لا أجد أدنى حرج في تسمية مسيرة 25 نونبر التي دعت إليها تنسيقية المجتمع المدني لساكنة جهة سوس- ماسة بمسيرة يوم الأرض… لأن لا تيمة أخرى استطاعت أن توحٌد كل السوسيين أكثر مما وحدّهم هذا الموضوع أصل وجودهم وكينونتهم… فلاغرابة إذن أن يكونوا في الموعد منذ صبيحة يوم الأحد 25 نونبر بساحة الأمم المتحدة وكأن لرمزية المكان ولو من باب الصدفة بعداً آخر لتدويل قضيتهم مادام كل الوقفات الاحتجاجية السابقة محليا وجهويا وطنيا لم تزد الوضع الا احتقانا أكثر.
جاءوا من كل مناطق سوس الكبرى كما حددتها جغرافية ومحمية شجرة أركان الفريدة والمتميزة عالميا بتميز ساكنة المنطقة نفسها لغة وثقافة وسلوكا كانت المسيرة عربونا واضحا على ذلك سواء من حيث التنظيم والتدبير والانضباط لشعار واحد وهدف واضح… أوقفوا عنا هذا التهديد المباشر لأرضنا ومصدر حياتنا… بالصوت الصادح كما في اللافتات المرفوعة طيلة مسيرة التظاهرة وعبر شوارع البيضاء…. ولأكثر من ساعتين والمرء يخترق هذه الحشود الغفيرة يلاحظ منطوقها التي لا تختلف الا بتحديد اسم المنطقة المتضررة من هذا الثالوث / الطاعون ( الأرض – الخنزير البري – الرعي الجائر) مما يجعل من منطقة سوس بدءا بقبيلة حاحا.. إلى تخوم واد نون جنوبا ومن تارودانت نحو ورزازات شرقا… منطقة منكوبة بامتياز بل ذاهبة إلى الانقراض ما لم يتم تدراك الوضع والاستجابة لمطالب الساكنة هنا بتوفير الحماية ووقف هذا النزيف المهدد للبشر والشجر.
هي الرسالة التي حاولت مسيرة الأرض إيصالها إلى الجميع خصوصا إذا استحضرنا طبيعة المتظاهرين لا من حيث الكم فحسب بل ونوْعِيّهم أيضا إذ يتجاوز متوسط العمر 45 سنة وبما تتميز هذه المرحلة من جدية وصدق في القول والعمل على تفعيل شعار : كفى من هذا التهديد المثلث..
.اضافة الى هذا الحضور الافت للمرأة السوسية بزيها المتميز وبشعارات ذات إيقاعات محلية نافذة وبليغة… وووو لكن الأهم من كل هذا هو أن يتحول كل متظاهر إلى مسؤول عن إنجاح المسيرة بالانضباط التام لشعارها المركزي مما جعل من هذا السلوك الحضاري درسا بليغا لتلك الأصوات التى تنظر إلى المسيرة منذ إعلانها بنوع من الريبة والشك حد التخوين.
( لسنا من هواة الاحتجاجات… ولم نقطع هذه المسافة من أجل اللهو أو اللعب.. وحتى إذا تجاوزنا مسألة تهميش جهة سوس مقارنة مع مناطق مغربية أخرى. فإن السكوت عن تهديدات بوغابة والحلوف وميليشيات الرعي الجائر فلم يبق في هذا الوجود ما يستحق الحياة..) هذه ترجمة لتصريح لمتظاهر اشتعل رأسه شيبا وهو يردد وبدون انقطاع..( أَرَا أَكالْ أُوهوا..) .. إلا الأرض فلا والف لا… ليفهم المتتبع من خلال ملامحه ونبرات صوته بأن الصبر نفسه بكى فكيف لحامله….
ونحن على مشارف نهاية مسيرة الأرض يأتيك صدى أغنية الفنان الأمازيغي المرحوم عزيز الشامخ (ايت الأصل انگا… أور نهجم… إلين وراثن). نعم هي خلاصة اليوم… فنحن الأصل ونملك ميراث ذلك.. ولم نهجم على أحد… لذلك جئنا اليوم هنا للدفاع عن أرضنا وعرضنا ومصدر رزقنا ووجودنا فهذه أمور يستحق أن يحارب الرجل من أجلها…. من أجل تغيير معادلة غير طبيعية وغير أخلاقية فكيف يعقل أن يكون مصير من يقتل الخنزير الفائق التدمير هو السجن والغرامة… ويكون مصير من يقتله / وقد قتل المئات من البشر والورع والحصد… مصيره الإهمال واللامبالاة على هذه المعادلة ومثيلاتها أن تتغير… ومسيرة البيضاء بداية الخطو نحو ذلك.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.