تنفيذا لخلاصات الاجتماع الدوري للمكتب الإداري لجمعية ثيموزعا الثقافية والإجتماعية بالحسيمة المنعقد بتاريخ 25 شتنبر 2016 بهدف دراسة ومناقشة الوضعية السياسية والإجتماعية ومختلف المستجدات المحلية والوطنية التي تشهدها البلاد، بما فيها الإنتخابات التشريعية المزمع تنظيمها يوم 7 أكتوبر القادم.
مبدئيا، نؤكد ونذكر خاصة لمناضلي القضية الأمازيغية، أن مقاطعة الإنتخابات موقف متجذر وأصيل في خطاب وتصور الحركة الأمازيغية، وهو موقف قائم، محين وثابت بثبات أوضاع اللعبة السياسية الرسمية بالمغرب ، ومبني عن رفض الظاهرة الحزبية الكرتونية وتجميع السلط في يد المؤسسة الملكية الخارجة عن منطق المحاسبة. الموقف الذي يجَابه آنيا بخطابات تستصغر من علميته تارة باسم الدكاكين السياسية وتارة أخرى باسم فاعلين و إطارات مدنية يفترض في اشتغالها أن يكون لحساب مجابهة التسلط والتخلف السياسي ، بدل زيادة بسط ذراع الدولة وتقصير المسافات لتعميم الإيديولوجية المخزنية وتأمينها في الأوساط المجتمعية، والتهليل لها والتهجم على المتبنين لخيار المقاطعة والقول بـ”عدمية فكرة المقاطعة”؛ في حين أن أكبر عدمية وأكثر ما يهدد البلاد هو من يصفق للوضع ويريد المحافظة عليه فقط لأنه يستفيد من الريع الذي توفره هكذا أوضاع، أو ليست العدمية أن يتذكرك ”مرشح”من خمس إلى خمس سنوات دون أن يستحي ، ودون أن يعرف حتى مرجعية حزبه إن وجدت أصلا، ومع احترامنا لخيارات الجميع ووجهات نظرهم، نتساءل عن ماذا استفاد من صوت في الانتخابات السابقة؟ وماذا تغير على أرض الواقع جراء ذلك؟..
من جهة أخرى، نتأسف وبحرقة عن الوضع الذي أصبح عليه النضال الأمازيغي، من خلال التمييع الذي استهدفه، وانزواء بعض الفاعلين وراء ذلك بل والدفاع عنه، فأين موقف مجموعة من المكونات المشتغلة في نطاق الحركة الأمازيغية مما يحدث اليوم بما في ذلك الموقف من الانتخابات ؟؟
إذن، وعيا منا بالمسؤولية التاريخية الملقاة علينا كمناضلات ومناضلين شرفاء من داخل الحركة الأمازيغية، وفي ظل الصمت غير المبرر لهذه المكونات التي ربما اختارت لنفسها تصورا أخر تود أن تروجه في قالب الحركة الأمازيغية، فإنه تم الإنفاق على ضرورة تحيين موقف مقاطعة الإنتخابات التشريعية المخزنية ، وهنا نلفت الإنتباه إلى أن موقفنا ليس من أجل المزايدة أو التجذر على أحد، إنما بالنظر إلى الظروف السياسية،الإجتماعية،الإقتصادية والثقافية.. التي تمر فيها هذه الانتخابات على غرار سابقتها، التي ستنظم في ظل سياق يتسم باستمرارية الإستبداد، وبتمييع المشهد السياسي أكثر من السابق، وكذا التضييق الممارس على كل المناضلين الشرفاء، والأقلام الحرة المستقلة.
انتخابات، نجزم أنها مجرد طباعة لسابقتها، التي عرفها المغرب منذ أول ولاية تشريعية؛ انتخابات يعترف الجميع بأنها لم تساهم في تحقيق أي تحول حقيقي نحو الديمقراطية؛ من أجل بناء دولة المؤسسات و المواطنة الحقة؛ دولة الحق في التوزيع العادل للثروة الوطنية والسلطة السياسية،وكل ما ينشده المغاربة الأحرار. ومن المفبرك أن لا تساهم في أي انتقال في ظل ثبات النسق السياسي الذي يتغير كل شيء فيه من أجل ألا يتغير أي شيء. بل وحتى التي قيل عنها أجريت في ظل دستور سمي بالجديد، فحتى لو افترضنا الأمر كذلك (دستور جديد، صلاحيات جديدة، قوانين جديدة..) فبماذا سنفسر حالة التذمر والاستياء والسخط و الغضب المتزايد لدى مختلف الفئات الشعبية؛ بسبب الارتفاع المهول في الأسعار وفي نسبة البطالة، وكذا الوضع الكارثي الذي يعيشه قطاع الصحة على المستوى الوطني وكذا بالخصوص بمنطقة الحسيمة.. هذه الفئات الشعبية التي كانت تتوخى تحقيق تغيير حقيقي إبان الحرك الشعبي 2011 ؛ حراك كانت حصيلته استشهاد خمسة شبان بالحسيمة دفعة واحدة، وآخرين بمناطق أخرى. وهذا دون الأخذ بعين الاعتبار أمور أخرى كالحق في التوزيع العادل والحقيقي للثروة الوطنية والسلطة.
