منذ سنة 1969،مرت العلاقات المغربية الأوروبية بمراحل عدة،تأثرت تارة بالأوضاع الجيو- سياسية بحوض البحر الأبيض المتوسط، و تارة بمفاوضات فرضتها التحديات المشتركة لضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط،كالإرهاب و “اللجوء الاقتصادي السري” ،و تارة لعب إيمان الفاعل الأوروبي و الشمال إفريقي بالمصير المشترك لشعوب البحر الأبيض المتوسط دور المحفز لهذه العلاقات.
العامل الاقتصادي شكل الهاجس الأول للاتفاقيات الأولى التي تم توقيعها مع المغرب خلال سنوات الستينيات و السبعينيات و كان الهدف وضع المحيط الاقتصادي المشترك مع المغرب غاية الأطراف المغربية و الأوربية آنذاك.
مع مسلسل برشلونة الذي دشن في سنة 1995 بين المغرب و المجموعة الأوروبية،الحوار المغربي الأوروبي سيكرس أكثر و سيكشف مركزية الإصلاح السياسي في أي تعاون اقتصادي، و هكذا نحى التعاون الأوروبي المغربي منحى جديدا على غرار منظومة صندوق النقد الدولي مع بلدان العالم الثالث الذي يعتمد نظام المساعدة المالية المشروطة. في حالة المغرب سيصير المكسب الاقتصادي للشراكة مشروطا بالإصلاح السياسي،المؤسساتي و احترام حقوق الإنسان و اعتماد مبادئ الحكامة الجيدة و تبني الليبرالية الاقتصادية.
مع بداية الألفية الثالثة،الشراكة المغربية الأوروبية ستحظى بدفعة قوية مع صعود الملك محمد السادس للحكم،خاصة مع ما يعرفه المحللون “بالإشارات القوية للدمقرطة”،خاصة مع التناوب التوافقي و الإنفتاح السياسي و عودة المنفيين و تشكيل هيأة الإنصاف و المصالحة و اعتماد مدونة الأسرة التي حسنت الوضع القانوني للمرأة المغربية و أقرت بعض الحماية القانونية للمرأة.
سوسيو-اقتصاديا،أطلق المشروع الضخم للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية،الذي أريد له أن يكون آنذاك نموذجا تنمويا بديلا لفشل الخوصصة في الإدماج السوسيو اقتصادي.كل هذه الإشارات و كذا أخذا بعين الاعتبار السياسة الأوروبية الجديدة لحسن الجوار،انصب تفكير الأوروبيين على تحيين خلاصات و توصيات مسلسل برشلونة، وظهرت الحاجة ماسة لإطار تعاوني جديد مع المغرب.و هكذا سيتم منح المغرب صفة الشريك،بوضع متقدم. هذا الوضع النموذجي الذي منح للمغرب،شكل إقرارا أوروبيا بتعاون المغرب المتفرد مع الالتزامات الواردة في بروتوكولات التعاون و الاندماج المسمى “إندماج الكل ماعدا المؤسسات”.
هذا الإطار الجديد للتعاون الذي يضم 35 بابا، سينص على مبادئ التبادلية،التدرج والتسلسل في تطبيق بنود الوضع الجديد للشراكة.و سيتم التنصيص في أوراق لجان و مجلس الشراكة المختلط على خمسة مجالات ذات الأولوية،و التي ستشمل:
التعاون المالي،
تكييف و موائمة قوانين الصفقات العمومية،حيث ستلزم بنوده المشاريع المهيكلة التي سيمولها الأوربيون كشركاء ماليين،و التي تشمل:
المعايير الصناعية،
القطاع الفلاحي،
و قطاع النقل.
مع سنة 2011،ستعرف أولويات كل الأطراف تغييرا كبيرا، و ستطغى أولوية ضمان الاستقرار السياسي وضمان استدامته هاجس كل الأطراف،و هكذا ستحتل بنود الدمقرطة و العدالة الاجتماعية و حقوق الإنسان مساحة هامة من الحوار الأوروبي-المغربي.
إقليميا،بحكم التطورات الجيو- سياسية لما سمي إعلاميا “الربيع الديمقراطي”،شكل و سيشكل الانتقال الديمقراطي المتقدم في تونس خاصة مع أول تناوب بين الصف التقدمي و إسلاميي حزب النهضة تحديا لوضع المغرب في الأجندة الأوروبية للتعاون مع المتوسط على المدى القصير و المتوسط.الهاجس طبعا يتمثل في إمكانية تغيير وجهة اهتمام بروكسيل صوب مملكة الديمقراطية الهشة و الفتية لتثبيت و رعاية ديمقراطية نجمة شمال افريقيا الصاعدة،خاصة و هي تعرف من حين لأخر هجمات إرهابية و محاولات تقويض الانتقال الديمقراطي،دون ذكر المأزق السياسي الحالي للجار الليبي.
*باحث في العلاقات الدولية
02/ Avril 2016
anouarcontact@gmail.com
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.