مر اليوم العالمي للمرأة هذا العام على المرأة المغربية خائبا كئيبا، فلا زال الخطاب الأصولي المتطرف المعادي للنساء قويا، ولازالت حركات الإسلام المتطرف و أذرعتها الدعوية تحارب حقوق المرأة المغربية وتعمل أجنحتها السياسية والدعوية على محاربتها وعدم السماح لها بنيلها لحقوقها وعلى رأسها المساواة ، و اعتبار الأنثى إنسان مثلها مثل الذكرفي الحقوق والواجبات.
. عمدت منظمات الإسلام الرديكالي المتطرف التي تخلط بين الدين والسياسة لسحق المعارضين ووسمهم لمخالفة الدين إن خالفو رأيها، على نشر وشيوع الثقافة الذكورية العنصرية المتخلفة التي تعيش خارج العصر والتاريخ.
وعمدت الآلة الدينية للحركات الإسلامية المغالية في التطرف على شن حرب ضروس على المرأة المغربية، بعرقلة صدور القوانين التي تحارب ظاهرة التحرش، وتعمل بالمقابل على نشر فكر يحن إلى زمن الغارة والنهب والسبي، وعد المرأة عورة مكانها البيت وعليها الخضوع والطاعة.
فهل ستنال المرأة المغربية حقوقها كاملة غير منقوصة؟ وهل ستحظى بقوانين تنصفها وتبعد عنها شبح التحرش والاضطهاد؟ وهل ستكف الحركات المتطرفة عن وقف الحرب التي تشنها على المرأة المغربية؟ وهل ستندحر الثقافة الذكورية العنصرية التي تحط من مكانة المرأة المغربية؟ ولماذا يتحكم المجتمع الذكوري في النساء اللائي يفوقنه عداد ؟
عبقرية وذكاء المرأ ة المغربية..يدحضان مزاعم الخرافة والأوصولية.
اشتهرت المرأة المغربية بالعبقرية والذكاء والجدية وحب العمل والإخلاص والنزاهة، وتشكل نسبة النساء بالمغرب 51 بالمائة من الساكنة، وأكثر من ثلث القوى العاملة في القطاع الحكومي، بنحو ثلاثة مليون إمراة، ويبلغ عدد الموظفات في القطاعات الوزارية188.811 موظفة-اللهم أنعم وبارك- من أصل 536.004 موظف، بنسبة تقدر 35 في المائة، ويشغل 70 بالمائة منهن مناصب عليا ومرموقة في الإدارات والمؤسسات الحكومية، فيما تصل نسبة ثأنيت مناصب القيادة والمسؤولية إلى 19 بالمائة.
إذن المرأة المغربية ذكية ونزيهة، مخلصة وفية وهو ما يثير حفظة الآلة الدينية والحركات الأوصولية المتطرفة التي تخلط بين الدين والسياسة، وتزعم أن المرأة لا عقل لها وتدعوها إلى ملازمة البيت وتنصب نفسها وصية عليها وعلى المجتمع، حماية لمصالحها المتجلية في إستغلال النساء كصوت إنتخابي أو كرقم في التظاهرات ،و اعتبار المرأة عورة وجب تغطيتها وعليها الخضوع والطاعة، وترفض مساواتها بالرجل ومنحها حقوقها في التعبير عن كينونتها.
تتميز المرأة المغربية بمستوى تعلمي أفضل من الرجل، وتتوفر 67 في المائة من المنتخبات على مستوى تعليمي أعلى من الرجال بكثير، مقابل 39 في المائة من زملائهن الرجال، وتتوفر 25 في المائة من النساء المنتخبات على رأس الجماعات المحلية على مستوى تعليمي متوسط ، مقابل 58 في المائة من الرجال، حسب ما ورد في دراسة جامعية أصدرتها مجموعة بحثية في”جامعة الحسن الثاني”في مدينة الدار البيضاء، حول موضوع المشاركة السياسية للنساء في المغرب مقارنة مع دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
يبدو أن للنساء عقل أقوى من الرجال،ورغم ذلك يرفض أعداء المرأة من أن تحظى بحقوقها كاملة وعلى رأسها المساواة مع الرجل وحمايتها من التحرش والإغتصاب.
محنة المرأة المغربية إلى أين؟؟؟
تعاني المرأة المغربية من ظاهرة العنف والإغتصاب والميز على مستوى الجنس والأجور في العمل وضعف في المشاركة في الحياة السياسية بسبب وجود معيقات ثقافية وإجتماعية تحول دون حضور النساء بقوة في المؤسسات المنتخبة، هذا فضلا عن العنف الرمزي المنتشر عبر وسائل الإعلام والكتب المدرسية وغيرها من وسائل التنشئة الإجتماعية والدينية التي تكرس الصورة النمطية للمرأة وتعيد إنتاج الثقافة الذكورية العنصرية المتخلفة.
