بقلم : سناء صبوح
إيماناً من الفنان يونس العلوي أن للمسرح دوره الهام كقوة هادفة في العالم ، و لأن عنصر الإبداع في المسرح يرتبط بالتعبير عن خفايا المشاعر و الروح ، بحيث يتاح لنا إقامة حوارنا الذاتي بيننا و بين أنفسنا ، اقتنص صورة جسد فيها واقع امرأة ترزح تحت سيطرة رجل . و من هنا بدأت الأحداث و بدأ استيعابنا لكل مفردات العمل التي أراد لها الفنان يونس العلوي الظهور بلقطة معبرة حتى حدود الأحرف الناطقة !.
صمتٌ خيم على المسرح بعد ضجيج أقلق الروح بمفردات كان من الصعب الوصول إليها سوى بغضب عارم اجتاح نفسيهما ، فأطلقا العنان لكل المفردات.
صورة من الواقع…كيف يبدو واقع امرأة أرهقها مجتمعها بترهاته ، و أرهقت نفسها بالإنصات إليه ؟! ، فغدت معلقة بأرجوحة الكذب بين الواقع و ما تشعر به !.
نظارة شمسية مع حروفٍ غير واضحة المعالم هل وضعها ليحتمي بها من أفكاره ، و ليخفي شخصيته التي قضت عمرها معها؟.
أين هو بذهنه؟ ، هل هو شاردٌ عنها بحفلة قضاها و تأخر ؟ ، و كيف كانت سعادته القصوى قبل مجيئه البيت ؟، هل يفتخر الآن بغدر أفكاره مع جريدته التي تحكي قصة الأمس ، و التي التقطها عن الأرض بعد أن كورها بيديه لحظة الخلاف ؟
الآن يفردها… يتمعن بها ، و كأنها مرآته… للثقافة مكان حتى في أحلك اللحظات !. يعيد فتحها و فردها و أنتِ تسمعين كل هذا بقلبك و بأنين الجريدة ، فهو لا ينسى أن يضع ساقاً فوق الأخرى ليعلن انتصاره ، بإضاءة اتجهت إليه فهو بطل قصتنا!
أنتِ في انطواء على الأرض وكأنك سقطت سقوطاً عليها! ، بين انكسار الروح و النفس ، يدٌ تعلو الصدر لتكتم شهقات و نبضات جرح ألمَّ بك من حديثه .
إلى ماذا تنظرين سيدتي ؟ إلى أرضك التي فرشها بالنور أيام حبه الماضية…؟!.
هل تذكرين لقاءكما الأول ، أم خيبة أملك في لقائكما الأخير؟
تعيدين الحديث على ملامح ما بقي من روحك التي فارقتك لحظة الخلاف.
تذرفين دمعةً لكلمات…
تقطبين حاجبك لكلمات…
تبتسمين بدموع حارقة لجنون العاصفة التي ألمت بكما ، و كيف ألمت بكما؟!
تتساءلين كيف استطاع قول هذا؟ ، هل وضعته أمام نفسه لسنين قضت و مضت ؟، و كنتِ حينها تخفين دمعك ، تقولين له ربما من آثار طبخ أو ربما آثار حرقة عين ألمت بك.
نغور لأعماقك سيدتي ، لنضع مشكلة اجتماعية أمام أعين القارئ ، هل هو اختلاف بالطبع؟ ، اختلاف بكل شيء؟! ، و لا ذنب لأحد سوى أنكما لم تريا هذا الاختلاف بينكما.
أم رجولته التي اكتسبها على مر التاريخ ، من سطوة مجتمع أتاحت له ذبحك بالكلمات بوجه ملائكي يلبسه ، و نعتك بالجنون ؟.
هو بارعٌ في تحطيم الروح ، ينتقي ألفاظه بعناية ، و إن كانت لحظة غضب ، يجعلك تدورين في دائرته المفرغة ، و تسألين نفسك أسئلة المتهم ، هل نجح بالإيقاع بك و تحطيم ثقتك بنفسك ؟
لا يتخلى عن كبريائه أو هدوئه بعد الخلاف ، يمسك بجريدته التي شهدت الحدث كله ..
تناجين نفسك الآن ، تصرخين من أعماقك :
“لم يؤرقني رحيلك يوماً ، كان يؤرقني حضورك !.
التهمت روحي من كثرة السؤال ، لم أفعل شيئاً ! ، و ربما فعلت كل شيء.
أين تكمن حقيقة ما جرى؟
غمامة سوداء لم تمطر ، أخافتني و انسحبت ببرقها ، تلك الأيام لم تكن لنا… و أنت لم تكن لي!.”
كل التقدير الفنان يونس العلوي لمشاركتنا إحدى مشكلات المجتمع المستترة ، العنف النفسي تجاه المرأة بعمل كان له تميزه و حضوره فلا أشد حقيقة من خشبة المسرح لتروي لحظاتنا الإنسانية بكل أطيافها.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.