سنتان متتاليتان وأبناء أزيلال بجهة بني ملال خنيفرة يظفرون بالمركز الثالث لأحسن مرشد سياحي في العالم بعد خالد المليح، ابن مريرت الأطلسية الفائز بالميدالية الذهبية سنة 2017. فبعد عبد الرحيم أوكيوض الحائز العام المنصرم (2018) على برونزية في الإرشاد السياحي، أبى إسماعيل انكريوي إلا أن يكون أحسن خلف لخير سلف، لحصوله هذا العام، أيضا، على الميدالية البرونزية لثالث أحسن مرشد سياحي في العالم بالعاصمة البريطانية لندن.
رأى انكريوي النور بمدينة أزيلال، وبها درس تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي. وبعد حصوله على الباكالوريا سنة 2006، التحق بجامعة القاضي عياض بمراكش، واختار التعمق في الدراسات الإنجليزية إلى أن حصل على الإجازة سنة 2009. كما حصل على دبلوم اللغة الروسية من جامعة خاركوف بأوكرانيا سنة 2015، وتمكن من الحصول، أيضا، على تكوينات في العديد من الدول كتايلاند والفتنام والهند والبيرو…
“بدأت مشاوري مرشدا جبليا بعد تخرجي من معهد تكوين المرشدين الجبلين الموجود بتبانت، بأيت بوكماز بإقليم أزيلال سنة 2010″، يقول انكريوي في تصريح لهسبريس قبل أن يضيف متحدثا عن طبيعة استقبال أسرته لميوله نحو هذا المجال: “الإرشاد السياحي ليس غريبا عن أسرتي؛ فأخي الأكبر وابن عمي يعملان مرشدين سياحيين، وبالتالي هذا المجال ألفته الأسرة بكبيرها وصغيرها. وطبعا أسرتي كأي أسرة تكون دائما فخورة أن ترى الأبناء يزاولون عملا نبيلا وشريفا وبعرق الجبين”.
وبما أن لكل عمل مصاعب وإكراهات، فإن عمل الإرشاد السياحي له صعوباته أيضا؛ من بينها، وفق انكريوي البالغ من العمر 31 سنة، “المرشد الجبلي يعاني بشكل عام من عدم إعطائه الفرصة في قافلة الإدماج التي قامت بها وزارة السياحة العام الماضي. كما أننا نعاني من مضايقة الأمن في بعض المدن، على الرغم من التزامنا بالقانون والاستعانة بمرشد المدن. كما أن بعض وكالات الأسفار تستغل المجهودات التي نبذلها دون أي ضمان للعمل في المستقبل؛ فمثلا كنت أعمل لوكالة أسفار كندية لمدة 9 سنوات. في الشهر الماضي، طلبت من المسؤولة عن الوكالة في المغرب أن تغير لي برنامج شهر أكتوبر لأسباب عديدة؛ منها أنني كنت أود الذهاب إلى لندن لكي أحضر التتويج. للأسف، لم أجد آذانا صاغية. راسلت المدير، هذا الأخير وعدني بأنه سيجد حلا لطلبي، لكن بعد مرور أسبوع، تفاجأت برسالة الطرد التعسفي”.
وأمام هذا الوضع الذي قطع الشك بيقين رفض الوكالة نفسها تقديم يد المساعدة لحضور حفل التتويج اعترافا منها بهذا النجاح وهذا التميز، يوضح المرشد ذاته، “تكلفت بمصارف السفر من مالي الخاص، لأنني أود أن أرفع راية بلدي وأقول للعالم إنني مغربي. فخور أنا ببلدي، وهذا شرف للمرشدين المغاربة”.
وعلى الرغم من كل هذه الصعاب والتحديات والعراقيل التي تحاول فرملته للانسحاب أو التراجع إلى الوراء، فإن “طموحاتي المستقبلية تحفزني للمضي قدما؛ منها أن تكون لي فرصة لممارسة الإرشاد السياحي في المدن المغربية، وكذا تأسيس وكالة أسفار لتشجيع والنهوض بالقطاع السياحي وزيادة عدد الزوار بهذا البلد السعيد”.
وعن الفترة التي بدأت فكرة تأسيس وكالة أسفار تراوده، قال انكريوي إن فكرة إنشاء وكالة أسفار “راودتني حينما درست اللغة الروسية بأوكرانيا سنة 2015. كما أنه بعد حصولي على الجائزة فكرت في استثمار هذا الإنجاز للتعريف بالمغرب وبالمنتوج المحلي، نظرا إلى أن المغرب، والحمد لله، بلد مستقر لذلك يتوافد عليه آلاف السياح سنويا”.
وأوضح قائلا: “عملي كمرشد دفعني إلى السفر لاكتشاف الثقافات الأخرى، إذ زرت العديد من الدول؛ منها: إسبانية، فرنسا، ألمانيا، أوكرانيا، البرازيل، البيرو، الهند، الفيتنام، التيلاند، كندا، كينيا، وإنجلترا”.
وأضاف الشاب المغربي: “الإرشاد السياحي مهنة التعلم والاكتشاف. تمكنت، خلال السنوات العشر الأخيرة، من اكتشاف كل ما يتوفر عليه المغرب من جبال وصحراء ومدن ذات عمق تاريخي، وكذلك الالتقاء بجميع فئاته المجتمعية. ويبقى أهم شيء في الإرشاد، الذي تعلمته شخصيا، هو اكتشاف الذات؛ فالعمل كمرشد ليس، كما يعتقده الأغلبية، ينحصر في السفر والتقاط الصور.. إن الإرشاد هو موسوعة من المعلومات في شتى المجالات. المرشد هو معلم، والمرشد له الدور الأول والأخير في إسعاد الزوار. كما أن المرشد يجد نفسه في بعض الأحيان مترجما أو مسعفا أو طبيبا نفسيا”.
واسترسل قائلا: “العمل مرشدا سياحيا جميل، لأنك تتعرف على ثقافات مغايرة ولغات مختلفة، وتكتسب تجارب جديدة وتعيش مغامرات ماتعة؛ غير أن غياب التغطية الصحية والتقاعد، أسوة ببقية الحرف والمهن، يدفع الكثير من المرشدين إما إلى الانسحاب وإما إلى البحث عن عمل مواز يقيهم شظف العيش في حالة أصاب مكروه أحدهم مستقبلا”.
وعن طبيعة إحساسه لما علم بالتتويج قبل أسابيع، أورد قائلا: “أحسست بالفخر، لأن التتويج ليس لي شخصيا وإنما للمغرب. أنا فخور جدا بهذا الإنجاز، إذ حصلت على المركز الثالث من أصل 4000 مشارك. أود أن أشكر كل الأصدقاء والزبناء الذين صوتوا لأجلي، وبفضلهم تمكنت من الحصول على أكبر الأصوات”.
وبالنظر إلى التجربة التي راكمها في مجال الإرشاد، يقول انكريوي ناصحا المقبلين على هذا المجال: “نصيحتي لكل من أراد مزاولة الإرشاد السياحي أنه مهنة صعبة، إذ يجب أن يكون صبورا. الصعوبات كثيرة. إذ تكون دائم الجولان. تكون بعيدا عن العائلة. وأنا رهن إشارة كل من وجد نفسه يميل إلى هذا المجال”.
ياسين اوشن
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.