دعوى غياب العلمي وطغيان الإيديولوجي في الخطاب الأمازيغي
أزول بريس – بقلم: محمد بودهان //
سبق أن كتبنا بأن المعادين لأمازيغيتهم من المتحوّلين جنسيا، أي هوياتيا وقوميا حسب المعنى العربي الأصلي لكلمة “جنس”، لم يعودوا يبرّرون موقفهم الرافض لها برفع فزاعة “الظهير البربري”، وخصوصا بعد أن ثبت أن هذا الأخير مجرد أكذوبة لم يسبق أن وُجد تاريخيا وحقيقة. لكنهم لم يستسلموا، كما كان منتظرا نتيجة للتطورات التي عرفتها القضية الأمازيغية وللمكاسب التي حقّقتها، بل غيّروا أسلحتهم لينتقلوا من الاستعمال المباشر لأسطورة “الظهير البربري” إلى استعمال ملحقاتها، في شكل تعِلّات تبدو في ظاهرها كما لو أن لا شيء يربطها بهذه الأسطورة، المؤسِّسة والمؤصِّلة لعداء جزء من المغاربة لأمازيغيتهم، مع أن هذه التعِلّات ترمي إلى نفس الهدف وهو “الإقناع” برفض الأمازيغية وإقصائها ومناهضتها.
ومن بين هذه التعِلّات تلك التي يزعم أصحابها استنادَهم فيها إلى العلم والبحث الأكاديمي الموضوعي، منتقدين نشطاء الحركة الأمازيغية، الذين يدافعون، حسب رأيهم، عن الأمازيغية انطلاقا من مواقف إيديولوجية وعاطفية وذاتية، بعيدا عن كل علم وموضوعية. ولهذا فهم ينصحون المهتمين بالأمازيغية بأن أفضل دفاع عنها هو، أولا، التعاطي معها كموضوع علمي مثل الدراسة اللسانية للغة الأمازيغية، والأنتروبولوجية للمجتمع الأمازيغي لفهم ثقافته وبنياته الاجتماعية وعوامل تطوّرها وتحوّلها…، وإبقاء، ثانيا، المطالب الأمازيغية في ما هو ثقافي ولسني، وعدم تسييسها وأدلجتها اللذيْن يتنافيان مع الطبيعة الثقافية واللسنية لموضوع الأمازيغية.
جميلة هذه الدعوة إلى التعامل العلمي مع الأمازيغية بعيدا عما هو سياسي وإيديولوجي. وهي دعوة تتكرّر عند العديد من الباحثين والجامعيين، الذين ينظرون، عندما لا يعتبرونها طيشا وغلوا إيديولوجيا، بتحفّظ كبير إلى مطالب ومواقف نشطاء الحركة الأمازيغية. ومن ضمن هؤلاء الباحثين والجامعيين ناطقون بالأمازيغية، يشتغلون عليها في إطار الشُّعب الفرعية للأمازيغية التي افتتحت ببعض الجامعات المغربية. ومن بين هؤلاء الجامعيين الأمازيغيين من يرفض تيفناغ باعتباره اختيارا إيديولوجيا وليس علميا. انتماء أصحاب هذه الدعوة “العلموية” إلى مجال البحث الجامعي والأكاديمي، يضفي على دعوتهم هذه جدّية ومصداقية، وينتقص من أهمية وقيمة الخطاب الأمازيغي، في شقه المرتبط بمطالب الحركة الأمازيغية ونشطائها.
لا أحد يجادل في أن المعرفة العلمية شيء محمود ومطلوب. وهي مطلوبة أكثر بالنسبة إلى الأمازيغية نظرا لما أُشيع حولها من أباطيل وأراجيف، وما تعرّضت له من تزوير وقلب للحقائق. إذن لا اعتراض على ضرورة اعتماد المنهج العلمي في دراسة الأمازيغية واستكشاف أغوارها، لغة وثقافة وتاريخا ومجتمعا… أما ما أودّ مناقشته فهو علاقة العلم بالإيديولوجيا بخصوص موضوع الأمازيغية. فبما أن الإيديولوجيا، باعتبارها فكرا غير مطابق للواقع، هي نقيض للعلم الذي هو فكر مطابق للواقع، يسهل الاستنتاج أن الخطاب الأمازيغي خطاب غير علمي، لأنه يقوم على غير قليل من المسلمات الإيديولوجية التي لا تصمد أمام البحث العلمي.
