تم الشروع في تدريس اللغة الامازيغبة سنة 2003 في مجموعة محدودة من المدارس الابتداءية عبرالوطن، وذلك بعد إحداث المعهد الملكي للثقافة الامازيغية من طرف جلالة الملك بقرية اجدير باقليم خنيفرة سنة 2001 استجابة لمطالب الحركة الامازيغبة. وانطلق تدريس هذه اللغة في بداية الموسم الدراسي 2003/2004، بعد أن تم تكوين مجموعة من المدرسين لمدة أسبوعين في صيف 2003 وتولى تكوينهم عدد من المفتشين التربويين الذين سبق لهم ان استفادوا من تكوين منظم من طرف وزارة التربية الوطنية بتنسيق مع المعهد الملكي للثقافة الامازيغية ، وانطلق التدريس في عدد من المدارس في كل إقليم على أن تضاف 10٪ في كل سنة ليتم التعميم في نهاية سنة 2010.
الا ان ذلك لم يتحقق بل تم التراجع عن بعض المكتسبات، وقد تم تزويد المدرسين ببعض المعينات الديداكتيكية خاصة الكتب المدرسية، وكان اول كتاب هو اوال انو، ثم كتاب ” تيفاوين اتمزيغت” الذي شمل جميع مستويات التعليم الابتداءي، ويتم التدريس بصيغتين، صيغة المدرس المتخصص، والمدرس الذي يدرس الامازيغية مع المواد الأخرى العربية او الفرنسية، بعد ذلك تمت دسترة هذه اللغة سنة 2010، فأصبحت لغة رسمية، و تم صدور قوانين تنظيمية لها. غير أن ما يلاحظ هو تراجع الحماس الذي عرفه ادراج الامازبغية في المسارات الدراسية، في بدايته، عما هو عليه بعد ادراجها في الدستور و صدور القوانين التنظيمية لها، فبعد ان كنا نعتقد ان وضعية الامازيغبة ستتحسن بعد ذلك، الا ان العكس هو الحاصل، فبدانا نرى كثيرا من التراجع عن كثير من المكتسبات، فتراجع التدريس بتراجع عدد المتعلمين لهذه اللغة كما تراجع عدد المدرسين الذين كنا نأمل أن يزداد عددهم مع توالي السنوات، كما شاهدنا بعض المسؤولين يستهترون بمسؤولياتهم تجاه هذه اللغة بل لا يعيرونها اي اهتمام. ويعتبرون تدريس الامازبغية أمرا غير مهم بل مجرد مضيعة للوقت، فنجد منهم من يمتنع عن ادراجها في المؤسسات التابع لهم، بل منهم من يرفض تكليف المدرسين المتخصصين بتدريسها ويكلفو نهم بتدريس مواد أخرى، اما المؤسسات الخاصة فحدث ولا حرج فكان الأمر لا يهمها وتعتبر نفسها فوق القانون وان الدستور وكل القوانين الخاصة بالامازيغية غير ملزمة لها. إن التراجع الذي تعرفه اللغة الامازيغبة حتى بعد ترسيمها وورودها في الدستور الذي هو أسما قانون في البلد يعود إلى ما عرفته من تهميش واقصاء خاصة بعد الفتح الإسلامي الذي جاء لنشر الديانة السمحة فانقلب بعد ذلك الي الهيمنة ونشر العربية واقصاء الامازيغية والامازيغ بشيطنتهم واعتبارهم ضد الدعوة، ما أدى إلى حجب الامازيغية َومحاولة القضاء عليها باستعمال مقولات دينية أثرت حتى على أهلها الذين بدا الكثير منهم يتخلى عنها ويتحول إلى استعمال اللغة الدراجة التي ليست في الحقيقة الا خليط بين الامازيغبة والعربية، ومن هذه المقولات مثلا ان لغة الجنة هي العربية وما إلى ذلك، وهذه الهيمنة ادت الي اعتبار كل بلاد الامازيغ اي تامزغا او شمال أفريقيا بلاد عربية و بدأوا يسمونها بالمغرب العربي، وهناك من يصر على ذلك حتى بعد التصحيح الذي ورد في الدستور حيث نص علي تسمية هذه المنطقة بالمغرب الكبير وليس المغرب العربي، وأن كان اسم المغرب لا يروق لي كثيرا لانه يدل على أن هناك مشرق ( عربي) ومغرب ( عربي) والأفضل ان نسمي المنطقة بتامزغا وبلادنا ب ” امور” اي النصيب، ومنها جاء المورو، والماروك، وموروكو بالإنجليزية… ثم هناك من يصر على ازدراء هذه اللغة رغم كونها لغة اهل البلد الذين استضافوا الوافدين فاقصوهم وحلوا محلهم وفرضوا لغتهم وثقافتهم، وبدأوا يعتبرون الا وجود لشيء اسمه الامازيغ، ضاربين بذلك عرض الحاءط