بصرف النظر على الاستعدادات الكبيرة التي قامات بها تونس من أجل استضافة مثلى للقمة العربية الثلاثين غدا الأحد، بالتزامن مع الذكرى الرابعة والسبعين لتأسيس الجامعة العربية، والإجراءات الأمنية الاستثنائية التي اتخذت بهذه المناسبة، فإن قمة تونس تطمح لتكون قمة توحيد الصفوف.
وعلى الرغم من الوضع الدقيق والمعقد السائد في المنطقة العربية، والاختلافات الكبيرة التي تطبع بعض القضايا الساخنة، فإن المراقبين يعتقدون أن الوقت ملائم لكي تستعيد جامعة الدول العربية نفسا جديدا.
وستعتمد الدول العربية في هذه القمة، في ظل توافق في المواقف، سلسلة من القرارات القوية بشأن القضية الفلسطينية التي تحتل مكانة جوهرية ضمن جدول الأعمال، وكذلك بشأن القرار الأمريكي القاضي بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، ومواصلة مكافحة الإرهاب، وضرورة إعطاء مضمون ملموس للعمل العربي المشترك، وخاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
ومن هذا المنطلق فإن قمة تونس تتيح فرصة حقيقية لإذابة الجليد، وإعطاء إشارة واضحة على التزام بلدان المنطقة بطي صفحة فترة طويلة طبعها الجمود وتواتر الانقسامات والتوترات، وللقيام بخطوات ملموسة على مستوى العمل العربي المشترك.
وي ظهر حضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ورئيس الاتحاد الأفريقي ألفا كوندي و مفوضة الأمن والسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي مدى البعد الذي تريد تونس إعطاءه لهذه القمة التي تطمح إلى التوصل إلى نتائج تنسجم مع تطلعات الشعوب العربية والتحديات التي تواجهها المنطقة العربية.
وعلى الرغم من أن سوريا غير ممثلة في قمة تونس، على اعتبار أن استعادتها لعضويتها في جامعة الدول العربية تبقى مسألة شائكة تحتاج إلى مزيد من الوقت وتتطلب إجماعا ما زال بعيدا عن المنال في الوقت الراهن، فإن الملف السوري سيكون نقطة محورية في جدول أعمال هذه القمة.
وعلى الصعيد الجيواستراتيجي، فإن قمة تونس تنعقد بعد أيام قليلة فقط من القرار الأحادي الجانب الذي اتخذته الإدارة الأمريكية بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان المحتلة. وهو ملف سيحظى بإجماع القادة العرب خاصة وأن قرار الرئيس دونالد ترامب قوبل بالرفض من قبل المجتمع الدولي الذي يرى فيه محاولة لنسف القانون الدولي باعتباره ينتهك بشكل سافر قرارات الأمم المتحدة.
والشأن نفسه ينطبق على القضية الفلسطينية، في ظل تضاؤل آمال التوصل إلى تسوية عادلة ومنصفة وتزايد الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية.
وغني عن القول إن القضية الفلسطينية ستحتل مكانة جوهرية في أشغال قمة جامعة الدول العربية بتونس وستحظى باهتمام خاص. كما أن إعادة فلسطين إلى الواجهة على الساحة العربية بعد الأحداث التي وقعت منذ عام 2011 في العديد من الدول العربية، يبدو أمرا ملحا، لاسيما بعد قرار الولايات المتحدة بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة.
وفضلا عن الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل التخفيف من معاناة النازحين واللاجئين في المنطقة العربية، سيتم إيلاء اهتمام خاص بمناسبة القمة الثلاثين لجامعة الدول العربية إلى مواصلة مكافحة الإرهاب الذي يهدد المنطقة بأسرها؛ من خلال حرب ستكون متعددة الأبعاد، وستركز على نحو خاص على القضاء على الأسباب الاجتماعية والثقافية التي تسبب هذه الآفة، في إطار تعزيز الجهود العربية في هذا المجال.
وستولي القمة أخيرا أهمية خاصة للعمل العربي المشترك. فقد انكب المندوبون الدائمون لجامعة الدول العربية الذين اجتمعوا في تونس منذ يوم الأربعاء الماضي على دراسة 11 بندا تدخل في إطار التعاون الاقتصادي والاجتماعي.
وتم الاتفاق، في هذا الإطار، خلال الاجتماع التحضيري للقمة العربية الثلاثين التي تنعقد غدا 31 مارس، على صيغة مشروع قرار بشأن تزامن انعقاد القمتين العادية والتنموية: الاقتصادية والاجتماعية، وتتضمن هذه الصيغة الموافقة على تزامن انعقاد القمتين مرة كل أربعة أعوام، على أن يتم تطبيق هذا التزامن بعد انعقاد الدورة الخامسة للقمة التنموية في موريتانيا عام 2023، وفق ما أكده أول أمس الخميس بتونس العاصمة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.