وضعت الولايات المتحدة الأميركية كلاً من سوريا والسودان و 4 دول عربية أخرى وروسيا وإيران ضمن القائمة السوداء التي ضمت 27 دولة متهمة بالتخاذل في الإتجار بالبشر عالمياً، فيما صنف التقرير كلاً من اليمن وليبيا والصومال بـ”الاستثنائية” التي يتعذر تصنيفها بشكل محايد.
جاء ذلك في تقرير سنوي صادر عن وزارة الخارجية الأميركية يوم الخميس 30 يونيو 2016، حول “الإتجار بالبشر للعام 2016″، ويرصد قضايا شبكات الدعارة، وتجارة الأعضاء البشرية، وزواج المتعة، واستعباد الأفراد نتيجة لفقرهم واستغلالهم في شبكات تسول وسرقة وتهريب والتشغيل القسري للأطفال.
وقسم التقرير الذي نشر قبل رفعه إلى الكونغرس، الدول إلى 3 فئات حسب التزامها بالاتفاقات والبرتوكولات الدولية المتعلقة بهذه القضية، أسوأها الفئة الثالثة التي “لا تلتزم حكوماتها كلياً بالمعايير الدنيا التي ينص عليها قانون حماية ضحايا الإتجار بالبشر، ولا تبذل جهوداً ذات أهمية في هذا الاتجاه “وهو ما يعرضها لعقوبات أميركية”.
ومن المقرر أن يقرر الرئيس الأميركي باراك أوباما، خلال 90 يوماً، ما إذا كان سيفرض عقوبات على تلك الدول بعد إدراجها في القائمة السوداء أو لا، وفقاً للتقرير.
وتضمنت الفئة الثالثة 6 دول عربية هي: السودان، سوريا، الجزائر، جيبوتي، جزر القمر، موريتانيا، بجانب إيران، جنوب السودان، روسيا، روسيا البيضاء، تركمستان، أوزباكستان، فنزويلا، زيمبابوي، ابليز، بورما، بوروندي، جمهورية أفريقيا الوسطى، هايتي، غينيا الاستوائية، إيرتريا، جامبيا، غينيا بيساو، كوريا الشمالية، جزر المارشال، روسيا، سورينام، بابوا غينيا الجديدة.
فعلى صعيد إيران
ذكر التقرير أن هناك استهدافاً للفتيات الإيرانيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 13 و17 عاماً عن طريق تجار للبيع في الخارج.
ووفقاً للتقرير، فإن هناك زيادة في نقل الفتيات من وعبر إيران لاستخدامهن في أغراض الاستغلال الجنسي في الفترة من 2009-2015، كما عرضت شبكات إتجار إيرانية فتيات في الإقليم الكردي بشمال العراق.
أما السودان فقالت الولايات المتحدة في تقريرها، إن “الأطفال كانوا عرضة لتجنيدهم من قبل القوات المسلحة السودانية, كما أن هناك عدداً من الحالات التي يتم فيها اختطاف الأطفال من قبل القوات السودانية الجنوبية، المتورطين في حرب أهلية مريرة وعنيفة على الجانب الآخر من الحدود”.
غير أن سبباً آخر يجعل السودان من بين الدول الأسوأ بحسب التقرير، ألا وهو “أنه بمثابة مسار عبور للفارين من النزاع في طريقهم إلى أوروبا” مشيراً إلى أن الآلاف في هذه الرحلة يكونوا عرضة لمهربي البشر والتربح من العروض اليائسة للهروب من الحروب الدائرة في سوريا واليمن”.
وفي روسيا
ما زال “الإتجار بالعمال” المشكلة السائدة داخل البلاد، وفق الخارجية الأميركية التي قالت إن العمال من روسيا وغيرها من البلدان في أوروبا وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا بما في ذلك فيتنام وكوريا يتعرضون للعمل القسري.
وبينت الوزارة أن هناك ما بين 5 و12 مليون عامل أجنبي في روسيا، من بينهم مليون ونصف مهاجر غير شرعي، بحسب آخر الإحصائيات الرسمية لدائرة الهجرة الاتحادية.
ولفتت إلى أن الحكومة الروسية “لا تلبي تماماً الحد الأدنى من المعاير للقضاء على الاتجار بالبشر ولا تبذل جهوداً كبيرة للقيام بذلك، كما هو الحال في السنوات السابقة، حيث لم تعد الحكومة استراتيجية وطنية أو تقوم بتوضيح أدوار ومسؤوليات الجهات لديها”.
ونقل التقرير عن تقارير إعلامية، أن المحاكمات منخفضة في مقابل حجم مشكلة الإتجار في روسيا.
أما الفئة الثانية فتضمنت دولاً بينها مصر، السعودية، الكويت، الإمارات، الأردن، لبنان، المغرب، تونس، رومانيا، تايلاند، الكويت، نامبيا، كامبوديا.
المغرب مصدراً لضحايا العمل القسري وتجارة الجنس
اعتبر تقرير الخارجية الأمريكية، المغرب مصدراً و مقصداً وبلد عبور للرجال والنساء والأطفال ضحايا العمل القسري والاتجار بالجنس. وفقا لدراسة أنجزتها الحكومة المغربية في نونبر 2015 بدعم من منظمة دولية، فإن هذه الشبكات تستغل الأطفال في المغرب في العمل داخل البيوت وفي وحدات إنتاجية أخرى، علاوة على استغلالهم في التسول والدعارة.
وعلى الرغم من ادعاء الحكومة المغربية بانخفاض معدل عمالة الأطفال منذ عام 2005، “مازال يتم تجنيد الفتيات القاصرات من المناطق القروية للعمل في المنازل.. كما يجبر الأولاد على العمل كمتدربين في الصناعات الحرفية والمحلات التجارية ومآرب الميكانيك” يضيف التقرير.
وأكدت ذات الوثيقة، أن بعض الفتيات يتم إجبارهن على ممارسة البغاء من قبل أفراد أسرهن و غيرهم من الوسطاء. وغالبا ما يتعرض بعض المهاجرين غير الشرعيين الإناث، من أفريقيا جنوب الصحراء في المقام الأول، للإكراه على تعاطي الدعارة. واعتبر التقرير المناطق الحدودية وجدة والناظور، “بؤرة” سوداء تنشط فيها بقوة شبكات الاتجار بالبشر، الذين يرغمون المهاجرين غير الشرعيين على الدعارة والتسول.
وزاد ذات المصدر قائلا:” يتم تجنيد بعض النساء من الفلبين وإندونيسيا للعمل كخادمات في المغرب.. ويعاني عدد منهن من عدم دفع الأجور، واحتجاز جوازات السفر، والاعتداء الجسدي من طرف مستخدميهم”.
وأشار تقرير إلى أن السياحة الجنسية لازالت تعرف نموا بالمغرب، ” على الرغم من جهود الحكومة الهادفة إلى الحد من هذه الآفة، لازال العديد من السياح الأجانب يزورون المغرب من أجل ممارسة الجنس واستغلال الأطفال جنسيا” يضيف ذات المصدر.
ويعاني عدد من مغاربة الذين هاجروا نحو الخارج طلبا للقمة العيش من العبودية والاستغلال الجنسي، حسب التقرير، فإن عددا من النساء المغربيات يجبرن على ممارسة الدعارة في عدد من البلدان الأجنبية تحت التهديد والاعتداء النفسي والجسدي. ويضيف ذات المصدر قوله: ” في دول الخليج يتم الاستيلاء على جوازات سفر المغاربة، ويجري إخضاعهم للعبودية من طرف مشغليهم”.
الحكومة لا تبذل جهودا كافية لمكافحة الاتجار بالبشر
اتهمت الخارجية الأمريكية المغرب بعدم بذله مجهودا كبيرا يرمي إلى القضاء على الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي للأطفال، مشيرة إلى أن القانون المغربي لا يحضر جميع أشكال الاتجار بالبشر، وكثيرا ما يخلط المسؤولون المغاربة بين الاتجار بالبشر، وتهريب البشر والهجرة غير الشرعية لأن القانون المغربي المتعلق بهذا الشأن غير واضح تماما.
وأشار التقرير إلى أن الملاحقات القضائية والإدانات لجرائم الاتجار بالبشر، التي بذلها المغرب، لا تتناسب مع حجم المشكلة التي يعرفها البلد، فضلا على أن الحكومة لم تحدد بشكل واضح عدد الضحايا سواء من المغاربة المستضعفين أو المهاجرين خصوصا المنحدرين من جنوب الصحراء. كنتيجة لذلك ظلت أعداد وهويات الضحايا مجهولة، وأصبحوا أكثر عرضة لإعادة الاتجار بهم.
هذا وتوصي الخارجية الأمريكية المغرب، بضرورة إقرار وتنفيذ قوانين تتماشى مع المعايير الدولية التي تحظر جميع أشكال الاتجار بالبشر، “وعلى الحكومة المغربية زيادة التحقيقات والملاحقات القضائية وضمان الحكم الصارم في حق المتورطين في هذه الجرائم” يضيف التقرير الأمريكي.
ففي مصر:
قال التقرير إنها بلد المصدر والعبور وكذلك المقصد للنساء والرجال الذين يتعرضون للعمل القسري والاستغلال الجنسي، مشيراً إلى أن الأطفال المصريين عرضة للأمر نفسه من خلال العمل المنزلي والتسول في الشوارع والعمل الزراعي.
وأشار إلى أن اللاجئين السوريين الذين استقروا في مصر “ما زالوا عرضة بشكل متزايد للاستغلال، بما في ذلك العمل القسري للأطفال، والإتجار بالجنس، والزواج من الفتيات والذي يمكن أن يؤدي إلى الاستغلال الجنسي والعمل القسري. كذلك الأمر بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء الذين يمرون بهذا البلد في طريقهم إلى أوروبا “.
ورأى التقرير أن الحكومة المصرية لا تلبي تماماً الحد الأدنى من المعايير للقضاء على الإتجار، مستدركاً “إلا أنها تبذل جهوداً كبيرة للقيام بذلك”.
دول أخرى وقعت في الفئة الثانية لكنها تحتاج لمراقبة، حيث تقوم الدول التي شملها هذا التصنيف “بمجهود ضئيل فى مجال مكافحة الإتجار بالأطفال”.
ومن بين هذه الدول: أفغانستان، بنين، بوليفيا، بلغاريا، الكاميرون، الصين، الكونغو الديمقراطية، الكونغو، الجابون، غانا، غينيا، النيجر، سلطنة عمان، باكستان، قطر.
وجاءت كل من كولومبيا، وقبرص، وليتوانيا، والفلبين، وبلجيكا، والتشيك، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والبرتغال، ودول أخرى في الفئة الأولى التي قال التقرير إن حكوماتها تقوم بتلبية الحد الأدنى من المعايير لحماية الضحايا من الإتجار بالبشر.
التقرير الأميركي أدرج كلاً من اليمن وليبيا والصومال، في قائمة الدول الاستثنائية.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.