أنزا الحي العمالي الذي حوله التلوث الصناعي وتقاعس المسؤولين الى جحيم لا يطاق

يعيش حي أنزا بضواحي مدينة أكادير، وهو الحي الصناعي القديم للمدينة، يقطنه عدد من العمال وأسرهم وهم من بنى صرح المدينة، خاصة بعد الزلزال المدمر الذي أهلك عدد مهم من ساكنتها وخرب أجزاء كبيرة من أحيائها، الحي المعروف بارتباطه بأسماء عدد من المناضلين الكبار من يسار السبعينيات، أمثال الشهيد محمد كرينة، والمرحوم عبد الله مناصر، والقيدوم عبد الله العروجي، الحي الذي يعج بحركة جمعية نشيطة، يعاني هذا الحي من التلوث بسبب انتشار أدخنة المصانع وروائحها الكريهة، وتعاني ساكنته من أمراض خطيرة ومزمنة مرتبطة بالاختلالات البيئية العديدة التي يسببها التلوث المرتبط بالصناعة مند الستينيات من القرن الماضي. 

وقد سبق لساكنة حي أنزا وعدد من فعالياته الجمعوية، حسب مصادر “آخر ساعة” من عين المكان، أن نددت بما آلت اليه أوضاع الحي وساكنته من التلوث الصناعي والبحري، بل ساهم العديد من هؤلاء وانخرط في حملات للنظافة وانشاء مشاريع بيئية، للحد من التلوث ومضاعفاته مقابل تقاعس المسؤولين من السلطات العمومية والمنتخبين عن أداء مهامهم اتجاه الوضع البيئي للمنطقة. وهكذا يزداد أمر الحي سوء كلما أحدثت وحدة صناعية جديدة أو زادت الوحدات الموجودة من انتاجها، وهذا حال الحي هذه الأيام بعد أن بدأت وحدة صناعية لتحويل الأسماك في نفث دخان كثيف يغط سماء الحي ويلوث كل الفضاءات به ويضر بصحة الساكنة، تؤكد المصادر.
وفي هذا الصدد تابعت الجمعية المغربية للتوجيه والبحت العلمي بقلق كبير صدمة ساكنة أنزا، طيلة الأيام الماضية، نتيجة لنفث إحدى معامل تحويل الأسماك حجما هائلا من الدخان الضار والملوث، حيت عاينت الساكنة سحبا كثيفة حجبت الرؤية نهارا وتسببت في خلق أجواء ضبابية، يصعب معها استنشاق الهواء، مما يحتم على المقترب من محيط هذه الوحدة الصناعية الابتعاد قدر الإمكان بمسافة كبيرة عن محيط انتشار هذه السحب من الدخان الخانقة.
وقالت الجمعية، في بيان استنكاري لها، توصلت الجريدة بنسخة منه، أن الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة على صفحات التواصل الاجتماعي لخير دليل على حجم معاناة الساكنة إثر هذا التجاوز البيئي الشنيع ، الذي قفز على جل القوانين البيئية الوطنية، المفروض احترامها والتقيد بها ضمانا للحد الأدنى للسلامة الصحية للمواطنين.
ولا يمكن عزل هذا الحدث البيئي الخطير، تفيد الجمعية، عن سياق جملة الخروقات البيئية الأخرى التي تعاني منها منطقة أنزا سواء كانت بحرية أو برية او جوية وعن الأضرار الصحية التي تسببت فيها منذ عدة عقود ماضية، مما وطن جملة من الأمراض التنفسية أبرزها مرض السيليكوز وأمراض الربو بمختلف أنواعها.
ورغم أن الجمعية تنوه بحصولها على جائزة الاميرة للاحسناء عن مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة ومنخرطة بقوة في الشأن البيئي بأنزا، فإنها تستنكر بحدة هذا الانزلاق البيئي الخطير، الذي استمر وتمادى في الوجود طيلة الأيام الماضية، تزامنا مع موسم الصيف، والى حدود كتابة بيانها الاستنكاري.
