمنحه رزقه و ينتشله من الفقر. فخرج للبحث عن الله بعد توديعه اهله…. ما يهمنا في هذه الحكاية هو مبيت الرجل عند ناسك يتعبد طول حياته في صومعة فوق جبل، و بلغت درجة التعبد و الصلاح لدى هذا العابد ان كانت ينزل عليه كل يوم رغيفا من الحنطة و عنقود عنب اسود. و في تلك الليلة التي استضاف فيها الرجل نزل عليه رغيفان و عنقودان: رغيف حنطة و رغيف قمح، و عنقود اسود و عنقود ابيض. فبدلا من أن يمنح لضيفه الجديد الذي نزل من اجله ، استأثره لنفسه. فاعطى للضيف رغيف الشعير و عنقود العنب الاسود, و اخص لنفسه رغيف القمح و عنقود العنب الابيض.
في الصباح الباكر، استأذنه الرجل للرحيل. سأله العابد عن وجهته، فأجابه بأنه خرج يبحث عن الله ليعطيه رزقه، إذ ذاك اوصاه العابد و هو متيقن من منزلته العالية عند الله ان يسأل الله عن مكان قصره في الجنة…( تتوالى الاحداث) … يلتقي الرجل ملكا سماويا في صفة انسان فيسأله عن وجهته في هذه الفيافي الموحشة، و يخبره الرجل بأنه عازم على البحث عن الله الى ان يجده ليمنحه رزقه، فيقول له الملك ” و كيف ستجد الله في هذه الفيافي؟” ، و يجيبه الرجل بأنه لن يرجع الى ان يجده.
و تتكرر المحاولة ثلاث مرات ، و في الثالثة يعرف الملك عن نفسه كمبعوث من الله، و يأمره بالرجوع و سيأتيه رزق وفير… ” أما الرسائل التي تحملها – يقول الملك- …فقل للعابد ان بيتك في جهنم… “.
و في طريق العودة عرج الرجل على العابد في صومعتة فأبلغه جواب الله، فما كان من العابد – بعد ان سمع الجواب- الا أن ألقى بنفسه من قمة الجبل منتحرا….
فالتدين المغربي في هذه الحكاية الأمازيغية لا يقاس بكثرة العبادة اي بكثرة الطقوس( و اظهار مظاهر العبادة و المغالاة في الدين المنتشر في بلدنا نتيجة اكتساح الوهابية و السلفية المتطرفة مجتمعنا المغربي) بل يقاس بالمعاملات و بالقيم الإنسانية التي يعتمد عليها التدين
المغربي قبل ان يكتسحه التدين البدوي الوهابي.

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading