بعفويتها الملحوظة وعزيمتها الصلبة، تجسد رشيدة دودجان صورة المرأة الملتزمة بالعمل التعاوني والجمعوي، الذي كرست له نفسها لجعل منتوج الكسكس ومشتقاته في كلميم، باب الصحراء، ثروة تستفيد منها نساء الجهة.
هي من بين نساء اتخذن من العزيمة والتحدي سببا لتحقيق ذواتهن، واستطعن تغيير وضعيتهن السيوسيو – اقتصادية، تلك بعض من سمات مسار السيدة دودجان، رئيسة الجمعية الإقليمية لصانعات الكسكس بكلميم، وتعاونية « الخير والبركة ».
فالسيدة رشيدة، المنحدرة من منطقة تيغمرت جماعة أسرير (إقليم كلميم)، لم تكن تدرك يوما أنها ستلج عالم التعاونيات والتشغيل الذاتي، لتبصم بذلك على مسار متميز في المجال التعاوني.
وفي لحظة استحضار لبداية هذا المسار، تقول رشيدة، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، « إن فكرة الاهتمام بالعمل التعاوني اختمرت لدي بعدما مررت من عدة تجارب بحثا عن شغل ومن أجل تحقيق دخل قار، لتقترح علي إحدى صديقاتي فكرة تأسيس تعاونية لإنتاج الكسكس. في أول الأمر، بدت الفكرة غريبة عني شيئا ما، لكن وبعد إلحاح منها ومحاولات إقناع قمت بتأسيس تعاونية.
وهكذا، قررت السيدة دودجان، في عام 2012، خوض تجربة تأسيس تعاونية مختصة في إنتاج الكسكس، حيث تفرغت لتعاونيتها وتمكنت من استقطاب مجموعة من النساء اللائي يشتغلن في هذا المجال.
تقول السيدة دودجان، الطالبة في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة ابن زهر بأكادير، إن إحداث هذه التعاونية كان نابعا من يقيني بأن تحقيق استقلالية مادية لنساء العالم القروي وحده الكفيل بالنهوض بأوضاعهن وتحسين دخلهن بالنظر للدور المحوري للمرأة في مسلسل التنمية المحلية.
وتابعت « حاولت تشجيع النساء للانخراط في التعاونية لإخراجهم من عزلتهن وتحقيق ذواتهم، لكي تضطلع المرأة بدور فعال داخل أسرتها ومنطقتها، تبتكر وتبدع وتكون مليئة بالطاقة الإيجابية ».
منذ إحداثها سنة 2012، أسهمت تعاونية الخير والبركة (يتواجد مقرها بفضاء التعاونيات الذي تشرف على تسييره المنسقية الجهوية للتعاون الوطني)، في تعزيز قدرات النساء القرويات في وضعية هشة وتحسين دخلهن وتحقيق استقلاليتهم المادية، بعد أن فتحت المجال أمام مجموعة من نساء المنطقة في وضعية هشاشة (مطلقات، أرامل، متزوجات..)، ليرافقنها في هذا المشروع التعاوني.
تقول السيدة رشيدة « بفضل طموحن، أصبحت هذه التعاونية تشارك في معارض محلية وجهوية، فبدأت تترسخ لدي قناعة بأن الاشتغال في المجال التعاوني سيحقق للنساء استقرارا ماديا ».
وزاد اهتمام النساء بإنتاج الكسكس بعد تأسيس الجمعية الإقليمية لصانعات الكسكس سنة 2016 (تضم حوالي 30 تعاونية) التي احتضنت جميع التعاونيات بالإقليم وأصبحت متنفسا لهذه الفئة.
فالكسكس الخماسي الذي يعد أحد أهم المنتوجات المجالية التي أبدعتها أنامل نساء تعاونيات جهة كلميم – واد نون، تضيف السيدة دودجان، يتيح توفير دخل قار، ولذلك نجد كما هائلا من النساء بالجهة يعملن في هذا المجال. إن التركيز على هذا المنتوج راجع أساسا إلى كونه من التقاليد العتيقة بالمنطقة.
ولم تغفل هذه السيدة الدور الذي تضطلع به المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في دعم منتوج الكسكس ومساهمتها في تطوير التعاونيات من خلال تجهيز التعاونيات بمجموعة من المعدات التي تلتزم بمواصفات السلامة الصحية.
ولفتت إلى أن الجمعية الإقليمية لصانعات الكسكس وجهت مراسلة إلى الوزارة الوصية من أجل إدراج منتوج الكسكس كطبق معترف به من طرف منظمة « اليونيسكو ».
وبفضل مثابرتها وسمعتها الجيدة، فرضت السيدة رشيدة، وهي أيضا رئيسة الجمعية الجهوية لمنتجات الكسكس بجهة كلميم – واد نون، نفسها في مجال إنتاج الكسكس بمشتقاته، وشاركت في العديد من المعارض الجهوية والدولية بالمغرب.
وبحسب السيدة دودجان، فإن هذه المعارض تشكل بالنسبة للتعاونيات وسيلة فعالة للتعريف بمنتوجاتها والبحث عن فرص لتسويقها وطنيا ودوليا، وكذا تعزيز قدرات التعاونيات في مجال صناعة وإنتاج الكسكس والنهوض بالقطاع.
ولم تهمل رشيدة دودجان دورها داخل الأسرة كأم لطفلين، إذ أنها توفر لبيتها كل شروط الاستقرار والمحبة. بالمقابل أكدت أنها لقيت كل التشجيع والتحفيز والمساندة من طرف أسرتها، خاصة وأن التوفيق بين الأسرة والعمل التعاوني والجمعوي يكتسي بعض الصعوبات.
أحمد كرمالي(لاماب).
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.