إنها انتخابات تنظم في ظل استمرار نفس النسق الدستوري و السياسي ،المصاحب باختلاله البنيوي، فما يصطلح عليه بالدستور الجديد، لا يزال يكرس لشخصنة السلطة، عبر تجميع كل السلط في يد واحدة،التنفيذية ،التشريعية و القضائية…وهو ما يعني غياب أي فصل حقيقي للسلط، والاستمرار في تمييع المشهد الحزبي -المريض أصلا- أكثر من السابق.. حتى أصبح الكل يتشدق ويهلل في “برامجه” الانتخابية المتشابهة ( على سبيل المثال لا الحصر) بمحاربة الفساد والمفسدين، وكأن الشعب هو المفسد، في حين أن أكبر فساد هو أن يستفيد برلماني بمعاش طيلة حياته فقط لأن الحظ سمح لرجليه أن تطآ مرة أحد مجلسي البرلمان والاستفادة من الريع السياسي، بل الوقاحة أن هؤلاء كانوا قريبين في إحدى الفترات الماضية من توريث هذا المعاش لأسرهم .. وهنا لسنا بحاجة إلى أن نتطرق إلى مناقشة مشاريع القوانين وكيفية التصويت عليها من داخل قبة البرلمان، فهي أمور معروفة لدى الداني والقاصي.
إنها مناسبة أخرى، فقط، تنضاف وتتجدد من أجل تبذير المال العام، لإفراز مؤسسات أخرى شكلية أو ما يمكن أن نسميه بـ”المؤسسات التي تتوهم أنها تملك سلطة”، في حين أن الواقع يقول عكس ذلك؛ لا سلطة لها إلا التصفيق والتغيب أثناء مناقشة مشاريع القوانين، مؤسسة يروج أنها تعبير عن تقسيم للسلطة، في حين أن الأمر يتعلق بتقسيم لجانب من الثروة الوطنية بين الممثلين داخلها، والصمت عن نهب ثروات الشعب، ونذكر هنا على سبيل المثال ثروات ساكنة إميضر الصامدة في اعتصامها منذ أزيد من 5 سنوات، فالتوزيع العادل والحقيقي للسلطة لا يتم عبر مجلسي البرلمان خاصة مجلس النواب فالقوانين العادية أو التنظيمية بما فيها قانون المالية، يتم تمريرها بكل سهولة وأريحية دون أي مناقشة تذكر؛ فمن سيناقشها وأغلب النواب غائبين ويتهربون من ذلك ؟؟ -وأخر مثال ما حدث أتناء التصويت على مشروع قانون التقاعد الذي شهد تغيب 284 نائب برلماني من أصل 395 نائب ونائبة- في حين أن التقسيم الحقيقي للسلطة لن يستقيم إلا عبر نظام ديمقراطي حقيقي ؛ نظام فيدرالي ونخب محلية حقيقية.. فكفى مرة أخرى من انتخابات شرعنة الإستبداد والفساد و”استغباء” المواطنين، و انتخابات تبذير المال العام؛ انتخابات الاغتناء على ظهر المواطنين والمواطنات، فما أحوج المواطنون والمواطنات إلى هذه الأموال من أجل بناء وتجهيز المستشفيات وضمان حقهم في الصحة على الأقل.
كفى ! من انتخابات لا تزال تجرى في ظل مناخ يتسم باستمرارية تكريس تقليدانية الدولة ويعقوبيتها المتمثلة في فرض تقسيم جهوي جديد لا يزال يساهم في تقوية المركز و تسهيل عملية نهب ثروات الشعب، أكثر مما مضى، وهو ما يؤكده الواقع فأكبر المتضررين من هذا التقسيم إقليم الحسيمة، وهذا لا يعني أننا مع التقسيم الجهوي السابق، فموقفنا واضع خاصة في ظل تأكيدنا في كل مرة على تشبثنا بميثاق الريف للجمعيات الأمازيغية، وكل ما توافق عليه إيمازيغن قبلا، بما في ذلك ما يتعلق بالفيدرالية، إذ أن الأمر يبدوا كأنه مدروس ومخطط له من أجل محاصرة هذه المنطقة من كل الجهات وكوسيلة لتهجير جديد سيتعرض له أبناء المنطقة على غرار ما حدث ما بعد الإنتفاضة المجيدة 1958-1959.