خلص بحث وطني أعدته المندوبية السامية للتخطيط –رسمية- عام 2009 حول النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و 65 سنة إلى أن الثلثين منهن-أي 62.8 في المئة- تعرضن لعنف جسدي أو نفسي أو جنسي أو إقتصادي، وأن 55 في المئة من مجموع النساء اللاتي شملتهن الدراسة، تحدثن عن التعرض للعنف الزوجي”، و 13.5 في المئة عن التعرض للعنف “العائلي” و أن 3 في المئة فقط من النساء اللاتي تعرضن للعنف الزوجي أبلغن السلطات عنه”.
أكدت دراسة أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط-رسمية- أن 60 بالمائة من النساء سبق أن تعرضن لشكل من أشكال العنف خلال سنة 2011، إضافة إلى العنف الأسري ، الذي له انعكاسات خطيرة على الأطفال والذين يكونون في غالب الأحيان شهود عيان، حيث أكدت الدراسة بأنه يعزز من تكرار دورة العنف بين الأفراد في المجتمع بغض النظر عن الجنس.
سجلت منظمة غير حكومية 15 ألف حالة عنف ضد النساء بالمغرب منها 82 حالة محاولة قتل، واستقبلت المنظمة بين سنتي2014 و 2015 ما لايقل عن 4338 إمرأة وسجلت 15006 حالة عنف و1284 حالة من القضايا الآخرى كما استفادت 230 إمرأة و230 طفل من خدمات مركز الإيواء، كما تم تقديم الإستشارة والتوجيه ل 2509 إمرأة إتصلت عبر الهاتف لدى مختلف مراكز الشبكة، حسب ما ورد في تقرير صادر عن شبكة إنجاد ضد عنف النوع لسنتي 2014و2015، كشفت عنه” فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة.
سجلت فيدرالية رابطة حقوق النساء الوطني 36223 حالة اعتداء على النساء، خلال ولاية الحكومة الحالية الممتدة مابين 2011 و 2015، حسب ما سجله المجلس الوطني لحقوق الإنسان -رسمي- وأكدت المنظمة أنها استقبلت خلال هذه المدة” أزيد من 16000 إمرأة” ضحية عنف ووفرت أزيد من 33000 ليلة مبيت للنساء الناجيات من العنف و أطفالهن”.
اعتبر تقرير لإحدى المنظمات المغربية أن النظرة الدونية للمرأة تعرقل التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية.
الرشوة الجنسية مقابل خدمات يخولها القانون.
تعاني النساء المغربيات تميزا على مستوى النوع الإجتماعي الذي تكرسه التشريعات المغربية والسياسات العمومية.
يطلب من النساء في المغرب تقديم خدمات جنسية مقابل الحصول على حقوقهن، ويواجهن صعوبة في الولوج إلى خدمات الصحة والقضاء بسبب الفساد، وتعد المرأة أكبر متضرر من الرشوة التي يعد الإبتزاز الجنسي أبرز أشكالها.
وأظهر البحث الوطني حول العنف ضد النساء أن نسبة النساء اللائي يلجأن إلى القضاء”قليلة جدا” وشمل البحث 9.5 ملايين إمرأة، وذكر أن ستة ملايين منهن تعرضن لشكل من أشكال العنف، من بينهن 17.3 بالمائة تعرضن لعنف مرتبط بالقانون، ورغم إنتشار العنف في الوسط الزوجي، إلا أن نسبة التبليغ عنه لا تتعدى 3 في المائة بينما لا تتجاوز نسبة من يلجأن إلى القضاء حالة واحدة من بين كل ست حالات لنساء تعرضن للعنف، حسب ما جاء في البحث.
أبرزت كل من كوثر بنشقرون ولطيفة بوحسين رئيستي مشروع”ترانسبارنسي” في عرض لهما حول: الرشوة في قطاع الصحة، في ندوة نظمتها جمعية ترانسبارنسي المغرب بشراكة مع الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب حول موضوع” المرأة والرشوة”. أن” المرأة هي المتأثر المباشر بظاهرة الرشوة في قطاع الصحة، وهو الوضع الذي يتفاقم في وسط النساء اللائي يعانين الفقر والأمية، وشددت المتدخلتان على أن لانتشار الرشوة في القطاع الصحي انعكاسات وخيمة، على صحة المرأة التي تلجأ إلى خدمات الصحة أكثر من الرجل، خصوصا على الصحة الإنجابية”.
المرأة المغربية بارعة في الإقتصاد..لكن !!!
يبلغ عدد المغربيات العاملات في القطاع الخاص 1.2 مليون إمرأة، ويصل عدد النساء المقاولات ثمانية آلاف إمرأة مقاولة، حسب إحصائيات وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة المغربية -رسمية-.
يبدوأن المرأة المغربية بارعة في الإقتصاد، لكن الظروف تعوزها عن بلوغ مراتب راقية في عالم المال والأعمال !!!.
احتل المغرب الرتبة 139 من أصل 180 دولة عام 2015، في مؤشر المساواة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، ولم يتمكن من دخول قائمة 50 بلدا الأفضل لعمل المرأة، التي نشرها المنتدى الاقتصادي العالمي التابع للبنك الدولي، بالتعاون مع المجلة البريطانية”The economist”، وحل في المركز 140 على الصعيد العالمي في فرص المشاركة الإقتصادية للمرأة.
المرأة المغربية في عيون المنظمات الدولية.
اتهمت منظمة حقوقية دولية المغرب بالتقصير في حماية النساء المعنفات وفشله في منع العنف الأسري ومعاقبة المعتدين ، وقالت أخرى إن المرأة المغربية محرومة من الحماية الكاملة من العنف اللفظي والجنسي وباقي أشكال العنف ، فماهي ياترى صورة المرأة المغربية في مرآة المنظمات الدولية؟
قالت منظمة العفو الدولية أن المرأة في المغرب تواجه التميز سواء في القانون وفي الممارسة الميدانية، كونها محرومة من الحماية الكافية من العنف، كما أنها لا تزال ضحية قوانين وعادات و اعتداءات متنوعة، وأردفت أنه”لا يوجد في المغرب حتى اليوم قانون يجرم العنف ضد النساء”.
نشرت منظمة هيومن رايتش في شباط(فبراير) تقريرا عما وصفته ب”الرد المغربي الضعيف لمنع العنف الأسري، عن عنف أزواجهن أو شركائهن أو أفرادا آخرين من عائلتهن” اعتدوا عليهن باللكم والركل والحرق والطعن والإغتصاب”.
و رصدت منظمة العفو الدولية “أمنستي” صورة مقلقة عن وضع المرأة في العالم وفي المغرب خصوصا، وقالت: إن الحكومة المغربية الحالية لم تستطع تحقيق أي تقدم على عدد من المستويات بخصوص النهوض بوضع النساء”.
ما العمل لضمان حقوق المرأة وحمايتها من العنف والإغتصاب؟؟؟
لضمان حماية المرأة المغربية من العنف والإغتصاب وجب مايلي:
– نشر ثقافة تعتبر المرأة مساوية للرجل في الحقوق والواجبات.
– شيوع ثقافة الحريات والمساواة.
– تطبيق ما طالبت به المنظمات الدولية من قبيل:
– دعوة منظمة” هيومن رايتس” الحكومة المغربية إلى ضمان مشاركة فعالة في مسار الإصلاح للمنظمات غير الحكومية والناجيات من العنف الأسري.
– دعوات الوكالات وهيئات خبراء حقوق الإنسان الأممية المغرب مرارا إلى اعتماد تشريع خاص بالعنف الأسري.
-تنفيذ الخطة الحكومية للمساواة بين الجنسين 2006/2012 الممونة من قبل الإتحاد الأوروبي بمبلغ يصل 45 مليون يورو كدعم لمواصلة هكذا إصلاحات.
– إصلاح المناهج التعليمية والمنظومة التربوية وتنقيتها من الدورس التي تقدم صورة نمطية عن المرأة والفتاة ومن العنف الرمزي الذي يعيد إنتاج الثقافة الذكورية وما يرافقها من إعادة لتقسيم الأدوار الموروثة تاريخيا والتي تجعل المرأة في المرتبة الدونية.
– تدريس مادة التربية الجنسية في جميع أسلاك التعليم من الإبتدائي وحتى الجامعي.
– إصدار قانون زجري يجرم العنف بمختلف أشكاله و ألوانه ويدحر أنصاره من دعاة التطرف وإحتقار النساء.
– لجم قصف بعض مشايخ التطرف وحركات الإسلام الرديكالي للحركات المدافعة عن حقوق المرأة ونعتها بأقذع النعوت و إتهام المدافعات عن المساواة بخدمة الغرب ونشر الرذيلة…
– نشر ثقافة تقدس وتحترم المرأة وتعتبرها أجمل و أحلى كائن وجد على ظهر البسيطة.
*صحافي حر وباحث
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.