أزول بريس – انير بلا //
لا يخفى على احد الحب الكبير الذي يكنه و يغدق به الشعب المغربي على الشعب الجزائري و لعل من ابسط و اعمق تجلياته، الاناشيد الحماسية التي يتم تداولها في الملاعب الرياضية سيما أنشوذة “خاوة خاوة” الذائعة الصيت.. إلا ان توالي الصدمات القادمة من الجزائر و التي لم يسلم منها لا الوطن ولا الملك، تستوجب وقفة تأمل دقيقة و متفحصة للمضي قدما في الاتجاه الصحيح و لنهج الموقف الدبلوماسي الشعبي السليم.
لقد اضحى جليا ضرورة اعادة النظر في “اطروحة خاوة خاوة” التي يتم الترويج لها اعلاميا على نطاق واسع و ذلك لعدة اسباب منها:
أولا، لا يخفى على احد ان المشترك بين “شعوب” شمال افريقيا هو العمق الامازيغي و بالتالي لا يمكن استثناء شعب دون الآخر في ما يتعلق ب”الخاوة”.. خاوة من سيوا إلى الكناري.. الشعب المغربي و الشعب الليبي و الشعب التونسي و باقي شعوب شمال افريقيا خاوة خاوة في العمق التاريخي الهوياتي الامازيغي المشترك. لذلك لا مجال لرفع شعار الخاوة في وجه الجزائريين فقط و ذلك من باب المساواة في الاخوة التاريخية و الهوياتية قبل الاخوة الانسانية التي نتقاسمها مع باقي بلدان العالم..
ثانيا، لأن الخاوة المفترضين اي الخاوة الجزائريين لا يتفاعلون بالتنديد او الإستنكار مع توجهات نظامهم و إعلامهم.. بل يلودون إلى الصمت و لا نرى سوى بعض الشباب الفيسبوكي أو اليوتوبي يستنكر ،على قلتهم و اغلبهم مطلع على التجربة المغربية الناجحة و منهم من يقطن بالمغرب و يدرك جيدا الوضع المغربي هذا ان لم يكن متتبع دقيق للشأن المغربي المتميز فكرا و ممارسة.. و إلا فماذا قام به الشعب الجزائري لإستنكار الدعم المادي و العسكري و السياسي الكبير الذي توفره الاليغارشية العسكرية الجزائرية لمرتزقة البوليساريو.. الا يتعلق الأمر بقضية وطنية للمغاربة قاطبة و قد حشرت فيه الجارة العاقة “للجورة” انفها..
ثالثا، لقد تجاوزنا الزمن الايديولوجي الذي يميز عن غير بصيرة او عن قصد ايديولوجي محض بين “النظام و الشعب”. و لعل القول بان النظام الجزائري و النظام المغربي في صراع في حين ان الشعبين في توافق و خاوة تامة، لفكرة غير صائبة حيث إن هذا التقسيم يستوجب ان النظام في واد و الشعب في واد اخر بمعنى ان للدولة افرادها و عناصرها المستقلة و المعزولة عن الشعب و ان للشعب عناصره المنسجمة و البعيدة عن الدولة.. يكفي ان نذكر بان موظفي الدولة من اساتذة، شرطة، قضاة، ممرضين.. هم ابناء الشعب و ابناء الدولة.. يكفي هذا لنقضي على فكرة ان النظام شيء و الشعب شيء اخر..
لابد من التاكيد على ان هذه الاطروحة ليست دعوة للمعاداة او ما شابه و انما تتوخى تقويم بعض الاعوجاج الدبلوماسي المجتمعي الحاصل في الموقف المروج له من طرف الاعلام المغربي او لنقل موقف المغاربة المنبني على مثل مغربي يقول “العداوة ثابتة و الصواب اكون”.. وما لعب الاليغارشية العسكرية الحاكمة في الجزائر على وتر العدو الخارجي إلا دليل على ان الشعب منخرط سواءا جزئيا او كليا في اللعبة و ان سيكولوجية المجتمع “الخاوة” توفر الارضية الملائمة لبت بذور الحسد و …
خلاصة القول، نحن في زمن تبنى فيه السياسة الخارجية للدول بمنطق رابح-رابح و لم يعد هناك مكان للمواقف المجانية و الرومانسية السياسية المبنية على الحب من طرف واحد.. و لا ادل على ذلك اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بمغربية الصحراء و عودة الدفء للعلاقات المغربية الإسرائلية الشيء الذي سيمكن يهود المهجر من صلة الرحم مع بلدهم الأم..
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.