استقبل امس الخميس 19 غشت الرئيس التونسي قيس سعيد وزير الشؤون الاجتماعية والوزيرة المكلفة بتسيير الاقتصاد والمالية والاستثمار.
فيديو اللقاء الذي نشرته قناة ب ب س البريطانية في اخبارها لهذا اليوم الجمعة الساعة الثانية بتوقيت المغرب، ظهر فيه الرئيس بمكتبه الرئاسي ووراءه خريطة تونس وفي اسفلها داخل الإطار اطار خريطة صغيرة هي خريطة المغرب الكبير وبها اسماء الدول الاساسية المغرب والجزائر وتونس وإشارة الى ليبيا بإظهار جزء منها دون ذكر موريطانيا. الخريطة الرسمية في مكتب الرئيس الرسمي توحي بعدة دلالات سياسية. توحي من النظرة الأولى بأن تونس الرئيس قيس غيرت من تبعيتها للجزائر سنوات حكومته الإسلامية لتقف الآن على الحياد الإيجابي لصالح المغرب.
هذه الخريطة توحي بقراءات وبدلالات أكثر عمقا، فوضع الخريطة وراء الرئيس وفي مكتبه الرئاسي بهذه الطريقة هي رسائل سياسية لمن يهمه الامر حول السياسة الخارجية لتونس الآن في إطار المغرب الكبير، منها:
– هي رد سياسي على سياسة حزب النهضة الاسلامي الذي حكم البلاد، والذي مال بتونس الى المحور الجزائري مقابل بعض المعونات المالية ومنها اعلان الجزائر سابقا بأنها ستوفر لقاح كورونا لتونس، لذلك أخرج الغنوشي و حزبه الاسلامي الحاكم تونس من موقفها الحيادي ( لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، مع ان موقف تونس العاطفي والتاريخي مع المغرب) ليصطف الى جانب الجزائر عندما دعا في تصريحه الشهير لإقامة مغريه العربي مستثنيا منه المغرب، وهو بهذا يقول الرئيس التونسي بأن سياسته الخارجية ستتغير.
– الرسالة الثانية: طمأنة المغرب الجار والعضو الاساسي في المغرب الكبير على أن سياسة تونس عادت الى سابق عهدها مع الرئيس قيس ومع عهده الجديد الذي جمد فيها البرلمان النهضوي، وحكومة النهضة الإسلامية، اي الحياد الإيجابي، عكس موريطانيا التي تروج بخطاب الحياد وفي نفس الوقت تعترف بالبوليزاريو ودولتها الوهمية.
– الرسالة الثالثة: هي أن الأعمدة الأساسية للمغرب الكبير هي ثلاثة : المغرب والجزائر وتونس ( الخريطة غيبت موريطانيا)و بالتالي ضرورة وحدة هذه البلدان واي طرف آخر يعترف بالتجزئة فلا محل له في الوحدة مادامت سياسته تكرس التجزئة، كحالة موريطانيا( وهذه الرسالة الثالثة مجرد أمنية).
-الرسالة الرابعة: ما معنى ان يوضع مصطلح الصحراء في جنوب الجزائر دون حدود جغرافية، ودون تحديدها هل هي الصحراء الجزائرية ؟ ام الصحراء الكبرى؟ ودون الإشارة إلى الصحراء المغربية والى موريطانيا؟ مع ان شكل الخريطة يوحي بأنها توقفت عند افني او طرفاية، لكن ما يهمنا نحن هو مصطلح الصحراء في خريطة الرئاسة التونسية كمصطلح سياسي مبهم، فهل هي رسالة سياسية الى الجزائر بأن صحراءها بدورها مشكوك فيها إلى ان يتم حسم النزاع بين المغرب والجزائر حول الصحراء المغربية، سؤال فقط مستخلص من مصطلح الصحراء العاري من هويته . فهل هذا المصطلح يوحي بانه سيرجع الى هويته الجزائرية حين تعترف الجزائر بالصحراء المغربية؟. فخريطة المغرب الكبير تحمل اسم الصحراء عارية من الانتماء، لكنها تنتمي إلى هذا المغرب الكبير.
هذا التغيير في سياسة تونس من موقفها من المغرب الكبير يظهر نجاح السياسة الخارجية للمغرب لمصلحة وحدتنا الترابية بعد نجاحها في ليبيا، معلنة تفتت محور الجزائر الذي بنته بالمال والاغراءات، لتفقد مواقعها الاساسية الواحدة تلو الأخرى في شمال افريقيا بعد ان فقدت الكثير من مواقعها في وسط افريقيا وجنوبها لصالح المغرب، وهذا ما يفسر الحملة الإعلامية الضخمة التي رافقت زيارة وزير الخارجية الجزائري الى مصر واثيوبيا للتوفيق بينهما في مشكل سد النهضة لاستمالة البلدين الى محور الجزائر، لكن المحاولة اخفقت.
نتمنى لتونس أن تستعيد قوتها وعزتها وأمازيغيتها لتستقل بقرارها الوطني رغم الضغوط والاغراءات التي تمارسها عليها الجزائر.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.