الفصل بين مجال العلم ومجال الإيديولوجيا:
لكن هل من السهل التحرّر مما هو إيديولوجي، وفي قضية مثل الأمازيغية، وخصوصا أن الإيديولوجيا شيء يفرض علينا نفسه كالهواء الذي نستنشق، كما قال “ريمون أرون” Raymond Aron؟ يمكن استبعاد تأثير الإيديولوجي، أو التخفيف على الأقل من تأثيره، وذلك بالفصل بين مجال العلم ومجال الإيديولوجيا. فمثلا المنهج العلمي يقتضي من عالم الفيزياء النووية الالتزام بقواعد البحث العلمي، وإجراء كل التجارب الضرورية لاختبار فرْضياته حول الطاقة النووية دون اكتراث بالاستعمال السلبي الممكن لتلك الطاقة في ما يضرّ الإنسان والمجتمع والدول. أما السياسيون والفلاسفة والوعاظ والمدافعون عن البيئة ومنظمات المجتمع المدني…، فمن حقهم الدعوة إلى حظر الاستعمال الضارّ للطاقة النووية، وخصوصا استخدامها كسلاح للقتل والتدمير. وحتى إذا كان هناك علماء مختصون في الفيزياء النووية، ينادون هم أنفسهم بحظر السلاح النووي، فإن الذي يهمّ هو أنهم داخل مختبراتهم وأثناء إجراء بحوثهم، لا يلتزمون إلا بقواعد المنهج العلمي الصارمة.
نفس الشي يصدق على الأمازيغية عندما نميّز بين دراستها كموضوع علمي، وبين المطالبة بتنميتها والنهوض بها وتعميم تدريسها. فمثلا، في جانبها اللغوي، رغم أن العلوم الإنسانية كاللسانيات لا تنتمي إلى العلوم الحقّة مثل الفيزياء، تشكّل الأمازيغية موضوعا علميا تخضع دراسته لمناهج البحث اللساني، دون اكتراث لموقف النشطاء المدافعين عن الأمازيغية من النتائج المتوصَّل إليها، وهل ستنال رضاهم أم تثير رفضهم لها واعتراضهم عليها. لكن من حق هؤلاء النشطاء أن يدافعوا عن الأمازيغية ويطالبوا من السياسيين، وليس من اللسانيين، اتخاذ قرارات لتدريسها الإجباري الموّحد، وفرض استعمالها داخل مؤسسات الدولة كلغة رسمية. وغني عن البيان أن هذا الجانب، الخاص بالمطالب الأمازيغية، غير مستقلّ عما هو إيديولوجي وسياسي. فهل يجب الكفّ عن هذه المطالب والإلقاء بها في صندوق القمامة بسبب طبيعتها الإيديولوجية والسياسية، حتى تنال الأمازيغية شهادة الاعتراف العلمي بها، كما ينادي بذلك الداعون إلى ضرورة التعامل “العلمي” مع القضية الأمازيغية؟
إقصاء الأمازيغية كان إيديولوجيا وسياسيا وليس علميا:
كان من الممكن أن نجاري هذه الدعوة “العلموية” لو أن إقصاء الأمازيغية لما بعد الاستقلال ـ وهو ما لا يشمل الإقصاء الفردي الذي مارسه الأمازيغيون على أمازيغيتهم منذ اعتناقهم للإسلام عندما تنكّروا لجنسهم الأمازيغي واختاروا التحوّل إلى جنس عربي ـ، والذي أصبح سياسة عمومية للدولة، كان مؤسَّسا على حقائق العلم ونتائجه، كأن تكون بحوث علمية أو تجارب مختبرية أثبتت، في نتائجها وخلاصاتها، ضرورة إقصاء الأمازيغية ومحاربتها. والحال أنه لا يوجد أي بحث علمي حقيقي توصّل إلى هذه النتيجة، ليبقى إقصاء الأمازيغية نابعا من دوافع إيديولوجية محضة، وليس علمية، مع تنفيذه بقرارات سياسية محضة، وليست علمية. فالتحويل الجنسي للمغاربة من جنسهم الأمازيغي الإفريقي إلى جنس عربي أسيوي، وهو ما يُسّمّى بسياسة التعريب التي لا علاقة له باللغة العربية، والذي به تُقتل الأمازيغية وتُنفّذ سياسة إقصائها، لم يتقرّر بناء على “اكتشاف” علمي يقضي بتغيير الهوية الجماعية للمغاربة إلى هوية عربية، بل هو مشروع إيديولوجي خالص تبنّته الدولة وجعلت منه سياسة عمومية تصرف عليها الملايين. وتسمية المغرب بـ”العربي” لم تكن نتيجة بحث علمي أثبت ضرورة إلحاق المغرب بالعروبة، بل هي قناعة إيديولوجية ـ وليست علمية ـ ستفرضها الدولة بقرارات سياسية.
إقصاء الأمازيغية لا علاقة له إذن بالعلم ولا بالمعرفة، وإنما هو، من أوله إلى آخره، تنفيذ سياسي لقناعات إيديولوجية. لكن عندما يطالب المدافعون عن الأمازيغية بإنصافها والاعتراف بها ووضع حدّ لهذا الإقصاء، وذلك بتدريسها الإجباري الموحّد حتى تُستعمل كلغة رسمية للدولة، يردّ مدّعو الخطاب “العالِم” بأن هذه المطالب إيديولوجية وسياسية في حين أن الأمازيغية يجب أن تبقى في إطار ما هو علمي وثقافي. مع أنه حتى إذا سلّمنا أن المطالب الأمازيغية قريبة مما هو إيديولوجي وسياسي وبعيدة عما علمي وثقافي، فسيكون ذلك طبيعيا ومنطقيا لأنها ردّ فعل على إقصاء هو نفسه إيديولوجي وسياسي ولا علاقة له بما هو علمي وثقافي. ورغم ذلك فإن هذه المطالب تتأسس على كثير من الحقائق العلمية، مثل تبيان أن “الظهير البربري” هو مجرد أكذوبة لا وجود لها في التاريخ، اُختلقت لشيطنة الأمازيغية وإقصائها، وأن الأصل “العربي” للأمازيغ وللغة الأمازيغية هو خرافة مضحكة تكذّبها الحقائق التاريخية واللسانية…
فإذا كانت المطالب الأمازيغية تبدو ذات حمولة إيديولوجية، فذلك لأن العلم، في ما يخص رفع الإقصاء عن الأمازيغية، لا يُجدي ولا ينفع. فلا يكفي أن تثبتَ علميا أن الأمازيغية لغة لها نحوها ومعجمها وقواعد تصريف أفعالها، وأن ما يبدوا من اختلاف بين بعض لهجاتها راجع إلى حرمانها من المدرسة، ومنعها من الاستعمال الشفوي داخل إدارات الدولة ومؤسساتها، ليتقرّر، بناء على الدراسة العلمية للغة الأمازيغية، تدريسها وتشجيع استعمالها في إدارات الدولة ومؤسساتها. لماذا؟ لأن حرمانها من المدرسة ومن الاستعمال داخل إدارات الدولة ومؤسساتها، لم يكن قرارا علميا، كما قلت، بل قرارا سياسيا ناتجا عن قناعة إيديولوجية. فولوج الأمازيغيةِ المدرسةَ وإداراتِ الدولة ومحاكمَها ومؤسساتِها، لا تحدّده المعرفة العلمية، وإنما تتحكّم فيه قناعات إيديولوجية تترجَم إلى قرارات سياسية. وهذا الجانب، الخاص بالإيديولوجي والسياسي، مرتبط، في الحالة التي نناقشها، بإرادة الدولة. فعندما تريد الدولة النهوض، الجدي والحقيقي، بالأمازيغية، بعد ذلك فقط تتدخّل المعرفة العلمية لإرشادها إلى أفضل السبل التي بها يتحقّق هذا النهوض الذي أرادته للأمازيغية. فالإرادة السياسية للدولة، والتي تخص السؤال: “لماذا؟”، والذي تجيب عنه قناعاتها وتوجّهاتها الإيديولوجية، يسبق المعرفة العلمية التي تخص السؤال: “كيف؟”، المتعلق بكيفية إنجاز ما أرادته وقرّرته الدولة. وهذا ما يفسّر أن كل العمل العلمي الضخم، الذي أنجزه معهد “ليركام” منذ 2003 حول اللغة الأمازيغية، من تقعيد لنحوها وإملائيتها، ووضع معاجم عامة وخاصة لها، وإعداد الكتب والنصوص المدرسية لتدريسها، وتحديد الطرق البيداغوجية لهذا التدريس…، بقي حبرا على ورق ولم يعرف طريقه إلى التفعيل والتنفيذ، رغم أنه عمل علمي وليس خطابا إيديولوجيا. لماذا لم يعرف طريقه إلى التفعيل والتنفيذ؟ لأن الدولة، تحت تأثير أيديولوجيتها الأمازيغوفوبية، لا تريد تدريس الأمازيغية للمغاربة، وبالتالي لم تتخذ أي قرار سياسي لتنفيذ هذا التدريس. والنتيجة أن المعرفة العلمية المتوفرة حول تدريس اللغة الأمازيغية، لا تفيد في شيء هذا التدريسَ ما دام أنه غير موجود. لكن لو توفرت، نتيجة تغيّر في موقفها الإيديولوجي من الأمازيغية، الإرادةُ لدى الدولة لتدريس اللغة الأمازيغية، فآنذاك سيُعتمد على ما يتوفّر من دراسات ذات طابع علمي تخص الجانب اللساني والتربوي للغة الأمازيغية، لإنجاز هذا التدريس بشروطه العلمية المطلوبة. فنتائج الدراسات العلمية حول الأمازيغية، تبقى بلا جدوى إذا كانت الدولة لا تحتاج إلى استعمالها للنهوض بالأمازيغية، لغياب الإرادة السياسية نتيجة حضور الإيديولوجية الأمازيغيوفوبية لديها.
