خبايا المناورات البحرية المشتركة بين الجيشين المغربي و الأمريكي
أزول بريس :
مقال لصحفي انفصالي من البوليساريو يستحق القراءة
الإعلان الأمريكي ليس مجرد تغريدة للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، “ترامب”، بل هو توجه إستراتيجي أمريكي
و بينما يشتد الطوق على أعناقنا و تضيق حولنا المساحات السياسية و الدبلوماسية و حتى العسكرية، يأبى القدر إلا أن يزيد حزن رب البيت الأصفر و يختار سيدة الصمود “تكبر منت عبد الجليل” والدة الأخ القائد “إبراهيم غالي” التي تخطفتها المنية، و لا يسعنا أمام هذا الحدث الذي يراه الجميع سنة الله في خلقه، و نراه نحن رزية يصعب نعيها، غير الدعاء لها بالرحمة و الغفران و جنة الرضوان، لأنها كانت أمنا جميعا، و كم أخشى على الأخ “إبراهيم غالي” أن يجافيه التوفيق أكثر و تشتد عليه الكروب، بعد رحيل مظلة الرحمة التي كانت تدعو له بظهر الغيب، و أن لا يظلم معه الشعب الصحراوي و قضيته، لأن الأيام التي نعيشها لا تبشر بأن ثمة انبلاج لهمومنا جميعا…
فقد نشرت وزارة الدفاع الأمريكية على حساباتها صورا جوية و أخرى بحرية لمناورات ضخمة، جعلت لها من الألقاب “مصافحة البرق”… هذه المناورات تشارك فيها الولايات المتحدة الأمريكية بحاملة الطائرات “إيزنهاور” النووية الدفع، و بأسطول جوي يفوق الـ50 طائرة بينهم مقاتلات من طراز F18، و طائرات التجسس و الربط و الاستطلاع و الحرب الإلكترونية AWACS، و مدمرة و عدد من الزوارق الحربية، فيما شارك جيش الاحتلال المغربي بفرقاطة كبيرة من نوع F613 و التي تحمل اسم “طارق بن زياد”، إلى جانب أسراب من طائرات F16-BLOK52 و مقاتلات من طراز F5-E المعدلة حديثا.
هذا التمرين الضخم جرى خلال أسبوع كامل بين الجيشين في مياه الصحراء الغربية، على بعد عقد بحرية قليلة من جزر الكناري، بالجزء الذي جرى ترسيمه مؤخرا من طرف الرباط، و نتذكر جميعا كيف أثار الأمر غضب مدريد و الجزائر و البيت الأصفر…، و لم يتمكن أحد من إرغام الرباط على توقيف إجراءات عملية الترسيم من طرف واحد، و فرضت الرباط على الجميع الأمر الواقع، و قامت بتحفيظ الصحراء الغربية بترابها و مياهها و أجوائها.
و إلى هذه الحدود الأمر يبدو تقليديا و نصنفه جميعا في إطار مناورات الرباط للسيطرة على ملف الصحراء الغربية، و مواصلة التغلغل داخل العمق الإفريقي، مستغلة في ذلك حالة الوهن الاقتصادي و السياسي للحليف الجزائري ..، لكن عند الدخول في تفاصيل تلك المناورات و الطريقة التي تمت بها، و أيضا تزامن الأمر مع إعلان الأمم المتحدة بصريح العبارة تخليها عن الصراع و إدخالها للقضية الصحراوية للرفوف المنسية، و استحالة العثور على مبعوث أممي، و بدأ حرب الأعصاب بين مدريد و الرباط بعد أن هاجم 150 مهاجرا من دول جنوب الصحراء سياج مدينة مليلية، و اجتاز منهم 52 إلى داخل المدينة… كل هذا يجعلنا نعيد تركيب المبهم من هذه المناورات و البحث عن معلومات أعمق و أدق لتشكيل صورة الوضع السياسي و الإستراتيجي بالمنطقة، و تحديد ما يقع بالضبط، و الذي يخصنا و يعنيا من قريب و من بعيد.
قال سفير الدومنيكان بالرباط :”أنه فخور بتمثيل بلده في المغرب الذي أصبح من الدول العظيمة والقوية بالبحر الأبيض المتوسط”
و بعد تجميعنا للمعطيات حول المناورات العسكرية تبين أن الرباط و واشنطن لم يبلغا إسبانيا بإجراء ذلك التمرين و استخدامهما للذخيرة الحيّة حيث فاجئها الأمر، و الدليل ارتباك حركة الملاحة الجوية في سماء جزر الكناري و اضطرار الأبراج الجوية لتحويل خطوط الرحلات و إلغاء بعضها، و اعتبار الإعلام الإسباني للأمر رسالة واضحة من المفرب و وأمريكا إلى مدريد، بأن التحالف بينهما يتجاوز العلاقات الإسبانية الأمريكية، و أن الولايات المتحدة- اليوم- لديها مصالح لا تتعلق بالتطبيع المغربي الإسرائيلي، بل بمنافع أكبر و أعظم.
و رغم ضعف المصادر و شحها، إلا أننا توصلنا من المصادر المتاحة، إلى توضيح يخص الإعلان الذي تم بين الرباط و الولايات المتحدة الأمريكية حول الشراكة العسكرية التي جرى التوقيع عليها و إعلانها خلال أكتوبر من السنة الماضية، بأنها لا تتعلق بصفقات تسليح فقط و نقل للتكنولوجيا، بل الأمر مرتبط بخطة دفاع مشتركة بين الرباط و واشنطن تلتزم خلال أمريكا بحماية مصالح الرباط ضد أي تحالف دولي أو قوة في إشارة إلى دول الإتحاد الأوروبي، و هو ما توضح لنا من خلال صمت مدريد على المناورات و اكتفاء الإعلام بالتهكم على حكومة “بيدرو سانشيز”.
مع هذه المعطيات التي كشفتها المناورات يتضح أن الإعلان الأمريكي بخصوص الصحراء الغربية لا علاقة له بالتطبيع بين المغرب و إسرائيل، بل يتعلق بما كتبت حوله الصحافة الإسبانية و سمته الصراع العظيم حول معادن جبل “تروبيك” البركاني الذي يقبع في الخسف القاري للمياه التي جرى ترسيمها من طرف دولة الاحتلال، و الذي يندرج ضمنه أيضا انزواء مواقف برلين في الركن الذي أغضب الرباط، حيث يرى الخبراء أن ألمانيا ترى في استغلال أمريكا للجبل تهديدا لمستقبل الصناعات الميكانيكية، و يتيح لواشنطن تعويض المعادن التي فقدتها بسبب معاركها الاقتصادجية مع الصين .
للتوضيح أكثر، فإن الصين و إفريقيا هما الموطن الوحيد لتلك المعادن النادرة التي تدخل ضمن الصناعات العالية الدقة، مثل الكوبالت، والتيلوريوم، والباريوم، والنيكل، والفاناديوم، والليثيوم…، و الصين بعد أن فرضت عليها واشنطن قيودا للدخول إلى السوق الأمريكية، بدورها منعت تصدير تلك المعادن لأمريكا، و وجود جبل “التروبيك” هو طوق نجاة للصناعات الأمريكية المستقبلية، و أمريكا ستعمل كل شيء للحصول على ما يكفي صناعاتها منه، أي أنها لن تعير إسبانيا أي اهتمام من أجل مصلحتها الصناعية، و ألمانيا ترى في الصناعات المستقبلية بما فيها السيارات الكهربائية حربا على صناعاتها الميكانيكية التقليدية، و ترى خراب شركات Volkswagen و Mercedes-Benz و AUDI و BMW وشيكا، لهذا هي تدعم عدم حصول واشنطن و أي قوة صناعية عالمية على تلك المعادن و بقاء المنطقة أرض نزاع، في انتظار التحاقها بركب تلك الصناعة و عثورها على مناجم تلبي طلبها و تتيح لها التحول إلى صناعة السيارات الكهربائية بكل أريحية.
و لإظهار إصرار الرباط على إذلال إسبانيا، فقد شارك الجيش المغربي في تلك المناورات بفرقاطة تحمل اسم “طارق بن زياد” ، في إشارة إلى أمرين؛ أن المحتل استعاد قوته التاريخية في المنطقة، و أنه يستخدم فرقاطة تحمل الاسم الذي يزعج الأسبان و يعتبرونه كابوسا تاريخيا، و يذكرهم أيضا دعمه المبطن للتاج البريطاني في قضية جبل طارق الذي يعتبر شوكة في قدم مدريد، كما شاركت في المناورات طائرات الـF-5E التي اخترقت الأجواء الإسبانية خلال شهر غشت من سنة 2020، و كشفت الدفاعات الأرضية لمدريد.
هذه المعطيات و ارتباطها بالمناورات الضخمة للولايات المتحدة الأمريكية، تجعلنا نتأكد من أمرين؛ أولهما أن الإعلان الأمريكي ليس مجرد تغريدة للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، “ترامب”، بل هو توجه إستراتيجي أمريكي، و ثانيهما أن القضية الصحراوية أصبحت قضية مصالح بين العمالقة الكبار، و أن الرباط – كما قال سفير الدومنيكان خلال تقديم أوراق اعتماده في الرباط -:”أنه فخور بتمثيل بلده في المغرب الذي أصبح من الدول العظيمة و القوية بالبحر الأبيض المتوسط”، و في هذا إشارة إلى أن العالم يتغير في العمق الإستراتيجي و أن المحتل هو فعلا ضمن نادي القوى الخمسين الصاعدة حسب التقارير السرية للبنك الدولي .
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.