بقلم ذ.الفنان عمر أيت سعيد//
هل يعقل أن تتنكر المدينة لفضل القرية عليها ؟ هل من الطبيعي أن تتنكر السهول والوديان للجبال و العيون التي تعطيها من معين مائها دون حساب ؟ كلنا أبناء الجبل هكذا أصيح بكل قوايا فوق هضاب وتلال قرية تمروت الواقعة بالجماعة الترابية لأورير بمدينة أكادير .
في لحظة عابرة من الزمن وعبر المسار التدريسي شاءت الأقدار أن أشتغل كمدرس في قرية تمروت. قرية ليست ككل القرى حباها الله بجمال الطبيعة ورونقها حللت بين أحضانها مدة سنتين كاملتين من العطاء والاجتهاد وكم هم طيبون أناسها رجالا ونساء. كم هم رائعون أطفالها . قرية انتصرت بقناعة أبنائها للقيم الإنسانية، للقيم العالمية والقيم الدينية وقيم تمزغا . حافظوا على ثقافة الآباء فحولوا ”لجماعة ” الى جمعية تسهر على تنظيم وتسيير وتدبير شؤون القرية . حافظو على البيئة وأحبو الأركان حبا جما .
استطاعوا بفضل تعاونهم وتأزرهم أن يساهموا في بناء ثلاث مؤسسات تنويرية في القرية : المسجد ، المدرسة ، الجمعية . مؤسسات تلتقي في عدة أمور تجعل الإنسان وبناء تفكيره هدفا وغاية وتنتصر للبشر بدل الحجر. فكم من مبادرة بدأت من الجمعية ليتم التفاعل معها ايجابا في المسجد ويتم تقييم نجاحها في المدرسة . أتذكر على سبيل الحصر يوما جميلا حينما قررت الجمعية القيام بحملة نظافة في القرية وبالفعل طفقت في إنجاز ذلك فنزل الآباء يتبعهم الابناء والشباب عبر الهضبة ينظفون الممرات والفجاج والجداول والحقول . وعلى قدم الهضبة حيت يوجد المسجد صعد الإمام الشاب المتنور مخاطبا الناس وناصحا لهم عن ضرورة الإيمان بالقضية البيئية وجعل النظافة من صلب الإيمان وبعد الزوال التقيت الأطفال في القسم فجعلت النظافة موضوعا للإنشاء وهكذا تلتقي المؤسسات في موضوع واحد واعد وهادف. يضل هذا فقط متالا من الأمثلة الكثيرة وما يهمني في هذا المقال هو أن أبرز حب الناس في هذه القرية لمنطق الكون ألا وهو العطاء، حبهم لله جعلهم يحبون التقاسم وزرع فيهم حبهم للأخر المعطاء .
يفعلون ما بوسعهم لينقدوا هذه القرية من الزحف الإسمنتي الذي غطى القرى المجاورة ، حاولوا إحياء الطقوس القديمة حاولوا إنقاد ما يمكن إنقاذه فالعولمة تحاول أن تبتلع كل شيء عبر ترويج سلعها الرخيصة من إسمنت وصراخ وكثرة المسميات دون معنى من الأشياء . كل هذا وجد من سكان تمروت مناعة وحاجزا طبيعيا . فهم يجعلون من الأركان مدرسة تعلم الصبر والتحمل والصدق لم تكن يوما ما ناكرة لجميل السماء فهي دائمة العطاء دون حساب .
مسجد القرية مؤسسة بذاتها ،إمام مجتهد ومواظب وقائد لبراعم وأطفال تنشد حفظ القرآن قبيل شروق الشمس يبدؤون الحفظ بالمسجد و بعد ساعة يتناولون فطورهم ليلتحقوا بالمدرسة وكلهم طاقة وحيوية وهنا يلتقون بأساتذة وأستاذات مبدعون يحاولون قدر الإمكان زرع نبتة التحصيل و العلم فيهم .
الجميع سكانا واساتذة وفقيها يتعاونون لجعل المدرسة لؤلؤة في قلب المجتمع وجعل المجتمع في قلب المدرسة ، مدرسة مضياف يريدونها مدرسة للطبيعة والبساطة والنمط الكوني ، العطاء والنسق الرباني المحبة والتقاسم والتبادل ، مدرسة للجمال والعطاء والنجاح . كل أستاذ أستاذة يشكل جسرا معطاء تمر عبره الأجيال، كل أستاذ يشكل صرخة لقتل الأمية والجهل يمضي ويبقى الصدى في الأفق ، كل مربية لها لمستها السحرية وكل مربية لها عطاؤها وسخاؤها .
وفي الأخير دام لكم حب قريتكم التي نعتبرها قريتنا كذلك وهي بالنسبة لنا أم القرى الإيكولوجيا ، نريدها ان تكون أملا لأورير قاطبة ومتنفسا طبيعيا للناس المؤمنين بالقضية البيئية . نريدها لؤلؤة ونافذة ومرأة تربطنا بماضينا ولا نريدها قرية تركب موجة هذه الحضارة المزيفة والمهتمة بالشكل دون المضمون . يدا في يد إذن نريد سياسة عمومية تنصف الجبل بكل تفاصيله لكي تقوي القرية المدينة و تقوي المدينة القرية .
بقلم ذ.الفنان عمر أيت سعيد
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.