فها نحن اليوم نسجل عودة ظاهرة الهجرة السرية إلى الواجهة وبقوة بمنطقة الحسيمة حيث خيرة شبابنا يمتطون “قوارب الموت” -البعض ممن ركب هذه القوارب لا يزال مجهولا وفق معلوماتنا- هروبا من الأوضاع التي تعيشها منطقتنا، والركود الإقتصادي الذي تعيشه منذ مدة والذي ازداد اختناقا مع بعد الهزات الأرضية التي عرفتها المنطقة.
هذا ناهيك عن “التهجير” الذي يستهدف البحارة عبر هجرة/رحيل العديد من مراكب الصيد البحري نحو موانئ أخرى، بسبب الدلفين الأسود ”النيكرو”، ودون أن تقدم أية حلول من طرف المسؤولين على المستوى المركزي، فالكل يتساءل عن سبب تكاثر هذا الدلفين بشكل مهول مؤخرا، فهل الأمر طبيعي أم أن الأمر يتعلق بأمور أخرى البعض منها خفي؟؟
إن الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات في أية لحظة،إن لم تقدم حلول حقيقية وتفعيلها على أرض الواقع، خاصة وأن أبناء المنطقة لا يزالون يتذكرون الظلم السياسي، الإقتصادي الإجتماعي.. الذي لحقهم فهبوا جميعا إلى الإنتفاضة على الأوضاع في فترات متقطعة من التاريخ، ومنذ أواخر الخمسينات إلى اليوم (الإنتفاضة المجيدة 58-59 ،84، 2004، 2011..) هذا الظلم الذي لا يزال يلاحقهم (الحسيمة أول مدينة في ارتفاع الأسعار، في انتشار البطالة، الوضع الكارثي لقطاع الصحة والتعليم بالإقليم..) فلا يغرنا البعض بالخطابات الجوفاء بخصوص التنمية التي يشهدها الإقليم ، فالسياحة بالشكل الذي يروج لها؛ المهرجانات التي تنظم، الساحات والكورنيشات التي أنشئت أو التي قيد الدراسة،رغم أهميتها، لكنها لا تدخل ضمن أولويات المواطنين والموطنات، فالمواطن البسيط لم يستفد منها أي شيء، بقدر ما ساهمت في محاصرته من كل الجهات (ارتفاع الأسعار على دور السنة، مافيا العقار تترصد به للإستيلاء على أراضيه ومسكنه، انتهاك حقه في الصحة..)
وقبل الختم، تجب الإشارة والتأكيد مرة أخرى إلى أنه انطلاقا من كون الحركة الأمازيغية في إحدى تمظهراتها، حركة احتجاجية، وجب التأكيد على أن هذه الأوضاع هي أكثر من يستلزم النزول إلى الشارع باحتجاجات ميدانية عبر توحيد الصفوف وتسييد ثقافة الاختلاف، وهي أوضاع مفصلية، بمرورها تزيد من عمر وبطش الاستبداد وتزيد من التشرذم واليأس. الشيء الذي يستلزم استجماع كل القوى وطرح آليات جديدة قادرة على مجابهة العمليات التي توهم بمقاطعة الانتخابات في مناطق وفترات متفرقة، في حين أن في حقيقتها لعبة مدروسة لتوجيه الأصوات بتركيزها تارة وتشتيتها تارة أخرى.
و بناء على ما سبق فإننا في المكتب الإداري لجمعية ثيموزعا الثقافية والاجتماعية بالحسيمة ، نعلن للرأي العام الوطني و الدولي ما يلي:
- مقاطعتنا للإنتخاباتالتشريعية ليوم 7 أكتوبر 2016.
- دعوتنا الشعب المغربي لمقاطعة مهزلة الإنتخابات.
تأكيدنا على ضرورة:
- إقرار دستور ديمقراطي شكلا و مضمونا .
- ترسيم حقيقي للأمازيغية في ظل دستور ديمقراطي شكلا و مضمونا .
- ضرورة الكشف عن حقيقة أحداث انتفاضة 1958-1959.
- ضرورة الكشف عن حقيقة الشهداء الخمسة الذين سقطوا بمدينة الحسيمة يوم 20 فبراير 2011.
إدانتنــــــــا
- لكل من يتاجر بالقضية الأمازيغية
- لكل المخططات التي تسعى إلى تمييع مطالب الشعب المغربي و إفراغها من مضمونها الحقيقي.
- لكل التضييقات التي يتعرض لها الداعيين لمقاطعة الانتخابات.
عن المكتب
التعليقات مغلقة.