ودعت الجمعية المغربية للتوجيه والبحث العلمي بأنزا، بهذه المناسبة، جل السلطات الى تحمل مسؤوليتها بضمان توفير محيط بيئي سليم للساكنة والزوار ولاسيما تطبيق مقتضيات القوانين والمعاهدات التي وقعت عليها الدولة لحماية البيئة خاصة بعد احتضان المغرب لقمة المناخ COP22 كدليل على التزامها التام باحترام المعايير الدولية لحماية البيئة من الانبعاثات الغازية السامة.
وأكدت الجمعية في بيانها انها لن تدخر جهدا للمشاركة في جميع الأشكال النضالية المتاحة قانونا للدفاع عن الوضع البيئي بأنزا وتطالب بالقيام بدراسة لقياس جودة الهواء بالمنطقة ومدى تأثيره على صحة المواطنين باشراك فعاليات المجتمع المدني وإحداث وحدة للتخصص في الامراض التنفسية بالمركز الصحي لأنزا لمساعدة المصابين بأمراض السيليكوز والربو.
وفي نفس اتجاه قال رشيد فسيح للجريدة، وهو رئيس جمعية بييزاج لحماية البيئة، أنه ضدا على قانون جودة الهواء رقم03-13المتعلق بمكافحة تلوث الهواء، والمرسوم رقم 286-09-2 الصادر في 8 ديسمبر 2009 بتحديد معايير جودة الهواء، تأبى بعض الوحدات الصناعية بمنطقة أنزا إلا أن تستمر في ضرب هذا القانون وكل الضوابط عرض الحائط وتبخس بالتالي مجهودات المجتمع المدني بأنزا ومبادراته البيئية في الاهتمام بالفضاءات العمومية.
حي تستمر اليوم، يضيف فسيح، بعض الوحدات الصناعية، المشهود لها بكل أنواع الانحراف البيئي، في رمي مقذوفات سائلة مباشرة في الشاطئ الجنوبي بأنزا وترمي مخلفات الاسماك ومخلفات أخرى بالإضافة الى نفث الدخان، واليوم، كما سنين متعددة، تزداد انبعاث أذخنة كثيفة تحجب الرؤية مصحوبة بروائح كريهة في عز فصل الصيف، رغم أن الأنف الإلكترونية سجلت ارقام تصاعدية في تدني جودة الهواء بأنزا .
وأوضح رئيس جمعية بييزاج أن فعاليات المجتمع المدني بأنزا سجلت في واضحة النهار، كما وقف نشطاء بييزاج على توثيق لحالات تلوث مستمرة عبر نفث أكوام من الأدخنة النتنة، ناشرة روائح كريهة، فيما يشبه منخفض جوي يحجب الرؤية بالطريق الوطنية الرابطة بين أكادير شمالا والصويرة عبر جماعة تاغزوت.
وأكد رشيد فسيح، الناشط البيئي بأكادير، أن جمعية بييزاج أصدرت، بتعاون مع جمعية الموجة الزرقاء بأنزا وجمعيات أخرى، عددا هاما من التقارير حول نوازل كثيرة مخربة للبيئة وللإنسان وللمحيط ونبهت الى ما ستؤول له الأوضاع في الحاضر والمستقبل، وها نحن اليوم نعود لنقطة الصفر بعد أن راسلت نفس الجمعيات العديد من المؤسسات المعنية بتطبيق القانون وتغريم المخالفين دون تلقي أية ردود لمراسلاتها حول الوضع البيئي بأنزا الذي يزداد تفاقما.
وأمام هذه الحالة، لا يسعنا كمنظمة بيئية، يكرر الفاعل الجمعوي، إلا أن نشجب هذا الاعتداء السافر على حق المواطن للعيش في بيئة سلمية واستنشاق هواء نقي وهو أحد أهم الحقوق التي تحفظ سلامته الصحية والجسدية من أذى التلوث المتفاقم بمنطقة أنزا، التي تشهد كل أنواع الانحراف البيئي وعلى كافة المستويات، وذلك في ضرب لكل القوانين والالتزامات لحماية البيئة والتنمية المستدامة.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading