قراءة في خطاب الذكرى الثانية والأربعون للمسيرة الخضراء.

الاستاذ الحسين بكار السباعي //

الخطاب الملكي و التأصيل التاريخي:المسيرة الخضراء ليست حدثا ولا عيدا ليوم واحد وإنما هو تخليد لذكرى عزيزة على الوطنيين ابناء الوطن، الغيورين على البلد المؤمنين بعدالة قضية الصحراء المغربية والمؤمنين بقوله تعالى في سورة الحج “إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ”
استهل صاحب الجلالة خطابه بالعودة بالذاكرة إلى خطاب جده المغفور له محمد الخامس في 25 فبراير 1958، الذي حمل رسالة واضحة و متميزة تتمثل في أن للمغرب كامل الحق في استرجاع أقاليمه الصحراوية، وقبل أيام من زيارته لربوع ورززات وزاكورة، ألقى طيب الله ثراه خطابا بعرباوة يوم 16 فبراير 1958، جاء فيه “وإن مجيئنا الرمزي إلى هذا المكان، ليأذن بإنه لم يبق بعده شمال وجنوب إلا في الاصطلاح الجغرافي العادي، وسيكون هناك فقط المغرب الموحد”
وتجسيدا للروابط القائمة على امتداد قرون بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي، بقدر ما كانت البيعة التي قدمها شيوخ القبائل الصحراوية إلى رسالة للعالم أكدها المغفور له محمد الخامس بالقول:”نعلن رسميا وعلانية، بأننا سنواصل العمل من أجل استرجاع صحرائنا، في إطار احترام حقوقنا التاريخية، وطبقا لإرادة سكانها…”، انتهى قول المغفور له محمد الخامس رحمه الله.
إن هاته العبارة والتي جاءت في خطاب اليوم ليؤكد ويقطع الشك باليقين أن النضال سيسستمر والجهاد لرفع راية الإستقلال لا زال قائما إلى حين تحقيق الوحدة الترابية، ولقد ساهمت المملكة المغربية في الكفاح المسلح والمستمر إلى حين استرجاع مدينة طرفاية في سنة 1958 ومدينة سيدي إيفني سنة 1969، وكان ذلك راجع لسياسة المغفور له الحسن الثاني وتضحيات البواسل من ابناء المغرب.
خطاب اليوم حمل رسائل قوية، فكما يقال التاريخ لا يرحم ومن لا تاريخ له لا وطن له، وتاريخ الصحراء واسترجاعه لأراضيه الصحراوية ليس بالرغبة الوليدة واللصيقة فقط بالمسيرة الخضراء وإنما ضارب في عمق التاريخ وهو ما ذهب إليه صاحب الجلالة نصره الله أن إرتباط المغرب بصحرائه كان قبل إستقلال الجزائر نفسها التي تدعم اليوم إنفصاليين استرزاقيين بهموم الإنسان الضعيف. خطاب اليوم استمرار للآمال من أجل ترسيخ اللحمة بين أبناء الأمة الواحدة، في إطار انصهار القيم التي لم يتمكن المستعمر الفرنسي ولا الإسباني من المساس بها على الرغم من محاولاته المتكررة، ولنا في تشبث المغاربة جميعهم بالملك المغفور له محمد الخامس بعد نفيه إلى مدغشقر الرسالة التي عنونها بطل المقاومة علال بن عبد الله في رفض صريح أن المغاربة لن يحكمهم إلى علوي سليل النسب الشريف.
خطاب الذكرى الثانية والأربعين للمسيرة الخضراء، حمل ابعادا وطنية ادرجها صاحب الجلالة كنقط لا يمكن التراجع عنها، فالنقطة الأولى جاءت لازمة لبعدها الوطني والدولي، يقول صاحب الجلالة: ”أولا : لا لأي حل لقضية الصحراء، خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، ومبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها”.
هذا تأكيد من جلالته ان المغرب لا يقوم على منطقة دون اخرى وإنما هو لحمة متراصة، ومشروع الحكم الذاتي أقصى ما يمكن الحديث عنه وسيادة المغرب فوق كل إعتبار.
يضيف صاحب الجلالة في خطابه ان المغرب ماض في مشروعه التنموي ولن ينتظر أحدا ليؤسس صرح التنمية، وبالعودة للعلوم الإنسانية سنجد في قول ارسطو ان الناجح لا ينتظر الفاشل، فحينما سئل عن مفاتيح النجاح قال الفيلسوف اليوناني: لكي تحققوا النجاح يجب اللحاق بالمتقدمين عليكم وعدم إنتظار من هم خلفكم.
جلالة الملك قدم النموذج القائد، الضامن لوحدة واستقرار البلاد، أن قوة الوطن لا تقوم على الأطاريح الزائفة ولنا في جيراننا خير دليل، فمن كان يتصور ان في القرن الواحد والعشرين دولة بترولية تدفع بأسطول شاحناتها لتوزيع البطاطس بسبب تراجع قدرة الشراء لدى المواطن البسيط، من يكذب ان في القارة السمراء دولة بحقول الغاز والبترول تعيش على إيقاع شطحات الديك المذبوح، من خلال تفشي الجريمة والبطالة والتكالب على أموال الشعب الجزائري. قيل والقول واحد ومحمود ان اسند لمحله في الاستثمارات المغربية تعلق الأمر بإفريقيا جنوب الصحراء، او داخل المغرب، قيل والكلام الموزون ان المغرب على موعد على اطلاق قمر صناعي لا تملكه جارتنا لا الشرقية ولا الشمالية ولا حتى موريتانيا الدولة الحدودية جنوب المملكة المغربية.
إن المتمعن في خطاب اليوم ليجد نفسهم في عمق العمل البناء الذي لم يكن وليد اليوم ولكنه ابتدئ منذ عهدة المغفور له محم الخامس واصله المغفور له الحسن الثاني ويواصله صاحب الجلالة اليوم وسيستمر البناء إلى ان يرث الله الارض ومن عليها وتفسير استمرارية المشروع المغربي نحو الريادة العالمية مرده سببان يولدان حركية السبب الاول أن العهد ثابت بين العرش العلوي و الشعب المغربي وثاني الأسباب ان العمل التنموي لا يقتصر على الإقتصاد وإنما هو بناء مجتمعي متكامل.
لنقف على ان الأبعاد الدولية في خطاب المسيرة الخضراء تتحدد من كون
رسالة الملك اليوم لا تختلف عن سابقاتها وهي الإلتزام الدولي واحترام المؤسسات الدولية، هذا الإلتزام لا يمنح لأعداء المغرب حق التكالب في محاولة منهم لجر مؤسسات ليس من إختصاصها النظر في النزاعات المفتعلة إقليميا، بل أكثر من هذا لقد اتضح أن اعداء المغرب لا يدخرون جهدا في الكذب على الذقون وكدليل على ذلك قدم اعداء المغرب سابقا بعض الصور على انها لأطفال من الصحراء وحججوا بضرورة لجنة اممية لمراقبة حقوق الإنسان، ولم تمضي إلى ايام واتضح للعالم أن الصورة التي تم تقديمها هي صورة لأطفال غزة وفي علاقة بمجموعة من القادة الانفصاليين الذين تمت استضافتهم بإسبانيا قصد تقديم شهادات حية عن الصور للأطفال، فشهاداتهم وتصاريحهم شهادات كشفت عن الحقد والكره الذي يكنه هؤلاء لكل ما هو مغربي .كل ذلك كان بمباركة أطراف إعلامية إسبانية مأجورة ,والتي ما فتئت تتبجج باستقلاليتها وموضوعيتها.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading