تفكك العولمة في سياق كوفيد-19
أزول بريس – نظم مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد ومركز الدراسات الجيوسياسية، يوم الثلاثاء 27 اكتوبر 2020 بالرباط، الدورة التاسعة من الحوارات الاستراتيجية، والتي تناولت التحولات العميقة التي طرأت على النظام العالمي الحالي في ظل آثار الأزمة الصحية المرتبطة بكوفيد-19.
وشكلت هذه الدورة التي نظمت عبر تقنية المناظرة المرئية، في موضوع “تفكك العولمة”، مناسبة للتركيز على التحولات العميقة للعولمة وتراجع مرحلة كانت تتوافق مع ارتفاع وتيرة العلاقات الاقتصادية الدولية سواء على المستوى التجاري أو المالي أو الأمني.
وقال السيد محمد لوليشكي، باحث في مركز الدراسات من أجل الجنوب، في كلمة بالمناسبة، إن العولمة أثارت حولها تساؤلات في سياق كوفيد-19، مسجلا أن البدائل المطروحة تركز على إعادة تغيير الأمكنة، والاستقلال الصناعي، أو العودة إلى الاكتفاء الذاتي.
وذكر السيد لوليشكي أن هناك اختلافات في تقييم العولمة التي تشكل في نفس الوقت مسلسلا لا محيد عنه، ولا رجعة فيه، معتبرا أن البعض ينظر إلى العولمة نظرة إيجابية، في حين ينتقد البعض الآخر آثارها السلبية التي تزيد الأغنياء ثراء وتزيد الفقراء فقرا.
وأضاف أن الهيئات الدولية التي تتحكم في هذه العولمة لم تعد قادرة على إدارة حدودها، مشيرا إلى أن ذلك يواكبه التساؤل حول الديمقراطية التشاركية، من خلال الاستياء من النخب الحاكمة وتراجع ملحوظ للقيم الإنسانية التي أدت إلى إحداث مؤسسات متعددة الأطراف.
واعتبر أن ظهور دينامية إقليمية من قبيل منطقة إفريقية قارية للتبادل الحر يؤكد على التوجه نحو تعددية إقليمية، بما يمثل مرحلة مهمة في انتظار أن يتمكن التعدد الكوني من أخذ كامل حقوقه، وهذا الأمر رهين بإرادة حقيقة لإصلاح المؤسسة المكلفة بالحكامة الدولية.
من جهته، اعتبر السيد فتح الله ولعلو ان الأزمة الصحية أكدت على بعض التوجهات، لاسيما الصعود القوي للصين، وآسيا، والثنائية القطبية التي أدت إلى مواجهة بين الصين والولايات المتحدة بما تنطوي عليه من توترات تجارية وسياسية.
وأضاف السيد ولعلو أن الأمر يتعلق أيضا بتراجع أوربا، وتغيير كبير في البحر الأبيض المتوسط، مسجلا أن الرقمنة، والذكاء الاصطناعي يبقيان دائما في الصدارة.
وشدد المتحدث ذاته على “أننا نحتاج لشكل جديد للنمو، وعولمة جديدة”، مشيرا إلى أن إعادة هيكلة النظم الإقليمية من بين الحلول لانحرافات العولمة، والتي يجب أن تفرض نفسها لتدبير الأزمة الصحية.
وبعد أن اعتبر الأزمة اختبارا وفرصة في نفس الوقت، أشار السيد ولعلو إلى أن هذا السياق يقتضي دعم التقارب كالتوجهات الإقليمية الحالية بآسيا، وأن من الضروري إنشاء قطب إنمائي في البحر الأبيض المتوسط بمنافع مشتركة يتعين تدبيرها بصورة مشتركة وسلاسل قيمة تعود بالنفع على كل الأطراف المعنية.
من جانبه سلط السيد العربي الجعايدي الضوء على رهانات السيادة الصناعية التي عادت إلى الواجهة، بعد إعادة تعريف آليات العولمة في سياق أزمة كوفيد-19.
وأضاف أن هذا الوضع يجد تفسيره في التهديدات المرتبطة بعودة التيارات المحافظة، وفقدان السيطرة على قطاعات استراتيجية، وتفتت أنطمة الإنتاج التي يمكن أن تقود إلى تخصص مفرط، وانهيار سلسلة القيم.
ودعا السيد الجعايدي في هذا الصدد إلى “تغيير الأمكنة” كأفضل جواب لهذه التهديدات، مسجلا أن الأمر يتعلق بإعادة توطين بأشكال مختلفة حسب القطاعات والشركات المعنية.
وشدد على أن الأمر يتعلق بإعادة توطين، تحاول بموجبه الشركات الكبيرة الحفاظ على مواقع إنتاجها المهمة، ونقل المواقع القائمة التي تريد إعادة التنشيط، فضلا عن إعادة توطين تنافسية.
وينظم مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، منذ سنة 2016، بشراكة مع مركز الدراسات الجيوسياسية التابع ل(HEC باريس)، الذي يسيره باسكال شينيو، كل سنة نسختين من الحوارات الاستراتيجية.
ويعتبر “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” الذي تأسس سنة 2014 بالرباط، مركزا مغربيا للدراسات، مهمته الإسهام في تطوير السياسات العمومية الاقتصادية منها والاجتماعية والدولية التي تواجه المغرب وباقي الدول الإفريقية بصفتها جزءا لا يتجزأ من الجنوب الشامل. ومن هذا المنطلق، يعمل المركز على تطوير مفهوم “جنوب جديد” منفتح ومسؤول ومبادر؛ جنوب يصوغ سرديته الخاصة، ويبلور تصوراته ومنظوره لحوض المتوسط والجنوب الأطلسي، في إطار خال من أي مركب تجاه باقي العالم.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.