شعر : الوباء جائع هذا العام

أزول بريس – حسن عين الحياة //

إلى روح الصحافي والشاعر والانسان المتعدد، الساخر الخلوق حكيم عنكر
هل أتاك حديث الجائحة
وأعراس بلا دفوف
ومآتم خَجْلى..
تودع حبيبا من الرفوف
ومآقي منكسرة
كشظايا الزجاج
أو عيون مالحة
أرْمَدَتْها الذُروف
كأن أعرابيا يرثي شمسه..
حين فاجأها الخسوف
يلوك القصيدة همسا
وتنعيها حسرة الحروف
وأَنَّة القوافي
تلعن جُبن المنايا
حين ترى الناس سنابلا
أو عناقيد عنب آيِلٍ للقطوف.
هل أتاك حديث الجائحة
والتكلى
وابن السبيل
والنائحة
وغد مفجوع في أمسه
ومساء يُعَدِّدُ ثوابيت البارحة
بلا جنائز
أو مساجد
أو كنائس
أو بخور يوزع فينا دخانه
ويحجب عنَّا الرائحة.
سَآوِي إلى الجبل
كفرت باللات
ومناة وهُبَل
زادي حِنطة العام الماضي
وذكرى من قُبَل.
سأخالط أرواح الوباء
ونواميس السؤال الأعظم
وزبانية الغيوم
عَلِّي آتيكم بقبس من صنم
أو نبوءة لرفع السقم.
هاتوا قُبَلكم
وذراعان مفتوحان للعناق
سأوزعها بعدل الأولين
على الراحلين غذرا
سأمنح قبلة للمقربين
وضمة للرفاق.
أيها الراحلون..
أيها الخالدون في متاريس الوباء
كم طفلة أجَّلت عيد ميلادها؟
كم عروسا زهدت في خلخالها؟
وكم كفَّا لفظت حُمرة الحنَّاء؟
كم مِرْوَدا هجر مِكحلته؟
وكم حبيبة أسْعَلتها كَحَّة البكاء؟.
لا شيء يوقظني..
أحلم بحقول “الكِيف” تُزهر في رئتَيَّ
وأرى غمام الخريف..
الذي كفَّن برماده أمواتنا
يقتات من ظلال المَصيف
أتصير أرضنا المَوَات
بعد وجع الصُوَّان والحصى
موطنا للحفيف..؟
أنصير عواصم للحزن
ونخوض حروبا باسم الرغيف؟
لا شيء يؤجل صحوتي
سهرت الليل
وتثاءبت قهوتي
افترشنا حقول البُنِّ
ورأيت قمرا أحمرا
وغيمة بيضاء
انبعثا كالسراب..
من دخان سجارتي
لا شيء يؤجل صحوتي
لا خمرة البار الوَبري
ولا أريكة تركض فيها الخيول
لا انجرافي كتربة السفوح
أو تَفَتُتي.. كطَمْي السيول
لا شيء يُرمم انكسار الربيع
إني أرى جبيرة تَلُفُّ ساق الغمام
وكأسا تَرَمَّل في نكبة المُدَام
ونشيد الفصول الأربعة
يؤذن فينا:
الوباء جائع هذا العام.
لا شيء يرممنا..
لا شيء يرمم انكسار الغمام
الشتاء يشرب من آبارنا
والصيف يدخر من أشعة الشمس
حطبا لليمام.
وهذا السَّغَب يؤذن فينا:
صبرا جميلا..
فالوباء جائع هذا العام.
على روحك يا حكيم السلام

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading