ماهية الغاية الحقيقية من وراء زيارة البابا فرانسيس الى المغرب امام تخلف حقلنا الديني الرسمي العميق؟
مقدمة:
ان المغرب هو بلد معروف تاريخيا بانه منتج قيم التسامح الديني و قيم العيش المشترك بين اصحاب الديانات السماوية منذ عهود غابرة بفضل علمانية اجدادنا الامازيغيين قبل اسلامهم و بعد اسلامهم من طبيعة الحال لان هؤلاء الاجداد الكرام قد عرفوا الاقوام الاخرى في حوض البحر المتوسط و ساهموا بدورهم الفعال في نشر الدين المسيحي من خلال رجال الدين الذين كتبوا الشيء الكثير عن هذا الموضوع طبعا قبل اعتناق الامازيغيين للدين الاسلامي الطاهر اثناء زيارة وفد امازيغي للمدينة قصد لقاء الرسول الاكرم صلى الله عليه و سلم .
لقد قلت في نفس السياق عبر مقالي المسمى ماذا اعني بالاتجاه الامازيغي الاسلامي بالضبط ان هدفي من هذا الموضوع المتواضع هو الاظهار ان اجدادنا قد اسلموا قبل الغزو الاموي كما نسميه كالحركة الامازيغية و الاظهار كذلك ان الدولة البرغواطية هي اول دولة امازيغية اسلامية مستقلة عن المشرق العربي أي لنا حضارية امازيغية اسلامية مستقلة منذ قرون طويلة.
يقول الاستاذ جهادي في كتابه القيم عن قبيلة الركراكة الامازيغية تذكر المصادر ان الطبقة الاولى منهم كانوا مع روح الله عسى و امنوا بما جاء به و انهم من الحواريين لكن عندما سمعوا ببعثة رسولنا الاكرم عليه الصلاة و السلام سافر 7 منهم الى المدينة المنورة قصد لقاءه حيث تم هذا اللقاء التاريخي بين الامازيغيين و رسولنا الاكرم الذي خاطبهم بلسانهم الامازيغي كما قاله الاستاذ جهادي في كتابه و ورد هذا الطرح في كتاب مفاخر البربر أي اذا صح هذا الطرح تاريخيا بان الرسول الاكرم قد خاطبهم بلسانهم الامازيغي ستكون ضربة مؤلمة لجل تيارات الاسلام السياسي ببلادنا و كذا لحقلنا الديني الرسمي لكن من سيؤكد هذا الطرح الان او بعد 30 سنة قادمة ؟ لان النزعة العروبية السلفية هي الغالبة في تاريخنا الاسلامي على صعيد شمال افريقيا.
يقول الاستاذ جهادي في كتابه القيم لقد خلدت الركراكة حدث التجمع لقراءة الرسالة النبوية و التفرق في البلاد لنشر تعاليمها باجتماع الطوائف بعين المكان و قد أطلعني الاستاذ محمد الصويري على نسخة موقعة من طرف عدول يفوق عددهم 20 عدلا تدافع عن صحابية الركراكة لكن هناك من ينكر الصحابة من الامازيغيين.
اذن ان اجدادنا الامازيغيين يتوفرون على الشرعية الدينية ببعدها الحضاري و الانساني و بالتالي فان هويتهم هي هوية اسلامية اصيلة للمغرب بحكم العديد من الاسباب التي لا نهاية لها حسب اعتقادي المتواضع حيث ان قيمنا الامازيغية الاسلامية كما اسميها تدعو الى إشاعة التسامح الديني و العيش المشترك بين اصحاب الديانات السماوية بمعنى ان الهوية الامازيغية الاسلامية هي ضمانة لاستمرار هذه القيم الانسانية المثلى .
غير ان النظام المخزني منذ سنة 1956 حاول اقبار الامازيغية بشموليتها بغية الانخراط التام في منظومة العروبة و الاسلام المشرقي شيئا فشيئا حتى وصلنا الان الى هذا الواقع المخيف على مستوى حقلنا الديني الرسمي حيث نسمع يوميا عبر وسائل الاعلام العمومي طيلة هذه السنوات خطابات التكفير و كراهية الاخر مهما كانت عقيدته و مذهبه و اتجاهه السياسي تصدر عن فقهاء وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية كاننا نعيش في السعودية بدون اية مبالغة او تحفظ.
ان هذه الوزارة لم تؤمن في يوم من الايام بقيم اسلامنا الامازيغي كما نسميه الان و لم تسعى قط الى التعريف بالامازيغية كلغة من بين اللغات الاسلامية و كثقافة من بين الثقافات الاسلامية حتى اتجه بعض الامازيغيين نحو الالحاد كاختيار له مبرراته المشروعة بالنسبة اليهم من قبيل جعل الامازيغية بشموليتها جاهلية قائمة الذات منذ الاستقلال الشكلي الى الان مع الاسف الشديد..
و من قبيل تحريف تاريخنا المغربي عبر تشويه اجدادنا الامازيغيين باعتبارهم دعاة السيبة و التنصير الخ من اوهام المخزن و جل تيارات الاسلام السياسي ببلادنا .
الى صلبالموضوع:
اولا انني اعتبر ان زيارة الحبر الاعظم البابا فرانسيس الى المغرب بدعوة كريمة من طرف امير المؤمنين الملك محمد السادس هي تاريخية بكل المقاييس الحضارية و التاريخية بحكم ان المغرب هو بلد اسلامي أي اغلبية سكانه يدينون بالاسلام و يحتضن كذلك جالية مسيحية مهمة الخ من هذه الاسباب الموضوعية.
ثانيا ان ما يحز في النفس هو اقصاء الامازيغية كلغة رسمية و ثقافة اسلامية لكن في نطاقها العلماني المغربي ضمن انشطة زيارة الحبر الاعظم البابا فرانسيس لبلادنا كاننا مازلنا نعيش في عقد الثمانينات حيث كانت القضية الامازيغية في خطواتها الاولى نحو إقناع السلطة و الاحزاب السياسية بشرعية السؤال الثقافي الامازيغي انذاك .
اما الان فاصبحت الامازيغية لغة رسمية للدولة المغربية حسب دستورنا الحالي و صلب هويتنا المغربية كما قاله امير المؤمنين الملك محمد السادس في خطابه التاريخي ليوم 9 مارس 2011 لكن يبدو ان اطراف داخل المخزن التقليدي و وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية لا تريدان تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية على ارض الواقع نهائيا حسب اعتقادي المتواضع.
ان الغاية الحقيقية من زيارة البابا فرانسيس للمغرب هي نشر قيم السلام و التسامح الديني لكن اتساءل هل اغلبية فقهاء هذه الوزارة الغنية قد استطاعوا استيعاب هذه القيم و هذه المبادئ الانسانية حيث في الغرب المسيحي يسمح بالتبشير الاسلامي بشكل عادي بينما عندنا في بلادنا لا يسمح بالتبشير المسيحي بل يسمح بالتبشير الوهابي و الاخواني داخل مساجدنا و داخل اذاعاتنا الخاصة بهدف جعلنا نكره اصلنا و تقاليدنا الامازيغية الاسلامية باعتبارها تقاليد جاهلية أي انها لا تتوفر على اية علاقة بديننا الاسلامي على الاطلاق .
المهدي مالك
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.