بقلم الفنان عمر أيت سعيد//
هي امرأة حديدية ليست ككل النساء عليها سحائب الرحمة والغفران ، هي فعلا صنعت وأخرجت الرزق، طعاما وخبزا من الحجر. لالة “”تهبوريت” بائعة الكحل في سوق قرية موحا ، استطاعت في ضرف سنوات قليلة أن تفرض سلعتها في الأسواق بفضل إبداعها وحنكتها وسياستها في التجارة والتواصل وحسن تعاملها مع الزبناء . كحل تضعه بأقساط قليلة وسط صفحات ومطويات من أوراق الجرائد المستعملة وتلفها بثوب ”القلمون” بعد أن تضع عليه عقدة فنية . كل ذلك يدخل في ما يسمى ”بالماركوتينغ” فن التجارة الخاص بلالة تهبوريت ، هي المرأة الحديدية التي استطاعت بفضل نجاح تجارتها في بيع ” الكحل” أن تبني أولا اسما تجاريا لها تحت اسم ” كحل تهبوريت أو ”تزولت ن تهبوريت ” كما تمكنت من تربية ابنائها ووفرت لهم منزلا كبيرا يتسع لهم جميعا والأهم من الجدران أنها تركت لهم سروكفاية ووصفة صناعة الكحل الخاص بها حتى صاروا محترفين في هذه الحرفة التي تصنع الجمال على الرموش .
صحيح ان الكحل او الرصاص حجر أسود لكنها تعاملت معه بلطف وإبداع الى أن صنعت البهجة والسرور في عيون بنات ونساء قلعة مكونة والواحات المحيطة بها. وصلت شهرة وصيت لالة ”تهبوريت ” الى دول غربية كفرنسا وهولاندا بفضل الجالية المغربية المقيمة بهذه الدول والتي تعشق كحل لالة تهبوريت .
لكن لم نتساءل يوما ، ما الذي يميزهذه السلعة بعينها عن غيرها ؟ إنها الإرادة والطموح يا سادة. حدث لموحا ان كلفته أمه ذات يوم أن يحضر لها صكوكا من الكحل عند لالة ”تهبوريت” فقصد فعلا السوق باحثا عن المرأة الحديدية الصامدة التي تصنع الجمال من الحجر، لما وصل موحا الى المكان الذي تتخده لالة ”تهبوريت ” لبيع كحلها فقال لها موحا : ” يا سيدتي العزيزة أريد 500 درهما من الكحل فضلا ؟ أجابته الحكيمة ، لا لا يا سيدي ؟ انا لا أبيع التبن كي أعطيك كل هذا الثمن بمقداره من الكحل ؟ فلتعلم يا سيدي ان كحلي دواء أصنعه و أحضره بيدي هاتين ، بمشقة كبيرة وعناء أحضره وأحمل منه ما أستطيع لأتقاسمه مع أحبائي وزبنائي في السوق ، فكل واحد أمكنه من القليل منه ، تذكر إذن هو دواء وليس بصلا أو تبنا ، فإن أعطيتك مقدار الكحل مقابل ذلك الثمن فماذا أعطي للأخرين ، صحيح أن كحلي لزينة العيون لكن هو لدوائها كذلك .
فاستغرب موحا وتعجب لمنطق حديتها ، فقال في حوار داخلي هل هي تخرجت من جامعة للتجارة والتسيير ؟ هل تحمل دبلوما للتجارة والتواصل أو ما شابه ذلك ، لا،لا هي خريجة مدرسة الحياة ، ومتاهاتها ، لالة ”تهبوريت لديها استراتيجية للبيع ، إشتراكية الطبع والمنهج ، فهي تستعمل المنتوج وتروج له كدواء ، وتلفه على صفحات الجرائد كي يتحقق عنصر البساطة وتخلق التقه مع الزبناء، ثم تتكلم بحكمة ودهاء فهي تجمع كل هذه الكفاءات والقدرات دون ان تطأ قدمها الجامعة يوما . هي تملك الكلمة الثاقبة و المهارة في الصنع والإتقان لذلك صنعت لنفسها اسما وشهة وصل صيتها الى العالمية .
رحمك الله يا صانعة الجمال من الجبال جبال الصخر الأسود من الرصاص ، أنت تراث بشري ، قل نظيرك على البسيطة ، فلترقك روحك بسلام ، فكل العيون التي زينتها يوما بالكحل صنيعك تأكدي أنها تحن إليك والى دوائك الابدي. .
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.