انطلاق مشروع النهوض بالتدبير المندمج للموارد المائية بالوسط الواحي

طاطا والرشيدية

أزول بريس – تمثل الواحات بالمغرب، التي تحتل مساحة مهمة لا يستهان بها، فضاء تلاق وتوازن استمر لقرون عديدة، بين منظومات مائية بموارد نادرة ثمينة وحياة الساكنة التي تتميز بغنى تراثها اللامادي ورأسمالها القيمي والاجتماعي وبثقافة تدبيرية للماء والفلاحة والرعي جعلتها تعيش في تناغم وانسجام مع وسطها الإحيائي، والذي يعتبر من بين الحواجز الطبيعية الرئيسية التي تقاوم ظاهرة توسع التصحر وزحف الكثبان الرملية.  كما مكنها إرثها الثقافي والطبيعي الذي لا يمكن تقييمه، من أن تصنف عالميا سنة 2000 ضمن شبكة محميات المحيط الإحيائي.

ولمواجهة تزايد مخاطر فقدان المنظومات الواحية لتوازناتها، وتسريع وتيرة وعمق اختلالاتها، لم تعد المجهودات التقليدية والعادية للساكنة كافية لتجاوزها بسبب ارتفاع حدة وتداعيات التغيرات المناخية، والتطورات السوسيواجتماعية والثقافية المرتبطة بنموذج إنتاجي استهلاكي، ساهم في تعقد المشاكل والحلول على حد سواء، مما يتطلب بناء وتفعيل مقاربة التدبير المندمج للموارد المائية التي رغم مأسستها، ما زال تفعيلها بطيئا، لمواجهة التحديات الطبيعية والبشرية الجديدة والمتعددة.

ومن أهم هذه التحديات  القحولة وندرة الموارد المائية وزحف الرمال والجفاف البنيوي من جهة، والضغط العمراني والتزايد السكاني والاستغلال غير المستدام للموارد والاستغلال المكثف للأراضي الفلاحية الحديثة  لحقول النخيل، والضغوطات الكمية والنوعية على المياه العميقة الأحفورية ذات القدرة الضعيفة على التجديد والمتوارثة منذ الفترة الممطرة للحقب الرابع من جهة أخرى، إضافة إلى صعوبات التنظيم البشري والاندماج المتسارع في الاقتصاد المعولم الذي يساهم في الاختفاء التدريجي للاقتصاد المحلي المبني على الاكتفاء الذاتي، مما يساهم في تسريع اختلالات مركبة للمنظومات الواحية.

وبغاية مواجهة مختلف هذه التحديات، أضحى ضروريا ومستعجلا تعبئة كل الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين المحليين والوطنيين والشركاء الدوليين، لمواكبة الفاعلين والساكنة ودعمهم من أجل مواجهتها بتقوية قدرات التكيف والصمود، ضمانا لاستدامة هذه المنظومات البيئية الهشة المهددة بالانقراض، واستمرار خدماتها الاجتماعية والإيكولوجية والاقتصادية.

وفي هذا الإطار، ومساهمة من جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب، كفاعل تنموي وتربوي وطني، في المجهودات المبذولة من طرف مختلف الفاعلين، للمحافظة على واحات الجنوب المغربي، ستعمل بدعم من الاتحاد الأوروبي والتعاون مع الفاعلين المحليين والوطنيين والشركاء، على تنزيل مشروع “النهوض بالتدبير المندمج للموارد المائية في الأوساط الواحية”، الذي سيمتد على مدى ثلاث سنوات بواحتين نموذجتين: واحة فركلة بإقليم الرشيدية وواحة أكنان بإقليم طاطا،  والذي يتبنى مقاربة تجمع بين الأمنين المائي والغذائي وتحقيق التنمية المستدامة، لمواجهة هذه الوضعية المقلقة  للواحات.

وسيترأس السيد عامل إقليم طاطا لقاء إعطاء الانطلاقة الرسمية لأنشطة هذا المشروع، وذلك يوم الأربعاء 17 فبراير2021 بمقر عمالة إقليم طاطا، حيث سيتم عرض أهداف وبرنامج عمل المشروع، الذي يتوخى منه المساهمة في المحافظة على واحات الجنوب المغربي، بتبني مقاربة مندمجة، وذلك بحضور ممثلين عن الاتحاد الأوروبي وممثلي المصالح الخارجية والفاعلين المحليين المعنيين وممثلين عن المجتمع المدني، وسيعرف هذا اللقاء توقيع اتفاقية إطار للشراكة بين الجمعية وشركائها.

ويتوخى المشروع إرساء مقاربة تشاركية للتدبير المندمج للموارد المائية بكل من الواحتين، وتسهيل تملكه الفعلي والمستدام من طرف الساكنة من خلال مخططات التدبير المندمج للموارد المائية بالوسط الواحي، وتنظيم أنشطة نوعية وإنجازها، بغرض تقليص الهجرة القروية في فئة الشباب الواحي، عبر تشجيع مبادرة إنشاء مقاولات في مجال الماء والتطهير الصحي وبناء مشا ريع تنموية أخرى..


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading