ماهية القضية الأمازيغية وسوء الفهم الكبير

  • الطيب أمگرود //

منذ ثلاثة عقود ونيف، اختارت الدولة في المغرب إنصاف الأمازيغية في كل تمظهراتها، وراكمت من أجلها العديد من القرارات التي تصب جميعها في اتجاه إيلائها مكانتها الطبيعية بوصفها ملكا لكل المغاربة. إلا أن بعض الأصوات النشاز تصر على معاكسة اختيارات الدولة والمجتمع، وتواصل التغريد خارج السرب وترديد كليشيهات ما قبل 1994 التي أضحت جزءا من الماضي.

إن مواصلة ترديد نفس التهم الجاهزة والكليشيهات من قبيل التخوين والمؤامرة من قبل ذباب التيكطوك والفايسبوك النتن ينم عن أزمة يعيشها أعداء الأمازيغية في صناعة خطاب مضاد للخطاب الأمازيغي العقلاني الذي تبنته الدولة، فبينما الأمازيغية تيسر بخطى حثيثة نحو الإنصاف التام، وبينما الدولة تتوجه بإصرار نحو تطليق كل أساطير الماضي للعودة إلى الذات المغربية العريقة والفريدة، حيث ربط المغرب مهد البشرية ربطا بالشرق الذي لا صلة له به، واعتبر مجرد جزء من كل وهمي لم يوجد قط، رغم كونه مهد أقدم إنسان عاقل، ومهد أقدم عملية جراحية أجراها البشر، ومهد أقدم آثار للاستقرار البشري مع ما رافقه من مظاهر التحضر كصنع اللباس والحلي…، وهو ما شمر علماؤه عن سواعدهم للكشف عنه، وعمل مثقفوه ومناضلوه على الدود عنه بالحجة والبرهان وليس بالمنشورات الفايسبوكية واللايفات التيكطوطية التي تمتح هوسا بالقومية وتجارة الدين.

إن من يدافعون عن الأمازيغية منذ الستينيات إلى اليوم من أبناء البسطاء من المغاربة، آمنوا بعدالة قضيتها، وبكون ما تعرضت له كإنسان ولغة وثقافة وهوية وحضارة وتاريخ من تهميش وتحقير وتتفيه وتسفيه يجب أن يصحح لما فيه من مصلحة للوطن ولرقي الوطن، فناضلوا من أجل ما آمنوا به، وتماهت الدولة مع مطالبهم المشروعة، واستجابت لها تباعا وما زالت فيمان رجالاتها بعدالة تلك المطالب ومشروعيتها.

وعكس ما فعله من اعتنقوا الفكر القومي العروبي الإقصائي، والفكر الظلامي المتطرف، لم يسبق للأمازيغ الأوفياء للأرض أن تآمروا على الوطن، أو حملوا السلاح في وجه أرضهم وشعبهم ودولتهم، أو سعوا لتخريب ممتلكات أهلهم وإزهاق أرواحهم، أو تخابروا مع جهة أجنبية ضد الوطن، أو استعانوا بجهات تمولهم أو تدعمهم للإساءة للوطن، بل أسهموا كل من موقعه في بناء الوطن، وهو ما يثبته حضورهم القوي في كل مجالات الحياة في المغرب وإسهامهم في رقيه.

وإن الأمازيغ وطنيون وحدويون يؤمنون بوحدة الوطن ويدافعون عنها، ويؤمنون بكون الأرض المغربية واحدة وبكون المغاربة شعب واحد سواء كانوا ناطقين أو غير ناطقين بالأمازيغية، وأن المغرب سائر في المسار الصحيح للعودة إلى ذاته العريقة القوية لينهض ويقلع كما أقلعت الشعوب والأمم التي عادت لذواتها.

وإن صراخ أعداء الأمازيغية، وسيل الاتهامات التي يوجهونها للمنافحين عن الأمازيغية بدون دليل أو إثبات، يعكس حجم ألمهم ونحيبهم وهم يرون أوهامهم تتهاوى الوهم بعد الوهم بفضل العلم والعقل، لتنتصر الحقيقة المغربية الساطعة أن المغرب هو الأصل والباقي تقليد.
فمتى ستكون لمن يواصلون إساءة فهم أو إفهام القضية الأمازيغية الجرأة للتسليم بالحقيقة؟

ومتى ستكون للمتخفين وراء شاشات هواتفهم وحواسيبهم أو وراء الدين الجرأة الأخلاقية لمقارعة الفكر بالفكر، وتوظيف العلم عوض الخرافة للإجابة على خطاب الأمازيغية العقلاني، وهي التي عاصرت المصرية القديمة والآشورية والأكادية والسوريانية …ماتت كلها وبقيت الأمازيغية حية ترزق، أفلا تتفكرون؟


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading