للتوضيح فإن المادة 9 تنص على عدم قابلية أموال و ممتلكات الدولة للحجز كآلية متاحة للقاضي من أجل فرض تنفيذ حكم قضائي نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به صادر ضد الدولة.
و على خلاف ما قد يعتقده البعض من أن هذا النقاش هو ذو صبغة قانونية و مالية صرفة، إلا أنه يجدر التأكيد، على أنه بالإظافة إلى ذلك، فإن تلك المادة تهم المواطن البسيط بما لها من تداعيات عملية عليه، و بالتالي فإنها تكتسي أيضا طابعا مجتمعيا و سياسيا ينبغي التطرق إليه إلى جانب باقي الأبعاد ذات الصبغة القانونية.
فمن ناحية سياسية لم يعد مقبولا في مغرب دولة الحق و القانون، و مغرب ما بعد دستور 2011 أن تطالب الدولة من المواطنين و الأشخاص المعنويين ( الشركات مثلا) احترام القانون و المؤسسات و أداء ما بذمتهم لخزينة الدولة و لدائنيهم بصفة عامة، و أن تستأسد الدولة في نفس الوقت على المواطنين و الشركات بأن تمتنع هي عن أداء ما بذمتها من مستحقات و أن تجرِّد القضاء من آليات تنفيذ الأحكام النهائية الصادرة ضدها، في ضرب واضح لمبادئ فصل السلط و توازنها و بما في ذلك من تحقير لأحكام القضاء و تبخيس لمؤسسة القضاء بصفة عامة.
و من الناحية الفقهية القانونية يمكن اعتبار الصيغة الإطلاقية و التعميمية التي وردت بها هذه المادة التاسعة لا تتلائم و لا تتناسب مع تبريرات الحكومة لهذا الإجراء بضرورة تجنب الحجز على ممتلكات الدولة ضمانا لاستمرارية المرفق العام.
و لتجاوز الصبغة التعميمية التي أضفتها المادة التاسعة على عدم امكانية الحجز على أموال و ممتلكات الدولة، كان من الأولى إعطاء تعريف دقيق لمفاهيم المرفق العام و المصلحة العامة التي اختلفت المنظومة القانونية المغربية في تحديد مفهومها ، كما كان جديرا بتلك المادة، إن كان هناك تهديد لاستمرارية المرفق العام، أن تميز بين ممتلكات و أموال الدولة التي يمكن الحجز عليها و تلك التي قد يشكل الحجز عليها ضررا بالمصلحة العامة.
من جهة أخرى، و من أجل تفادي صيغة الإطلاقية التي وسمت المادة التاسعة من مشروع قانون المالية 2020، كان يجدر بالمشرِّع إلزام الإدارة بتنفيذ الأحكام التي تصدر ضدها مع تحديد مهلة لتنفيذه حتى تتمكن الإدارة المعنية من تجاوز حالة العسر، على أن تكون تلك المدة الزمنية محدودة و غير مطلقة كما جاء في صياغة مقتضيات المادة المثيرة للجدل، مع ترتيب الجزاء على الإدارة التي لا تحترم تلك المهلة.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.