عيد الأضحى… زمن كورونا!
يمارس عيد الأضحى ضغطا اجتماعيا على الأسر في المغرب، وخصوصا منها الأسر المتوسطة التي قد تستدين لشراء الخروف ولوازمه.
مؤسسات القروض بدأت، منذ سنوات، تقدم عروضا للسلف لشراء خروف العيد. إنه منتهى العبث. بمنطق أغلب رجال الدين فإن السلف البنكي حرام، في حين يعتبره البعض من الكبائر. فهل نتخيل أن تأتي الحرام أو ترتكب الكبيرة… من أجل تطبيق السنة؟
الأمر في الواقع لا يتعلق بالسنة النبوية بقدر ما يتعلق بالضغط المجتمعي الذي يحول عيد الأضحى من سنة نبوية.. إلى فريضة مجتمعية!
الأمر اليوم أصبح فريضة مجتمعية تثقل كاهل الناس، وخاصة منهم البسطاء
أغلب الناس يتحدثون عن السنة وعن نبي الله ابراهيم لكي يبرروا إلزامية شراء الأضحية (حتى أولئك الذين لا يمارسون الفروض!). لكن أغلبهم يدرك أنه لا يمكن أن يمتنع عن شراء خروف العيد، وأن هذا الخروف يجب أن يكون كبيرا ضخما… لأن هناك رقيبا مهما حوله هم الجيران والمحيط والأسرة.
ثم، هناك حجة أخرى لا تخلو من بعض شعبوية. حجة مفادها أن العيد فرصة الفقراء لكي يأكلوا اللحم بكثرة كما الأغنياء (علما أن الكثير من الأغنياء يسيرون اليوم في اتجاه الأكل الصحي؛ وبالتالي التقليل من أكل اللحوم الحمراء).
الحقيقة أن عيد الأضحى يثقل كاهل الفقراء أكثر من الأغنياء. هؤلاء يملكون القدرة الشرائية الكافية التي تخول لهم، إن شاؤوا، أن يشتروا الخرفان. الذي يحدث أن الأسر الفقيرة تعيش ضغطا رهيبا لشراء خروف يكون سعره الأدنى في حدود 150 إلى 200 دولارا أميركيا في أقل تقدير (الكثير من الأسر الفقيرة تصر على تضخيم مظاهر الأبهة بشراء أضاحي قد يصل ثمنها لـ 300 و400 دولار وحتى 600 دولار). كل هذا باسم السنة، وفي بلد يعادل فيه الحد الأدنى للأجور، شهريا، حوالي 220 دولار تقريبا.
…والخروف يحتاج لمصاريف (أجرة الجزار، خضر وفواكه وتوابل، أواني خاصة، مشروبات غازية (باسم السنة طبعا). بمعنى أن كل أسرة تنفق حوالي 350 دولار كأدنى تقدير لشراء واستهلاك أضحية العيد ولوازمها. ألا يكفي هذا المبلغ لشراء كيلو غرام من اللحم (حوالي 8 دولار) أسبوعيا، على مدار السنة؟
هل نتخيل اليوم أن معظم الأسر التي كانت تشتكي منذ بضعة أشهر من التعليم الخصوصي في ظل أزمة كورونا وتقلص المداخيل وعدم قدرتها على دفع مصاريف مدارس القطاع الخاص… لن تناقش اليوم ولن تتحدث عن الأزمة؟ ستشتري الخروف وستشتري معه المشروبات الغازية وكل المستلزمات. لأن “السنة النبوية” أسبق من التعليم ومن الصحة الجسدية ومن الصحة النفسية (التي تتأذى مؤكدا من حجم الضغوطات).
الحقيقة أن عيد الأضحى يثقل كاهل الفقراء أكثر من الأغنياء
لأننا، في الواقع، شئنا أم أبينا… غير قادرين على مواجهة ضغط المجتمع الذي يعتبرنا فقراء إذا لم نشتر الخروف.
هذا دون أن ننسى أنه، في هذه السنة بالذات، كان يفترض أن يمنع العيد في المغرب لأسباب صحية.
خطر كورونا يحوم حولنا منذ شهور، واحتمال موجة جديدة أقسى وارد في معظم البلدان.
المنطق كان يقتضي منع تقديم الأضاحي هذه السنة، وإيجاد حلول اقتصادية لمربي المواشي لتعويض الضرر الناتج عن المنع.
لكن، ولأن هناك فلاحين كبار ينتجون قطعانا كبيرة من الخرفان؛ فإن الحكومة (عبر وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات) لم تمتلك شجاعة مواجهة… القطيع!
في المغرب، نعرف جميعنا الأجواء التي يتم فيها بيع أضاحي العيد في الأسواق. الفيديوهات والصور التي انتشرت تؤكد الغياب التام لكل شروط الوقاية (لا كمامات، لا تباعد اجتماعي بتاتا، الأيادي التي تتجول بين الخرفان في أمان تام…).
أن تعيش في بلد لا تملك فيه الحكومة شجاعة اتخاذ القرارات السليمة، معناه أن تعيش في بلد يغامر بصحة 34 مليون مواطن… وكل هذا باسم السنة النبوية الشريفة!
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.