عادت بعض الأحزاب من بوابة البلوكاج الحكومي لتتحدث بين الفينة والأخرى عن الأمازيغية حتى إن أحدها نظم يوما دراسيا في مجلس المستشارين شهر فبراير الجاري حول مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية الذي صادق عليه المجلس الوزاري أسبوعين قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، وبالتحديد يوم الاثنين 26 شتنبر 2016 بالقصر الملكي في طنجة.
وإن كانت بعض الأحزاب تسعى لبيع وهم إمكانية تعديل مضامين مشروع القانون التنظيمي الذي ينسب للحكومة إعداده ويساعدها في ذلك بعض من يضعون أعينهم على المناصب في المؤسسات الجديدة ذات الشأن باللغة والثقافة المغربية التي أحدثت بمقتضى الدستور المعدل قبل خمس سنوات، وذلك حقهم وسواء اتفقنا أو اختلفنا معهم فلا يمكننا أن نخفي كون ما يجري مجرد مناورة لحشد بعض المناصرين من طرف أحد الأحزاب ربما بهدف المزيد من التأثير في تركيبة الحكومة المقبلة، أما فيما يخص الأمازيغية فلابد أن نستحضر الخمس سنوات الماضية التي تظهر بوضوح تعامل الأحزاب السئ مع الأمازيغية، ويومها لو أرادت خيرا بتلك اللغة لفعلته لأنها كانت مساندة بمضامين الفصل 86 من الدستور الذي يلزم البرلمان السابق وليس الحكومة بالمصادقة على القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور بما في ذلك قانون الأمازيغية وقانون المجلس الوطني للغات والثقافة الواردين في الفصل الخامس من الدستور قبل نهاية ولايته.
ولكن موقف جميع الأحزاب كان حينها متماثلا سواء كانت في الأغلبية أو المعارضة، بل إنها حتى توافقت عبر رؤساء فرقها النيابية على منع مجرد الحديث بالامازيغية داخل البرلمان المغربي في جلسة ترأستها السيدة خديجة الرويسي المنتمية لحزب الأصالة والمعاصرة منذ تاريخ 07 ماي 2012، وعلى ذكر هذه السيدة المعينة كسفيرة حاليا، فهي كانت كذلك تترأس جمعية بيت الحكمة وحركة اليقظة والمواطنة.
إن الفصل 86 من الدستور تحدث بوضوح عن وجوب مصادقة البرلمان السابق على مشاريع القوانين الواردة في الدستور قبل نهاية ولاية الحكومة السابقة، وهو ما لم يقم به، والبرلمان يجمع أحزاب الأغلبية والمعارضة، وربما قبل أن يتناول أي حزب الأمازيغية من باب المزايدة على خصومه عليه تقديم حصيلة الخمس السنوات الماضية، سواء داخل البرلمان أو خارجه، وهذه الحصيلة تخبرنا أن أحزاب المعارضة مثلا كانت تردد نفس ما يقوله السيد عبد الإله بنكيران لتبرير تجميد تفعيل رسمية الأمازيغية، حيث صرح يوم الأحد 12 أكتوبر 2014 خلال لقاء جمعه إلى جانب زعماء أحزاب الأغلبية الحكومية مع برلمانيين منتمين لفرق الأغلبية بمجلسي النواب والمستشارين، أن “ملف تنزيل الأمازيغية، يحتاج لتدخل جهات عليا لتفعيلها على أرض الواقع نظرا لكونه ملفا أكبر من حكومته وأنها ليست وحدها مسؤولة عن ذلك”.
فهل يا ترى أي حزب من تلك الأحزاب التي تصرفت على نحو غير مشرف فيما يخص الأمازيغية طيلة الخمس سنوات الماضية، ستكون لديه القدرة أوالإرادة بين ليلة وضحاها على أن يضرب في الصفر بمشروع القانون التنظيمي للأمازيغية الذي ينسب إعداده للحكومة وصادق عليه المجلس الوزاري برئاسة الملك؟ وهل هناك أي حزب صرح مسؤولوه أنهم سيعارضون مصادقة البرلمان على ذلك القانون إلى حين تضمينه على الأقل تلك التعديلات التي تطالب بها بعض فعاليات الحركة الأمازيغية؟
إننا نعتقد بصراحة أن لا حزب سيقدم على ذلك، وما يثار الآن من قبل بعض الأحزاب مجرد فقاعات إعلامية تستثمر سياسويا، وما عدا ذلك فغالبا القانون التنظيمي للأمازيغية سيصادق عليه البرلمان بأحزابه أغلبية ومعارضة دون تضمينه تلك التعديلات التي يسعى إليها بعض الأمازيغ، هذا إن كان البعض ضمن ذلك البعض يسعون لخير الأمازيغية فعلا ويدرون عنهم السعي لإعادة التموقع داخل مؤسسات الدولة التي لن يكون السبيل إليها إلا عبر حزب سياسي انخراطا وترشحا وانتخابا.
ساعيد الفرواح
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.