لماذا أدافع عن الخيار التنويري بالضبط ؟

 مقدمة مطولة:                                        

قد يتساءل البعض لماذا ادافع  عن الخيار التنويري بالضبط باعتباري انتمي فكريا و سياسيا الى الحركة الامازيغية و بإمكاني ان اصبح ملحدا بحكم العديد من الاسباب الموضوعية و المرتبطة بمنظور المخزن التقليدي حيال الامازيغية و حيال الاسلام معا الى حد الان….

 ان هذا المنظور قد يحول الامازيغية بشموليتها من هوية اسلامية اصيلة لهذا الوطن الى نعرة جاهلية قائمة الذات و يحول الاسلام كذلك من قيم انسانية عليا التي كانت لدى الاجداد الامازيغيين الى قيم اخرى تؤمن بالمشرق العربي كمرجع لكل شيء و تكفر الاصيل المرتبط بالأرض المغربية منذ ما قبل الاسلام و ما بعده …

و جوابا على هذا السؤال المشروع و الجوهري بالنسبة لي فأقول بكل التواضع انني انحدر من اسرة امازيغية محافظة بمعناها الايجابي او السلبي على حد السواء حيث ان المحافظة في السياق الامازيغي لا تعني بالضرورة الانتماء الى المنظومة السلفية ببعدها الديني و السياسي بشكل مطلق لان المجتمع الامازيغي كان في القرون الماضية يحرم ضرب المرأة على سبيل المثال و بالإضافة الى احداث نظام الكيد و السعاية الخ من هذه القوانين العرفية الايجابية بالنسبة لحقوق المرأة خصوصا و بالنسبة لحقوق الانسان عموما بمعنى اننا علينا ان نعيد قراءة مصطلح المحافظة وفق تاريخنا الاجتماعي قصد اخذ الدروس و العبر قصد معرفة الفرق بين الاصيل و الدخيل حتى بعد اسلام الامازيغيين ..

 لقد لعب هذا الوسط العائلي دوره بشكل او باخر في جعلي ادرك ان الاسلام هو شيء اساسي و جوهري في مجتمعنا منذ طفولتي من حيث التقاليد الامازيغية الاسلامية كما اسميها الان الخ من هذه المظاهر التي ساهمت في تكوين شخصيتي المستقلة اليوم..

لكن عندما دخلت الى مؤسسة الوردة الرملية لاستقبال الاطفال المعاقين بمدينة اكادير سنة 1996 بالذات اكتشف الاسس الاولى للفكر السلفي مع معلمتي الاولى التي كانت سلفية حتى النخاع بمعنى انها تحب السعودية و مذهبها الوحشي و تكره الامازيغية بدليل انها عندما تنظم حصة الموسيقى داخل مؤسستنا كانت تعادي الاغاني الامازيغية الخ من هذه الاشياء…

لقد كنت انذاك ابن 13 سنة أي مازلت طفل صغير لا يعرف شيئا عن هذه المسائل الكبيرة عني وقتها حيث  كانت هذه المعلمة الوهابية ان صح التعبير تعلمني ان اللغة العربية هي لغة الجنة و المسيحيين و اليهود سيدخلون النار الخ من هذه الخرافات السلفية…

و تقول لي هذه المسائل في  اطار حصة القران الكريم مع كامل الاسف بمعنى ان مشاكلي مع السلفية بدأت منذ طفولتي مع معلمتي الاولى أي كنت اسمع اشياء سلبية عن المسيحيين خصوصا ان مديرة مؤسستنا كانت مسيحية الدين و مناضلة حتى النخاع من اجلنا كأطفال معاقين وقتها ……..

فعلا ان الفكر السلفي قد مشى معي طيلة مساري هذا اي منذ سنة 1996 الى سنة 2019 بصفتي انسان امازيغي مسلم في هذا المجتمع الخاضع لرغبات المخزن التقليدي و خطابه الديني ذو الطابع السلفي اصلا تماشيا مع ما يسمى بفكر الحركة الوطنية ….

غير ان الوهابية قد دخلت الى المغرب بمباركة المخزن التقليدي منذ سبعينات القرن الماضي بهدف تغيير هوية المغاربة الاسلامية من الاصيل أي الامازيغية الى الدخيل أي العروبة كتقاليد جاهلية ليس لها علاقة بالإسلام كنص اصلي الا و هو القران الكريم الذي جاء بقيم عليا كالخير و الاحسان و اكرام الوالدين الخ من هذه القيم العليا……….

الى صلب الموضوع                             

و كما جاء القران الكريم بقيم ترتبط بسياقها التاريخي من قبيل آيات القتال و آيات ملك اليمين و آيات الحدود الخ حسب قول رموز التنوير الاسلامي كالأستاذ عبد الوهاب رفيقي و الاستاذ سعيد ناشيد و الاستاذ احمد عصيد و الاستاذ اسلام البحيري الخ من هؤلاء الرموز الذين يتوفرون على مكانة كبيرة في قلبي باعتباري  كاتب متواضع في موقع اهل القران بالولايات المتحدة الامريكية منذ سنة 2015 كاختيار شخصي يعطي الاشارات على انني منخرط بشكل تام في الخيار التنويري الضامن لاستمرارية الاسلام كرسالة عالمية للسلام و المحبة بين المؤمنين بعيدا عن فضلات الفكر السلفي المهدد لاستمرارية الاسلام كقيم عليا و كاخلاق سامية …

لو كانت تيارات الاسلام السياسي لها مشروع حداثي و ديمقراطي يهدف الى بناء الاوطان الاسلامية على اسس الدولة الحديثة مع الاحتفاظ بالاسلام كقيم نبيلة تدعو الى مكارم الاخلاق و المساواة بين المسلمين بغض النظر عن هوياتهم الثقافية و الى تجاوز الفقه القديم نحو اجتهاد فقه جديد لكنت اول المدافعين عنها  كانسان مسلم علماني .