الأمازيغية بين الموضوع والذات:
ولهذا فإن الدعوة إلى بناء خطاب علمي حول الأمازيغية، والقطع مع ما يعتبره أصحاب هذه الدعوة خطابا إيديولوجيا وسياسيا يضرّ الأمازيغية أكثر مما ينفعها، هي حقّ يراد به باطل. هي حقّ لأن العلم مفيد للأمازيغية كما هو مفيد لكل قضية كيفما كان نوعها. لكن يراد بها باطل لأن العمل بها سيُبقي الأمازيغية مجرد موضوع objet للدراسة والبحث والمعرفة العلمية، نتعامل معه بكل برودة كأي موضوع أجنبي لا تربطنا به أية علاقة وجدانية أو هوياتية، كما تقتضي ذلك الموضوعية العلمية. وهذا ما فعلته الدراسات الكولونيالية التي أنجزت بحوثا علمية رصينة حول اللغة الأمازيغية، وتاريخ الأمازيغيين، والأعراف الأمازيغية، وبنية المجتمع الأمازيغي، والغناء الأمازيغي، والتراث الشفوي الأمازيغي… لكن كل ذلك كان محكوما بالتعامل مع الأمازيغية كمجرد موضوع أجنبي عن دارسه، يستحق الدراسة والبحث ليس من أجل أن تُدرّس الأمازيغية، وبشكل إجباري وموحّد، لجميع المغاربة، وأن تكون لغة الدولة والإنتاج الكتابي، أو أن تكون الدولة نفسها أمازيغية في هويتها الجماعية…، بل فقط لأنها “شيء” يثير الفضول المعرفي لدى الباحث، أو من أجل استعمالات استعمارية لنتائج تلك البحوث العلمية.
إبقاء الأمازيغية كموضوع، بدعوى تخليصها من الخطاب الإيديولوجي الذي يطغى عند النشطاء المدافعين عنها، يعني إبقاؤها كشيء ميت، لا روح فيه ولا وعي ولا إرادة، ولا علاقة له بحركية الإنسان والمجتمع والتاريخ. لماذا؟ لأن الذي يربط الأمازيغية بالإنسان والمجتمع والتاريخ، ويبث فيها روحا ووعيا وإرادة، ليس وضعها كموضوع سلبي ومنفعل، وإنما وضعها كذات sujet إيجابية وفاعلة، تصنع التاريخ بدل أن تكون مجرد موضوع له، تخلق الأحداث بدل أن تكون مجرد “حدث” ضمنها، تكون صاحبة قرار سياسي بدل أن تكون مجرد ضحية له… والحركة الأمازيغية تناضل من أجل أن تكتسب الأمازيغية وضعها الطبيعي، ليس كمجرد موضوع منفعل ومتأثر، بل كذات فاعلة ومؤثرة، وهو ما يؤهلها أن تكون لغة للدولة والسلطة، وهوية جماعية لنفس الدولة انسجاما مع منطق التاريخ والجغرافية والديموغرافيا… أما البحث العلمي في الأمازيغية فهو، رغم أهميته كما سبقت الإشارة، يكرّس وضعها كموضوع، أي كمجرد “شيء” من الأشياء، كما كتبت، وذلك عندما لا تكون هناك إرادة سياسية لدى الدولة لاستخدام نتائج هذا البحث لتنمية الأمازيغية وإعادة الاعتبار لها والنهوض بها. وخطاب الحركة الأمازيغية، الذي يعيب عليه أصحاب الدعوة “العلموية” أنه خطاب إيديولوجي وسياسي، هو وحده الذي يتضمّن مطالب ترتقي بالأمازيغية من وضع الموضوع إلى وضع الذات. ولا ننسى أن الذي فرض الترسيمَ الدستوري للأمازيغية، ليس هو البحث العلمي حولها، وإنما هو الخطاب الأمازيغي، بمطالبه ذات الحمولة الإيديولوجية والسياسية. ويمكن القول إن من أخطاء الأمازيغيين، منذ 1912 على الخصوص، هو أنهم لم يبلوروا مطالب سياسية بإيديولوجية أمازيغية. ولهذا لا نلوم فرنسا إذا صنعت دولة عربية ثم سلّمتها لوارثيها من “العرب” بالمغرب، لأنها لم تجد أمامها إلا مطالب سياسية بإيديولوجية عروبية. فاستجابت في الأخير لهذه المطالب، فأقامت لأصحابها دولة عروبية كما كانوا يطالبون بذلك، ثم سلّمتها لهم رسميا عقب ما يُسمّى بمفاوضات “إيكس ليبان” في غشت 1955. وبذلك اكتمل الإقصاء السياسي للأمازيغية، الذي بدأ مع 1912.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.