دموع الوزير
يوسف الغريب
لا أنفي تأثري البليغ لحظة تدميع عيني الوزير مولى حفيظ العلمي أثناء تسليم السلط مع خلفه بالوزارة..
وقد يعتقد غيرنا أنّه بكاء وندم على مغادرة الوزارة.. وقد يجهل هذا الغير أنّه من بين الوزراء الذين تنازلوا عن تعويضات المنصب..
ونعرف قبل غيرنا أن هذا الوزير كان استثنائياً.. في زمن عرف فيه العالم انتشار فيروس كورونا القاتل للبشر وتجميد مناحي الحياة..
من داخل الحجر الصّحي.. وبين الأرقام المهولة للإصابات وعدد الموتى للأنظمة الصحية في العالم الأول.. كانت الكمامة فرصة الخلاص الوحيدة آنذاك.. جعلت الدول الكبرى تعلن الحرب والقرصنة من أجل هذا القماش الصغير..
في هذا المناخ الرهيب.. انبعث فينا ومنّا من يرفع التحدي ويعلن قدرتنا على إنتاج الكمامة الساحرة.. و بالملايين.. بل وسنصدرها إلى أوروبا وأفريقيا ودولاً أخرى..
هي عشرة أيام.. حتّى أصبحت الكمامة المغربية تناقش داخل البرلمان الفرنسي.. بعد أصبحت في متناول المغاربة جميعا وبثمن زهيد..
لم تكن ذلك فحسب… بل بداية الثقة في قيادة بلدنا وقدراتها على تجاوز هذه الأزمة الوبائية والحدّ من آثارها..
كانت جميع إطلالته وخرجاته ترفع من منسوب هذه الثقة بالمغربي وبأطره ومهندسبه في مقارعة الغرب..
كان هذا الوزير يذكرنا بذلك.. تجده رفقه مهندسين مغاربة اخترعوا جهاز تنفس بنفس المعايير العالمية وبأقل تكلفة..
تجده يكرر على مسامعنا…( اييه أسيدي صنع بالمغرب..) وخاصة أثناء تقديم حافلات النقل الحضري بالبيضاء..
كان المغاربة محتاجون إلى هذه الثقة.. وخاصّة حين تخاطبهم بلغة بسيطة واضحة ومباشرة كما في تواصله معنا.. حتّى تحوّل إلى نجم وسط الفئات الشعبية قبل غيرهم..
كان خطبه وخرجاته متداولة وسط الفئات الشعبية قبل غيرهم..
الجميع يرفع عينيه إلى السماء كلما حلقت طائرة هنا أوهناك.. يخاطب نفسه أوصديقه.. باعتزاز وأفتخار (في تلك الطائرة جزء صنع بالمغرب..)
هي جملة الوزير.. التي أصبحت نفاخر بها اليوم الأصدقاء قبل الأعداء..
وكثير هي الجمل والمواقف والإنجازات في مجال صناعة السيارات واستقطاب الشركات الكبرى..
وكثيرة هي مواقف النّدية مع الدول في الدفاع عن البلد ومصالحها.. مع تركيا في إعادة اتفاقية التبادل التجاري.. أومع الوزيرة المصرية في احترام تعهداتها التجارية..
كان المغاربة.. حتى البسطاء يتابعون باهتمام هذه الروح النضالية.. والنفس الحارة على المغرب…
كان المغاربة يردّدون معك جملتك المشهورة أمام البرلمان.. وأنت تصدح فيهم ( ديروا الثقة في شبابنا.. راه قادين بالمغرب وزيدوا به للقدام..)
هي وغيرها من الإنجازات آخرها تلك المرافعة حد الاستماتة وسط عشرة دول وتنتزع منهم شركة استثمار تجميع الطائرات الخاصة لصالح بلدك..
هي لحظة إشباع عاطفي عشناه معكم معالى الوزير جعلنا لا نصدق بالمرّة عدم استمراريتك في المنصب الوزاري. وقد يكون لذوي القرار مبررات لذلك..
فبقدر ما أنّنا عاجزون عن استيعاب هذا الغياب.. عاجزون أيضاً عن تقديم التشكرات الحارة لكم عن هذا الأثر الإنساني البليغ.. والإحساس الرفيع بمغربنا وبمغربيتنا..
لذلك نكرّر مع الذين أدمعوا عيناك :
إنّنا نحبّكم..
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.