اما تيارات الاسلام السياسي بصورتها الحالية فهي خطر على مستقبل الاسلام البعيد باعتبارها مازالت تختزل هذا الدين في التراث السلفي الميت منذ سقوط دولة الخلافة الاسلامية سنة 1923 …

و مازالت تختزل الاسلام في العروبة كتقاليد جاهلية ما قبل الاسلام  مثل الغزو كمصطلح غير وارد في القران الكريم حسب قول الاستاذ اسلام البحيري و مثل السبي  كمصطلح غير وارد في القران الكريم الخ من هذه المصطلحات الجاهلية الواردة في كتب السلف البشرية……

اذن كيف نستطيع ان نؤمن بهذا التراث البشري الذي أساء كثيرا الى الاسلام و رسوله الاكرم ؟

 هل يعقل مثلا ان نؤمن ان رسول الله الموصف بالخلق العظيم في القران الكريم قد تزوج من بنت ذات 6 سنوات و دخل عليها أي مارس عليها الجنس و هي بنت ذات 9 سنوات؟

 و اقصد هنا ام المؤمنين عائشة من طبيعة الحال و هذا حديث  مشهور و معروف في صحيح الامام البخاري و ليس كلام الله المنزل في كتابه العزيز حيث اشير هنا ان الاستاذ اسلام البحيري قد كتب بحث مطول حول هذا الموضوع الحساس كذب فيه هذه الاكذوبة الخطيرة في التراث السلفي على الاطلاق بصفتها تقول للعالمين ان رسول الاسلام قد اغتصب طفلة  عمرها 9 سنوات بكل بساطة………

 و هل هكذا سنقدم صورة مشرقة للاسلام كرسالة تدعو الى مكارم الاخلاق و تكريم المراة امام الغرب المسيحي و امام الملحدين الخ ؟

انني اطرح هذه الاسئلة الجوهرية امام الملا ليدركوا ان هذا التراث السلفي هو احدى مشاكل الاسلام الكبرى في عصرنا الراهن لان الخطاب الديني الرسمي لدى دول شمال افريقيا و دول الشرق الاوسط يحمل هذا التراث ببعده السياسي و ببعده الاخلاقي حيث اذا اراد أي باحث اسلامي معاصر مثل الاستاذ البحيري ان يمارس عملية النقد او الهدم حتى لاجتهادات  فقهاء السلف من اجل اعادة بناء فقه  حديث سيتهم بانه يريد هدم الاسلام بكليته و بانه كافر الخ من اتهامات شيوخ منابر الجمعة و تيارات الاسلام السياسي في دولنا الاسلامية بمعنى ان هناك مناعة قوية من طرف انظمة هذه الدول و مؤسساتها الدينية الرسمية لهذا الخيار التنويري الذي ادافع عنه للاسباب التالية  .

اولا لانني انتمي الى ثقافة الامازيغيين التي تعايشت مع الاسلام لقرون كثيرة دون أي تعارض او خلاف حيث ساهمت الامازيغية في تحديث الاسلام و جعله دين الحضارة و التمدن بعدما كان دين للاستغلال السياسي و للاستغلال الديني في العهد الاموي بالتحديد …

ثانيا لان الاسلام كما يقدم الان سواء داخل دولنا الاسلامية او داخل دول الغرب المسيحي هو دين الارهاب و التطرف بكل الصراحة و الموضوعية حيث يعادي حقوق الانسان عموما و حقوق المراة خصوصا الخ بسبب ان الدولة السعودية عملت منذ تاسيسها سنة   1932 على نشر مذهبها الوحشي عبر العالم على انه الاسلام الحقيقي .

ثالثا لان هناك غياب اية رغبة للاصلاح الديني الجذري  لدى الانظمة الحاكمة في دولنا الاسلامية للاسباب المعلومة من قبيل الشرعية الدينية لبعض هذه الانظمة الخ و النتيجة الان هي انتشار التطرف الديني و الالحاد معا في نفس الدرجة ..

رابعا دخول تيارات الاسلام السياسي الى الساحة السياسية في بعض هذه الدول بشعارات تحاكي عواطف عامة الناس  مثل الاسلام هو الحل أي الرجوع الى دولة الخلافة و تطبيق الشريعة الاسلامية كأن الاسلام ليس على الاطلاق دينا للمستقبل او ليس على الاطلاق دينا للدولة الحديثة بمفهومها الحقيقي حيث لو ادرك المسلمين اهمية الاصلاح الديني منذ القرون الماضية لاصبحنا دول ديمقراطية مثل  امريكا التي هي اعظم دولة في العالم لكن اغلب سكانها يدينون بالمسيحية بمعنى انهم ليسوا ملحدين أي ان الالحاد ليس معيار للتقدم او لحقوق الانسان حسب رايي المتواضع  …………

ختاما انني ارجوا ان يكون هذا المقال المتواضع في المستوى……………….

توقيع المهدي مالك


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading