الحسن باكريم //
تعاني جهة سوس ماسة، من خصاص مهول من ماء السقي والماء الصالح للشرب، بسبب الاستنزاف المفرط للمياه الجوفية وللفرشة المائية، إذ يبلغ العجز المسجل بأكادير الكبير( عمالتي اكادير وانزكان وإقليم اشتوكة أيت باها) نحو 90 مليون متر مكعب سنويا، ويعد مشروع تحلية مياه البحر بمنطقة اشتوكة بديلا ضروريا لدرء المخاطر التي تتهدد مستقبل المنطقة ، رغم أن هذا المشروع لا يهم الا جزء من الجهة ( توفير ماء السقي للضيعات الفلاحية بإقليم اشتوكة أيت باها والماء الصالح للشرب لأكادير.)، فهل سيعرف المشروع طريقه الى التنفيذ ؟ وهل تنقد مياه البحر سوس من العطش والجفاف؟
في لقاء جمع مدير المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي سوس ماسة بعدد من ممثلي وسائل الاعلام، يوم الاربعاء 27 دجنبر 2017، قال هذا الاخير أن العجز المسجل في الفرشة المائية باشتوكة، بناء على الفرق بين الكميات المستعملة سنويا والموارد القابلة للتجدد، تفاقم الى درجة أنه يشكل خطرا داهما يهدد استمرار الأنشطة الفلاحية في هذه المنطقة الفلاحية بامتياز.
وأوضح المتحدث أن منطقة اشتوكة تحتل مكانة متميزة كأول حوض مصدر للبواكر بالمغرب حيث تمثل 85 في المائة من صادرات المملكة من هذه المنتوجات وكذا 97 في المائة من الصادرات المغربية من الطماطم على الصعيد الوطني، فيما يعتبر فلاحو منطقة اشتوكة الأنجح بين نظرائهم في مختلف ربوع المغرب من حيث استعمال التقنيات الفلاحية العالية الجودة وكذا التحكم الجيد في المزروعات.
لهذه الأسباب، يضيف مدير المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي، بادرت الحكومة إلى إصدار مرسوم للمحافظة على الفرشة المائية لاشتوكة، بتاريخ 10 أكتوبر 2017، من أجل وضع حد للمخاطر المحدقة باستمرار بالنظام الحالي لاستغلال المياه الجوفية بالمنطقة، حيث تبلغ المساحة المسقية من هذه الفرشة حوالي 17500 هكتار.
ويعتبر مشروع تحلية مياه البحر في منطقة اشتوكة، يوضح المعني، نتاجا لتولد وعي مشترك لدى عموم الفاعلين (السياسيين والاقتصاديين والمهنيين) على المستوى المحلي والجهوي والوطني (المستغلون الفلاحيون، المنتخبون، السلطات المحلية، القطاعات الوزارية…) بالتراجع الحاد والمنذر بالمخاطر للموارد المائية المتوفرة، وقد وقع الاختيار على سهل ماسة، الذي يقع على مسافة 30 كلم جنوب مدينة أگادير وشرق المنتزه الوطني لسوس ماسة، لتوطينه، بينما هناك جملة من الأهداف المستدامة، تظل مستهدفة من وراء هذا المشروع وفي مقدمتها المحافظة على الفرشة المائية لأشتوكة المهددة بالنضوب.
وفي حالة عدم انجاز المشروع ، يحدر المتحدث، وهو “سيناريو محتمل” فأن المنطقة مهددة بتسرب مياه البحر المالحة إلى الفرشة المائية مما سيؤدي إلى اندحار الاقتصاد الفلاحي وجميع الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بها، فيما تبلغ القيمة المحينة لخسائر الرأسمال بـ3 ملايير درهم، أما القيمة المحينة لخسائر القيمة المضافة فتبلغ 9 ملايير درهما، بينما سيتم فقدان مليون يوم عمل بخصوص الخسائر التي ستسجل على مستوى التشغيل.
وأفاد مدير مكتب الاستثمار الفلاحي بسوس أن مشروع اشتوكة، الذي وضعته وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بطلب من الفلاحين وجمعياتهم، يقوم على رافعتين أساسيتين المحافظة على فرشة المياه الجوفية عبر إصدار مرسوم يروم ذلك من جهة، وتحلية مياه البحر لري المساحة المسقية من أجل تعويض المياه المستنزفة من فرشة المياه الجوفية، بالإضافة الى توفير الماء الصالح للشرب لمدينة أكادير.