كل المعطيات التاريخية وغيرها، ويقولون بأن الدولة المغربية بدأت مع إدريس الأول، ناكرين ان المولى إدريس هذا قدم إلى بلادنا مبعوثا من أمه التي أرسلته عند اخواله في قبيلة اوربة البربرية وهي التي شرفته بتوليته عليهم، وأم المولى إدريس كانت من السبايا الامازيغيات اللواتي كن يسبين ويقدمن لعلية القوم في المشرق، وباعتبارهم هذا يقفزون على كثير من المعطيات التاريخية التي لا غبار عليها وهي التي تعتبر ان الامازيغ كانوا قوما يهاب جانبهم كما ذكر ذلك ابن خلدون في ماقدمته، وأن هناك حضارة امازيغبة عرفها التاريخ وشهد بها المؤرخون، وأن هناك قادة وملوك امازيغ بارزون اعترف لهم التاريخ بشهامتهم كامثال :ماسينيسا ويوغرطا ويوبا وديهيا وغيرهم إلى جانب الملك شيشناق الذي اعتلى عرش الفراعنة وساهم في الحضارة العريقة لمصر بإنشاء اهرامات وغيرها، وهو الذي أعطى انطلاقة التاريخ الامازيغ الذي بلغ هذه السنة 2972 ، ومن اهم مظاهر حظارة الامازيغ تمكنهم من الكتابة بابجدية خاصة بهم تعرف باسم “تيفيناغ” ، التي تعني ما وجدناه. اي ان الامازيغ هم الذين ابتكروا حروف هذه الأبجدية, وامتلاك أبجدية والقدرة على الكتابة يعتبر من علامات التحضر، وهذا ما يحاول الكثيرون نكرانه عن علم اوعن جهل، ونكران وجود الامازيغ يظهر في كل وقت وكل مكان، وقد ظهر جليا خلال أحداث مباريات كاس العالم لكرة القدم التي أجريت مؤخرا في قطر والتي حقق فيها اسود الاطلس نتاءج باهرة حيث احتلوا المرتبة الرابعة عالميا، الا ان ذكر الامازيغ كاد ان يكون غاءبا ولم اسمعه الا من طرف الفلسطينيين، اما ما عدا ذلك فليس هناك شيء يذكر، اللهم بعض الشالات التي كان يرتديها بعض الإعلاميين، وبعض البرلمانيين والتي كتب عليها اسم المغرب بالعربية والامازيغية، هذا ومن المعلوم ان اسود الاطلس تنحدر من الجبال التي يقطنها الامازيغ. أما ما يتعلق بالمعهد الملكي للثقافة الامازيغية، فهو المؤسسة الوحيدة التي تعنى بالثقافة واللغة الامازيغ يتبن ، برعاية جلالة الملك، وقد ابلى البلاء الحسن في النهوض بالامازيغية في بداية تاسيسه، الا ان صيته بدا يخفت شيءا فشيءا بعد ترسيم هذه اللغة، بل هناك محاولة تصفيته بتدويبه في مجلس اللغات، وهذا من أجل الحد من مجهوده في سبيل خدمة الامازيغية، ونحن نتشبت بهذة المؤسسة العتيدة والوحيدة التي تهتم بثقافتنا ولغتنا، وندعو إلى انشاء فروع لهاعلى الاقل في كل الجهات، وندعو هذه المؤسسة إلى مضاعفة الجهود لتطوير هذه اللغة وتوحيدها وتبسيطها ليتم الإقبال عليها قراءة وكتابة واستعمالا، وعليه ان يعطيها قيمة باستعمالها داخل هذه المؤسسة سواء من طرف العاملين بها او من طرف الاطر أثناء اداء مهامهم. وعلينا أن نهتم بالإعلام الامازيغ الذي يعاني ضعفا، فهناك جريدتان فقط تعنيان بهذا المجال، إلى جانب اداعة وقناة امازيغبة، تتطلب مزيدا من التطوير في برامجها خدمة لهذه اللغة، إذ تغلب عليها اللغة الأخرى اي العربية، وكثيرا مايخيل لي انها ليست قناة امازيغية بل شيء آخر. ومن اجل رد الاعتبار للامازيغية والامازيغ يجب دعم لغته اكثر، وعلى الحكومة و على رأسها حزب الاحرار ان تفي بوعودها تجاه هذه اللغة والتي على أساسها تم التصويت عليه ، كما يجب ادماج هذه للغة في كل مجالات الحياة العامة تنفيذا لمقتضيات الدستور والقوانين التنظيمية لها، كما يجب مضاعفة الجهود في تدريسها وتعليمها، وردع كل من يستهتر بها او يسيء إليها او يعرقل تقدمها وتطورها، هكذا يمكن أن تسترجع الامازيغية ما ضاع منها جراء الاقصاء والتهميش اللذان عانت منهما لزمن طويل حتى كاد ان يقضى عليها.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.