الساكنة المحيطة بتغازوت باي، من فقر إلى مزيد من التفقير.

مرت سنوات على إطلاق المشروع السياحي تغازوت باي في نسخته الجديدة، و القائمون عليه أكدوا على أن المناطق المحيطة بالمشروع ستتغير كلية إلى الأحسن، و ستنعكس هذه المشاريع إيجابيا عليها و خاصة  الجانب الإجتماعي للساكنة المحلية.
ما الذي تغير إلى حدود اليوم ؟ 
الجواب لا يحتاج الى كثير من التفكير، فلا شيء تغير، بل الجانب الإجتماعي للساكنة المحيطة بالمشروع إزداد تعقيدا، الشيء الوحيد الذي تغير هو البنايات الإسمنتية التي تنبت كالفطريات.
الساكنة الفقيرة المحيطة بالمشروع التي تعتمد في قوتها اليومي  على الصيد البحري و الفلاحة و الأنشطة السياحية ازدادت فقرا، و ازدادت أوضاعها الإجتماعية تأزما، و القادم من الأيام سيكون صعبا. منتجات الصيد البحري عرفت تراجعا كبيرا مقارنة بالعقود الماضية، و الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالسياحة ستشهد منافسة غير متكافئة مع البرامج التي سيطرحها المشروع، الدور المعدة للكراء بمركز تغازوت ستتأثر عند افتتاح الشقق و الفيلات الفاخرة، شركات رياضة ركوب الموج التي تشغل الكثير من اليد العاملة هي أيضا ستعاني من منافسة غير متكافئة مع مشروع قرية رياضة ركوب الموج التي سيبدأ العمل بها في الشهور المقبلة، منتجات زيت الأركان للتعاونيات المحلية ستلقى صعوبات بسبب مخطط  خلق تعاونيات الأركان داخل المشروع…. الوعود التي تم إطلاقها بإعطاء الأولوية لأبناء المنطقة في التشغيل بالمشروع بدأت تتبخر بعد إستقدام اليد العاملة من خارج المنطقة، و طرد المحلية منها دون سبب و بطرق ملتوية، و لا يتعدى عدد أبناء المنطقة العاملون بالمشروع عدد رؤوس الأصابع.
وهذا يعني أن المشروع الذي قيل بأنه ستكون نتائجه إيجابية على أهالي المنطقة ما هو إلا مشروع لإنتاج المزيد من الفقر لدى الساكنة الأصلية التي أنتزعت منها ملكية الأراضي التي ورثتها عن أجدادها و كانت موردا هاما لها في الفلاحة و الرعي… بأثمنة زهيدة لا تراعي الثمن الحقيقي للعقار بهذا الموقع الإستراتيجي و المنظر الخلاب و الجميل الذي يمزج بين البحر و الشاطيء و الجبل و غابة الأركان، و يعد من أروع المناطق الطبيعية الغنية بشمال اكادير، في انتظار أن تنتزع منهم أنشطتهم الإقتصادية كذلك بفعل المنافسة الشرسة و الغير المتكافئة.
لا شيء تغير، لا شيء تغير… ليس هناك أي أثر إيجابي للمشروع على الجانب الإجتماعي للسكان، و رغم ذلك يصرون على القول بأن المنطقة تشهد تطورا كبيرا في الآونة الأخيرة بفضل المشاريع التي يتم انجازها. انه كلام مجانب للحقيقة، لأن التطور الحاصل اليوم في البناء و التشييد لا يهم سوى الرقعة التي يشملها المشروع، و هذا “التطور” لا يلامس الأماكن المحيطة بالمشروع و لا الجانب الإجتماعي للساكنة المحلية، و لا يوجد إنسجام بين المشروع و مركز تغازوت، بين عالم  خيالي و عالم يفتقر لكل المقومات الأساسية كمركز حضري.
لا تغيير منتظر غذا في ظل الخصاص في العقار الذي يعد المحرك الأساسي في العملية التنموية، فلم يتبقى  شبر واحد من العقار في مركز تغازوت، كل المساحات استحوذ عليها المشروع، لا وجود لمجالات لتوسيع المركز عمرانيا، لا وجود لمساحات لإقامة المرافق الإجتماعية و الإقتصادية و الرياضية… 
 خلاصة القول: لا يمكن أن يتغير الوضع ما لم تتغير نظرة الجهات المسؤولة للتنمية، لأن النظرة السائدة اليوم تعتمد على جعل الإمكانيات البشرية لخدمة المشاريع “التنموية” بدل وضع كل الإمكانيات و المشاريع في خدمة الإنسان.
محمد  آيت ايدي
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد