قرارات الحكومة بين الغاضبين والناقمين

عبد الرحيم العلام

أول حكومة منذ ما قبل عبد الرحمان اليوسفي، تُخرج قراراتها كل هذه التظاهرات قبل نهاية أسبوعها الثاني، ويُكتشَف زيف وعود أححزابها منذ أول قانون مالية، بل يرفع في وجه رئيسها شعار “إرحل” قبل شهر من تنصيبه، هي حكومة رجال الأعمال.
وهذا الأمر وإن كان غريبا، فإن مبرراته قوية نظرا للأخطاء الكثيرة التي راكمتها خلال مدة قليلة (رئيسها ووزراؤها يجمعون بين المناصب، نساؤها يُعينون أزواجهم نوابا لهن أو مدراء دواوينهن، فرض جواز التلقيح، أسرع تعديل وزاري، تشكيلها عبر التقسيط (من دون كتاب الدولة)، قواعد حزبية لا تعرف الوزراء الذين استوزروا باسم أحزابها، تقنوقراط تحولوا إلى متحزبين، ضعف تواصلها بل انعدامه، قمعها للمتظاهرين الرافضين لجواز التلقيح، حنتها بالوعود التي قطعتها أحزابها خلال الانتخابات، سابقة منع برلمانيين وموظفين وتلاميذ من ولوج مؤسساتهم، وما خفي في المجالس المحلية أعظم وأفظع….)
ولأنها حكومة تتميز بالجبن السياسي، فإنها لما أرادت فرض جواز التلقيح، اختبأت خلف وزير تقنوقراطي، عبر قصاصة إخبارية أصدرتها بالليل، ورحل رئيسها إلى السعودية، تاركا أبناء الشعب المغربي المدنيين المحتجين والأمنيين المأمورين بقمعهم، يتصارعون فيما بينهم بسبب قرار اتخذته حكومة لا تمتلك شجاعة الدفاع عن قرارات منسوبة إليها.
ولأنها حكومة “كاذبة” دون أن تتجرأ على إعلان كذبها، فإنها عندما أرادت تنقلب على أول وعودها، أوكلت المهمة إلى وزير تكنوقراطي مصبوغ حزبيا، لكي يخبر أكثر من 100 ألف أستاذ مفروض عليه التعاقد، بأن وعود ما قبل الانتخابات لم تُكتب إلا بقلم رصاص، وقد تم محوها صبيحة الإعلان عن النتائج.
ربما لا تعرف هذه “الحكومة” أن ما تقوم به لا يزيدها إلا ناقمين وغاضبين، حيث ينضاف الناقمون الجدد إلى الغاضبين القدامى، مما يقوي جبهة الرفض ويجعل الحكومة منزوعة الجذور التي لم تتوفر عليها من الأصل، وإلا فإن الفوز في الانتخابات لا يعني استبعاد قلوب الناس، بل إن الإحباط الكبير لا يولد إلا من رحم الآمال الكبيرة.
السياسية في أصلها تعني الشجاعة والنبل والمبادئ…
أما السياسة في عرف “رجال ونساء الأعمال” فهي تعني التملص من الوعود، والاختباء وراء التكنوقراط الحزبي، والهروب من تحمل مسؤولية القرارات، والتفرج من داخل المكاتب المكيفة على أبناء الشعب يعنف بعضهم بعضا.

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading