المُضمَر و المُعلَن و تعمد الخلط بين الغاية و الوسيلة..الأمازيغية والانتخابات نموذجا
أزول بريس – الغازي لكبير //
السلوك اليومي و المواقف المرافقة له مرآة تُظهِر ما يبطنه الفرد و ما يخفيه، إنها تكشف المضمر و تبين مدى صدقية المعلن. فكم من مدع الديموقراطية يمارس البيروقراطية، و كم من محسوب على الحداثة يفكر و يعيش في عصور زائلة. هذا لأن المسكوت عنه الذي فضل هذا الشخص حجبه و عدم الإفصاح به، يفرض عليه في أوقات معينة، أن يكون التصرف مغايرا للخطاب، حينئذ يزول الحجاب و ينكشف المستور. هو الأمر نفسه عند بعض المناضلين الأمازيغ الذين يجعلون من الانتخابات مرادفا للسياسة و من الدعاية الحزبية دفاعا عن الأمازيغية.
أتساءل مع القارئ الكريم، ما العيب إذا صرح فرد، عند حصول القناعة لديه، أنه يريد، بمحض إرادته، الانضمام إلى هذا الحزب أو ذاك؟
من الذي له عليه الوصاية و يمنعه من ذلك؟
لماذا هذا الغموض و الضبابية في تصرف من ينبغي أن يتصفوا بالوضوح و الشفافية؟
نعم، إن الدفاع عن حقوق الأمازيغية و الأمازيغ يجب أن يكون على مختلف الجبهات. فالمطالب ليست فقط ثقافية أو تنموية-اقتصادية كما قد يظن البعض. الأمازيغية هوية و أرض و إنسان، تاريخ و حاضر و مستقبل. لذلك فالجمعيات، كما هي عليه الآن، وحدها في الميدان، لا تستطيع بلوغ المراد بالرغم مما حققته و تحققه، خصوصا و أن الأحزاب السياسية تتعامل بمنطقها المعهود مع كل ما هو أمازيغي. لذلك، لا يوجد خيار آخر غير انخراط المدافعين عن الأمازيغية في العمل السياسي الجاد من أجل دعم و اتمام العمل الثقافي الجمعوي. لكن ماذا يعني الانخراط في العمل السياسي؟
هل العمل السياسي هو التقرب من هذا الزعيم السياسي أو ذاك و النقر على الطبل بدون هوادة و التلويح بالأمازيغية؟
أليس هذا عرض الأمازيغية للبيع؟
أليس مثل هذا السلوك غدر و نقض العهد و خيانة؟
أين شعارⵜⴰⵎⴰⵣⵉⵖⵜ ⴰⵡⴰⵍ ⵏⵏⵖ, ⴰⴷ ⵜⵜ ⵏⴰⵔⵉ ⵙ ⵉⴷⴰⵎⵎⵏ ⵏⵏⵖ . “تمازيغت ءاوال نغ، ءات نري س ئدامن نغ” من هذا السلوك و هكذا تصرف؟
أليس هذا كشف سريرة و فضح قصد، خصوصا و أن السلوك نفسه يتكرر عند البعض كلما حل زمن الاستحقاقات الانتخابية؟
هل العمل السياسي هو الزج بالأمازيغية في غياهب الظلمات مقابل رضا شيخ قبيلة أو رئيس تكتل؟
تختلف الغاية عن الوسيلة بكون الأداة تتحول و تتغير كلما دعت الضرورة لذلك، خدمة للهدف و المبتغى الذي يبقى ثابتا مهما تبدلت الظروف.
لذلك يمكن أن نتساءل معا، مرة أخرى، عن غاية هؤلاء و عن وسيلتهم، هل الأمازيغية غايتهم كما يدعون أم هي الانتخابات كما يتصرفون؟
الانتخاب و الاقتراع و التصويت أدوات من بين وسائل الفعل الديموقراطي، يتم اللجوء إليها كليا أو جزئيا حسب ما تمليه المرحلة. لكن التاريخ و الهوية لا يجوز الاستغناء عليهما مهما كانت الظروف، بل لا يمكن التفاوض حولهما أو التخلي عنهما، لأنهما أساس وجود و لهما الأولوية بالضرورة. و كل من قايض الهوية و استبضعها، أو تنازل عن مكون من مكوناتها، فهو و أمثاله تجار يبيعون و يشترون في كل شيء. لا يهتمون بالوطن و لا يعيرون أي اهتمام للمواطن، شغلهم الشاغل هو هامش الربح الذي يحصلون عليه في آخر العملية.
و لا يتعلق الأمر هنا بتأثير الإيديولوجيا المهيمنة و سلطتها على الأفراد، لكون سلوك هؤلاء الأشخاص لا يظهر إلا في فترة الانتخابات. الشيء الذي يدل بوضوح تام أن تصرفهم هذا نابع من قناعة راسخة و ايمان عميق. ينصرفون “للدفاع” عن الأمازيغية متنكرين لمساعيهم خلال الفترات الممتدة بين المواسم، ليعودوا من جديد إلى ما يعتبرونه صدارة أولوياتهم.
للسياسة قواعد، و لفعلها قوانين. و للأمازيغ ذاكرة و ذكاء، لا يمكن النيل منهم بسهولة، أو تضليلهم بشكل مستمر. فلا داعي للختل و لا مبرر لإخفاء المساعي أو كتمان النجوى.
و في الختام، لا يشتغل في الضبابية إلا خاتل أو غادر لأن التعتيم و السرية قد طال عليهما الزمن، مثلهما مثل ورق أهل الكهف لا تؤتي الطعام و لا تقتني شرابا، الشفافية و الوضوح وحدهما أساس مصداقية كل فعل في المجتمع.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.