بقلم ذ.الفنان عمر أيت سعيد//
ومن الأدب العالمي اخترنا لكم رواية ” مارسيلا لاكوب ” في قراءة عاشقة لفصولها ، هذه الكاتبة المتمردة على الأنماط الغربية التي تراها تقليدية في نمط حياتها المعتمد على الزواج من أجل الإنجاب فقط ، هي من أصول أرجنتينية لكنها تشتغل بجامعة ستوربون بفرنسا وتدرس الآداب بذات الجامعة .
ومن خلال استنطاق عتبات النص، يستقبلنا عنوان مثير في البداية يظم حرف الميم بالفرنسية وبحجم كبير وكلمة الزوج بحجم صغير أي M و le mari أكيد هي تخاطب القارئ النموذجي الذي لا ينخدع منذ البدايات أمام العناوين فهذا العنوان يجعلك تعتقد مند الوهلة الاولى أنها تقصد السيد الزوج MONSIEUR LE Mari لكن بعد قراءة الفصول الأولى للرواية وبالضبط بعد الصفحة المائة تكتشف العكس تماما فهي تقصد بذلك ” الزوج الملعون ”le mari maudit ، هي تنتقد الأزواج المثقفون الذين لان ينتجون معرفة ولا ينفعون المجتمع بشيء .
وعلى مستوى مضامين هذه الرواية نجدها تتحدث على فكرة أساسية ومحورية بمعنى أن الرواية من خلال السارد تحاول تمرير و تصريف موقف مفاده أنه على المثقفين أن لا يتزوجوا فقط من أجل الإنجاب ” وبحكم كون زوج السارد في الرواية كان مثقفا لكنه كسول لا يكتب شيئا ولا يبدع فهي تنهال عليه بالانتقادات فتقول ” لابد للمثقفين أن ينتجوا أفكارا ونظريات فكرية تساهم في تسهيل الحياة امام العامة من الناس لا ان يملؤوا الدنيا أطفالا وضجيجا ” .
بالنسبة للكاتبة مارسيلا فالكتابات والروايات التي كتبتها تعتبرها أبناء و بنات ومواليد وجب رعايتها لتصل الى القراء، فتضيف بدل ملء المنازل بالرضع المخيفين الذين سيصيرون مراهقين أو مجرمين يوما ، سنكتب كتبا ستجعلنا نعيش أكثر وستبقى بعد مماتنا لتستفيد منها الاجيال ” فالكتابة إذن هي الحياة بالنسبة لها .
إذن هي رواية تصرف موقفا صريحا واضحا فالكاتبة عبر قناع السارد انتقدت زوجها كثيرا لأنه لا يعيرها اهتماما ولا يعتبرها ولا يفكر فيها كإنسانة بل بالنسبة له هي تشبه ألة للإنجاب ، لا يحترم أفكارها ولا كتبها ولا رواياتها ولا أحاسيسها ، هي انتقدت من حلال زوجها كل المثقفين اللذين يشبهون زوجها الذين لا يكتبون ولا يقرؤون ولا يساهمون في بناء المجتمع . وبما أن زوجها لا يشتغل رغم حصوله على ديبلومات عليا وهي التي تتحمل كل مسؤوليات الإنفاق على المنزل والطعام والملبس في نكران كبير لذاتها ومع ذلك لا تلقى بالمقابل ؟أي اعتراف ولا احترام، في البداية احست انها أفضل منه في كل شيء ثم احتقرته لأنه لا يكترث لوجودها في حياته فو لا مبال …
رواية بسيطة وسهلة القراءة لكن فيها افكار تستحق النقاش وتستفز القارئ لأنها تطرح ألا مفكر فيه إذ ترافع عن شريحة من النساء المثقفات ضحايا العنف الرمزي وضحايا تقاليد المجتمعات التي تسعى الى حصرها في المنازل وجعلها الة للإنجاب والرضوخ للأوامر …
كثيرة هي الأفكار التي أعجبتني في هذا الكتاب فمثلا نجد دور المرأة المهم في تحريك الثقافة خاصة في المجتمع الفرنسي في مدينة باريز منذ القرن 19 عشر ، كانت المرأة واسعة الثقافة وتكتب نصوصا أدبية رائعة وهناك الكثير من النصوص الأدبية التي نسبت للرجال وماهي في الحقيقة إلا نصوص سهرت على كتابتها أياد بيضاء لنساء لا يستطعن الظهور في تلك الازمنة …
تحدثت الكاتبة عبر قناع ساردها كذلك عن المجرمين الذين كانوا يتفننون في قتل النساء في باريز فعرجت الى ذكر قصة أحد المجرمين الذين كانوا يختارون بعناية النساء اللواتي يظن أنهن يعانين الحرمان والفقر فيتصيدهن لقتلهن تم يكتب على اجسادهم أبيات شعرية من أبيات الشاعر الفرنكفوني العالمي ” بودلير Charles BAUDELAIRE ” لأن المجرم بحكم ثقافته يعتقد أن الحياة ألم بالنسبة لهن وجب تحريرهن منها بالقتل . هكذا تعتقد الساردة عبر سردها. و أن زوجها يمكن أن يكون مجرما إذا استمر على هذه الحال لا يقرأ و لا يكتب ولا يبدع ولا ينفع المجتمع بشيء .خلاصة القول بالنسبة للكاتبة مارسيلا لاكوب لكي نعيش لابد ان نكتب .
بقلم ذ.الفنان عمر أيت سعيد .
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.