أزول بريس – يحل اليوم 3 ماي، اليوم العالمي لحرية الصحافة، بينما تعرف مؤشرات تلك الحرية في المغرب تراجعا مقلقا. ولطالما نبهت منظمة حريات الاعلام والتعبير ـ حاتم والحركة الحقوقية المغربية إلى ضرورة معالجة أسباب هذا التراجع الذي يمس المصالح العليا للبلاد بقدر ما يمس بالبناء الديمقراطي وبحقوق وحريات المواطنات والمواطنين.
وكالعادة التزمت السلطات الصمت إزاء هذا اليوم الذي يشكل فرصة لطرح الحصيلة وتدارسها مع الأطراف المعنية بحرية الإعلام مباشرة أو بشكل غير مباشر.
فلم يوضح أي مسؤول لماذا تزايدت الاعتداءات على حرية الاعلام؟ وكيف سيعالج هذا الاختلال؟ ولماذا يخل المغرب الرسمي بالتزاماته الدستورية والحقوقية والأممية إزاء الحريات؟ ولماذا يتزايد سنويا عدد البلدان الإفريقية التي تتفوق علينا بكثير في مؤشرات الحريات؟
وإذ اختارت اليونسكو إحياء هذا اليوم تحت شعار “المعلومات والأخبار كملك عمومي ” ، بعد أن أبرزت جائحة كوفيد 19 أهمية الإعلام كلقاح من أجل الوعي الصحي والحماية من الفيروس ومن أجل حقوق الإنسان ،وكأداة ناجعة في وجه التضليل والاستغلال والاحتكار و الفساد والاستبداد فإن السلطات ببلادنا لم تنخرط في هذا الوعي ـ بمناسبة الجائحة وبدونها ـ من خلال مراجعة جذرية لتعاملها مع الإعلام كسلطة و وسائل الإعلام كمؤسسات مستقلة ، في اتجاه تطوير الاعلام والتواصل ومنتوجاته كملك عمومي يهم المجتمع و البناء الديمقراطي والتقدم على مختلف المستويات .
ولقد عاش الإعلام في المغرب خلال فترة الجائحة مزيدا من وضع اليد على مؤسساته وتوجيه أعماله وإفراغ مهنيته، ووصل الأمر إلى حد تحويل العديد منها إلى الدعاية الفجة والمنفرة، وتوقيف جرائد وطرد صحافيين والتقليص من أجورهم وإلغاء تعويضاتهم، وتشغيل من لا تكوين لهم ولا علاقة لهم بالمهنة…وشرعنة التشهير الذي يستعمل كأحد “وظائف “الإعلام والتواصل دون حسيب ولا رادع مهني أو أخلاقي… وتغول الخلط بين سلطتي المال والسياسة وهيمنتهما على الإعلام في القطاع الخاص والقطاع العام الذي يتفاقم تسييره كضيعات استغلالية خاصة من قبل مسؤولين عمروا بسنوات قياسية في مناصبهم…
كما تأكدت التعسفات على الإعلاميين من خلال نموذجي الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي، وقد اقترب الأول من سنتين وتجاوز الثاني سنة من الاعتقال، في تناقض مع الآجال المعقولة للمحاكمة، بينما تخفف المساطر وتعجل جلسات محاكمة عتاة المجرمين ومنهم المشتبه في ارتكابهم لجرائم مالية خطيرة. وقد دفع هذا واعتبار الريسوني والراضي ودفاعهما أن التهم ملفقة لهما للإضراب عن الطعام، دون أن تقوم مؤسسات الدولة المعنية بواجبها في إنقاذهما من الخطر الذي يهدد حياتهما، مما يؤكد الطابع الانتقامي لمحاكمتهما. ولقد اقترب سليمان الريسوني من شهر من الاضراب عن الطعام، بينما توقف عمر الراضي عنه مؤقتا بعد أن أصبحت حياته قاب قوسين ونتيجة مناشدة من أسرته والعديد من الفعاليات الإعلامية والحقوقية والمجتمعية.
يجري هذا وغيره بينما مطروح على المغرب بمؤسساته ونخبه أن يساهم في مواجهة تحويل الوسائط العالمية للتواصل الرقمي إلى شبكات للتأثير السلبي على العقول والنفوس والثقافات، وعلى وسائل الإعلام المحلية والإقليمية، ونسف الحقائق وإحاطة قضايا الشعوب وحقوق الانسان بأسيجة من الصمت والتعتيم والتضليل والتفاهة. كل ذلك يندرج في سياق ترويض الرأسمالية المتوحشة للإعلام والتواصل الرقمي ليتحولوا لأدوات اقتصادية غير واعية ضمن بحث لوبياتها عن مداخل جديدة لاستدامة الاستغلال والاحتكار والتسلط والسيطرة.
وتؤكد منظمة حريات الإعلام والتعبيرـ حاتم على مطالبتها ب:
ـ إطلاق سراح الصحافيين المعتقلين سليمان الريسوني وعمر الراضي، والحد من التضييق على الصحافيين ومتابعة نشطاء التواصل الرقمي على خلفية ممارستهم لحقوقهم في النقد وحرية التعبير وحرية الابداع.
ـ رفع يد السلطات عن الإعلام وتمكينه ومؤسساته من الاستقلالية والحرية، ليقوم بأدواره لصالح التقدم والديمقراطية وحقوق الإنسان.
ـ مراجعة مدونة قوانين الصحافة والنشر، لتصبح مدونة لتنظيم الاعلام وضمان حريته واستقلاليته ومهنيته وتعدديته، وخلق التوازن بين واجباته وحقوقه، بما في ذلك عدم متابعة الصحافيات والصحافيين في قضايا الصحافة والاعلام بما لا تنص عليه قوانين المدونة. وضبط ملكية وسائل الإعلام ومنع السيطرة عليها وتركزها في يد ذوي رؤوس الأموال. وتنظيم الإشهار حتى لا يستمر انحرافه وتحوله إلى متحكم في العملية الإعلامية وموجه لوسائل الاعلام …
ـ دعوة لجنة النموذج التنموي الجديد أن تدمج بشكل رئيسي ضمن مقترحاتها الحقوق والحريات وفي مقدمتها حريات الاعلام والتعبير كأحد المرتكزات البديلة للنموذج السائد بتراجعاته واختلالاته، واعتماد الحق في الحصول على المعلومات لكافة المواطنات والمواطنين والحق في الأخبار والإخبار وفي التغطية والتحري في مختلف الأحداث والوقائع لكافة الصحافيات والصحافيين، وحقوق المجتمع ـ عبر الإعلام والتواصل ـ في بناء توجهات الرأي العام والتعبير عنها،
وفتح الباب لتكون الحريات أداة لمجتمع المعرفة ولمغرب جديد، مغرب التطور التكنولوجي والرقمي والتنمية المستدامة. وعلى اللجنة فتح النقاش العمومي بصدد تفعيل هاته المرتكزات وغيرها.
ـ دعوة المجلس الوطني للصحافة للشروع في القيام بأدواره وممارسة صلاحياته وأساسا منها ألا يحمل بطاقة الصحافة من ليس أهلا لها، وإصدار القرارات بالسرعة اللازمة على من يخرق يوميا مبادئ أخلاقيات المهنة، ولاسيما عبر الخلط بين الدعاية والإعلام والخلط بين الإشهار والإخبار وممارسة التشهير وتقويض التضامن الواجب بين المهنيين والاعتداء على حريات التعبير…
عن المكتب التنفيذي للمنظمة
3 ماي 2021
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.