لنقلها بصراحة: هل المغرب له القدرة على تحمل الكلفة الباهظة لتسمين مجلس المستشارين؟ ما هي القيمة المضافة التي حملتها الغرفة الثانية للمغرب والمغاربة؟ ماهي البصمة التي تركها برلمانيو الغرفة الثانية على السياسة العمومية بما يخدم تجويد عيش المغاربة؟
ففي كل عام “يفترس” مجلس المستشارين 295 مليون درهم (أي ما يقرب من 30 مليار سنتيم سنويا). بمعنى أنه في الولاية التشريعية الواحدة تنهك جيوب المغاربة بمبلغ خيالي يصل إلى 1.470.000.000 درهم (أي 147 مليارا من السنيتمات!) تذهب في تعويضات مرصودة للمستشارين وتنقلاتهم وكذا لتأمين “تسيير” ماكينة الغرفة الثانية!!
نعم، الدستور صوت عليه أغلبية الشعب المغربي، لكن الدستور ليس قرآنا منزلا. والدول المتمدنة تقدمت الديمقراطية فيها وتكرست بالمؤسسات، ولم تكن هذه المجتمعات مهووسة بسؤال تضخم المؤسسات أو عدمها، بل كان انشغالها المركزي يتمحور حول تأمين فعالية المؤسسات الدستورية وتأثيرها على السياسات العمومية وعلى القرارات التي تعنى بمختلف مناحي الحياة اليومية للمواطن ترابية كانت أم قطاعية.
فمجلس النواب هو رهينة الاقتراع المباشر، وهذا الاقتراع في ظل السياق المغربي، لا ينتج لنا نخبا تستحضر الرهانات الترابية والقطاعية. من هنا الأمل الذي عقد على مجلس المستشارين ليكون ضمير العمل البرلماني، لكن للأسف أصبحت الغرفة الثانية، كما يحلو للباحث الجامعي عبد الحفيظ إدمينو أن يقول، مجرد “آلة طابعة”، أي تتبنى كل ما يعرض عليها من مجلس النواب وتمررها كغرفة ثانية دون قيمة مضافة.
فما الفائدة إذن من الاستمرار في إرهاق كاهل المغاربة باقتطاع 147 مليار سنتيم في كل ولاية تشريعية لتسمين مستشاري الغرفة الثانية، مادام المغرب لم ينتفع بأي شيء من وجود هذه “الزائدة الدودية”؟
لنقلب الآية ونتساءل: مادام المغرب لم يربح أي قيمة مضافة من وجود مجلس المستشارين، ترى ما الذي كان سيربحه المغاربة لو خصصنا تلك المبالغ، 147 مليار سنتيم، لأمور تعود بالنفع على المواطنين؟
أيهما أجدى حاليا: تبذير هذه الملايير في “علف البرلمانيين” بالغرفة الثانية، أم إنفاقها في القطاعات الاجتماعية: من نقل وطرق وصحة وتعليم وملاعب ومسابح ومنتزهات…؟
هل يعلم المرء أن 147 مليارا كافية لبناء خط واحد من الترامواي شبيه بالخط الأول للرباط؟
هل يعلم المرء أن 147 مليارا كافية لبناء 294 إعدادية بالمغرب؟
هل يعلم المرء أن 147 مليارا كافية لشراء 147 جهاز راديو الفحص المغناطيسي (IRM) لتجهيز مستشفيات المغرب كله وتخفيف عذابات المرضى؟
هل يعلم المرء أن 147 مليارا كافية لإنجاز نفق يربط بين أيت بوكماز بإقليم أزيلال ومضايق تودغا بإقليم تنغير؟
هل يعلم المرء أن 147 مليارا كافية لإنجاز 18 نفق حضري بطول 560 متر (على غرار نفق شارع غاندي بالبيضاء) بالمدن الكبرى لتخفيف عذابات مستعملي الطريق الذين يعانون الاختناقات المرورية كل يوم؟
هل يعلم المرء أن 147 مليارا كافية لإنجاز خمسة منتزهات حضرية كبرى من حجم حديقة الجامعة العربية بالبيضاء (28 هكتارا للمنتزه الواحد) وتهيئتها لوضعها رهن إشارة سكان 5 مدن مغربية كبرى؟
هل يعلم المرء أن 147 مليارا كافية لشراء مقبرة لندفن ونردم كل النخب السياسية والإدارية الفاسدة والمتعفنة التي خانت الأمانة ودنست شرف المسؤولية التمثيلية والعمومية!؟
التعليقات مغلقة.