ويندرج هذا المشروع، يضيف المصدر، الأول من نوعه في إفريقيا، في إطار شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، إذ يجمع بين وزارة الفلاحة ومفوض له من القطاع الخاص، متمثل في شركة أمان البركة ( فرع لشركة عالمية من اسبانيا “أبينكوا” فازت بالصفقة المتعلقة بالمشروع) ، ومن جانب آخر، فإن كل الفاعلين بالمنطقة هم شركاء في العمل على إنجاح المشروع، وقد حدد المشروع مساهمة الفلاحين في 10 الف درهم للهكتار ( 5 ألاف تسبيق والباقي يؤدى بعد انطلاق المشروع) وقد شرع في جمع مساهمات المستفيدين، بانخراط 2260 هكتار في 15 يوم الاولى لانطلاق الاكتتاب، وذلك بهدف ضمان انخراط أكبر عدد من الفلاحين في المشروع من جهة والقيام بتحديد هامش الخصائص التقنية والإجراءات المالية، وذلك دون إعادة النظر فيها بشكل كبير من جهة ثانية.
وأوضح مدير الاستثمار الفلاحي بسوس أن كلفة تحلية ماء البحر في المشروع ستقدر بـ 5 دراهم خارج الضرائب، على أساس أن المشروع في مرحلته الاولية سيوفر ماء السقي لـ 1000ضيعة فلاحية أي 125 الف متر مكعب في اليوم من ماء الري ، كما سيوفر 150 الف متر مكعب من الماء الصالح للشرب في اليوم، وفي مرحلته النهائية سيغطي 1500 ضيعة فلاحية بـ 200 الف متر مكعب من ماء الري في اليوم، ويوفر نفس الرقم للماء الصالح للشرب في اليوم. وتقدر تكلفة المشروع الاجمالية 3.16 مليار درهم منها 2.53 مليار درهم كتكلفة تقديرية للمحطة و 0.63 مليار درهم كتكلفة تقديرية لشبكة الري .
ويذكر أن سهل اشتوكة يمتد على مساحة 1600 كلم مربع بجهة سوس ماسة، ويتبع إداريا لإقليم اشتوكة آيت باها، الذي يبلغ تعداد سكانه 371102 نسمة، 257571 منهم (70 في المائة) قرويون و113531 (30 في المائة) حضريون حسب نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 (المندوبية السامية للتخطيط).
ويتميز سهل اشتوكة بنشاط فلاحي متطور جدا، بل ويعتبر المنطقة الأولى المنتجة للبواكر بالمغرب. فطماطم اشتوكة آيت باها وحوامضها ذات الجودة العالية ناتجين عن فلاحة متطورة لم تفتأ تفرض نفسها على الصعيد العالمي، وبالتالي فإن الأمر يتعلق بفلاحة تصديرية مما يجعل جهة سوس ماسة جهة ذات قدرة تنافسية ومفتوحة على العالم.
وتتطلب الأنشطة الفلاحية الكثيفة بهذه المنطقة موارد مائية ضخمة نظرا لمناخها شبه الجاف وشبه الصحراوي، حيث تعرف تساقطات مطرية سنوية ضعيفة وغير منتظمة (20 إلى 30 يوم في السنة) وتبلغ في المتوسط 140 إلى 200 ملم في السنة. هذا المناخ يعد مناسبا للإنتاج الفلاحي.
إن توالي فترات الجفاف الحاد مضافة إلى عوامل التلوث والاستغلال المفرط للموارد المائية جعلت هذا المجال عرضة لمشاكل عويصة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات ملموسة . ولذلك، فإن تدبير الطلب على الماء يجب أن يعتبر أولوية من أجل ضمان تنمية مستدامة للمنطقة.
وقد أعطى عزيز أخنوش، وزير الفلاحة ، في 7 نونبر الماضي، انطلاقة مشروع تحلية مياه البحر بمنطقة اشتوكة، انطلقت عملية الاكتتاب في هذا المشروع الضخم والرائد من نوعه، بتاريخ 15 دجنبر 2017. وبلغ عدد الفلاحين المكتتبين، إلى حدود الاثنين 25 دجنبر 2017، 50 فلاحا، ويهم مشروع تحلية مياه البحر بمنطقة اشتوكة مهنيين فلاحيين بتعداد يقدر بحوالي 2500 فلاحا، من بينهم نحو 500 فلاح يتوفرون على بيوت مغطاة بمساحة تصل إلى 8000 هكتارا، أي ما يمثل 50 بالمائة من مجموع المساحة المزروعة في منطقة اشتوكة بجهة سوس ماسة.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.